• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

بحث عن حسناء! (قصة)

عبدالله محمد أشرف سعد


تاريخ الإضافة: 30/7/2015 ميلادي - 13/10/1436 هجري

الزيارات: 4783

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بحث عن حسناء!

 

(1)

"اذهب يا محمد، العب مع حسناء".. كانت تلك العبارة المألوفة لدى ذوِي السنوات الأربع، فهما في سنٍّ واحدة، وتلك العبارة هي الحيلة الوحيدة التي تُخرجهما من المجلس حتى لا يُفسدا الأثاثَ بالعصير والشاي، ولترتاح الأُمَّانِ في حكايات جلسة العصر الدورية.

 

الجاران أَلِفا الالتقاء معًا يومًا بعد يوم.. صحيح أنَّهما مختلفان في جنسهما، لكن ذلك لم يَحُل بين لعبهما معًا؛ تارة بلعبة ذكوريَّة بَحتة، فيتراميان الكرة لبعض الوقت ويتحدَّى بعضهما بعضًا في إدخالها في أحد أبواب الصالة، أو ضربها في علبة صغيرة وُضعَت في إحدى الزوايا، وحينًا يصفِّقان أكفَّهما ببعضها في مشهد من مشاهد ألعابٍ اعتدنا أن تلعبها الإناث.

 

ذكية هي الأنثى، تتفوَّق عليه في كثيرٍ من التحدِّيات، وحين تغيظه بانتصارها، يستخدم سُلطة الذَّكر: القوة؛ فيقفز إلى شعرها المنسدل خلفها ليجرَّها إليه، ويسمع صراخَها، ويحوِّل فرحتَها بالفوز إلى دموع سرعان ما تنهمر.. دقائق بعد فضِّ الاشتباك، ويعودان للَّعب من جديد.

 

(2)

محمد وحسناء.. يَكبَران معًا، يلعبان معًا، ويرفضان المغادرةَ بعد اللقاء، يريدان أن تطول جلسات النِّساء ليلعبا معًا وقتًا أطول.. لم يُدرِكا بعدُ سُنَّة الحياة في اللقاء والافتراق!

 

لم يدركا بعدُ أن اللقاءات مهما طالت، تُختم بفراقٍ قد يكون بوداعٍ لطيف، ودموع منهمرة، وعناق تلتحم فيه الأجسادُ لبعض الوقت.

 

أو يكون فراقًا بشكلٍ آخر، وما أكثر أشكال الفراق!

 

كانت أمُّ محمد تنظر في دموع صديقته الصغيرة وهي تترقرق، وتناشدها: لو سمحتِ اجلسي بعض الوقت؛ لألعب معه وقتًا أطول.

 

تُدرك الأمُّ أنَّ تلك اللحظات تشبه لحظات الفراق الصعبة؛ لكنها بريئة أشد ما تكون البراءة، وبسيطة أكثر من البساطة نفسِها!

 

كم نودُّ في أشكال فراقنا المختلفة أن ننادي نداء حسناء:

لو سمحتَ يا موت، تأخَّر قليلاً؛ أريد أن أجلس معه، أؤانسه، أسمع ضحكتَه، أو أي صوت منه، ولو بكاء!

 

لو سمحتَ يا غضبُ، ابتعد قليلاً؛ لا تكن سببًا في مغادرته، وفراقنا؛ أريد أن أرى بَسْمته، وأسمع كلمات رضاه!

 

لو سمحتَ يا سفر، تأجَّل أكثر.

لو سمحتِ يا أشغاله..

لو سمحتِ يا وظيفته..

لو سمحت.. لو سمحت..

 

نداءات كم نودُّ أن نقطع أسباب الفراق بأدب.. بذَوق.. ببساطة (حسناء).. لكن!

 

تعرض الأم قائلة: لا يا بنتي؛ مستعجلة، إن شاء الله مرَّة ثانية!

 

تمامًا كما نقول ذات فراق: إلى اللقاء.. ونحن غير واثقين من تكرُّر ذلك اللقاء.

 

وحينًا نسمعها مدوِّية: وداعًا، هي هكذا أكثر صراحة وأشد وقعًا؛ لكنَّها في كل الأحوال ليست أسوأ من ألا نسمعها أبدًا.

 

حين ينسلُّون من بين أحضاننا راحلين..

 

أو حين يخطفهم منَّا خاطف.. أيًّا كان!

 

(3)

وكان لا بدَّ أن يصلا إلى مفترق الطرق.

 

لقد كبرتِ (يا حسناء)؛ لا ينبغي أن تلعبي مع الأولاد.

 

ولكنَّه مثل أخي يا أمي؟!

صحيح يا بنتي، هو مثل أخيك، لكنَّه ليس أخاكِ، يجب أن تدركي هذا!

 

تبدو تلك اللحظات هي الأسوأ لهما في تلك السنِّ، أو بعبارة أخرى: هي بداية شعورهما بجزء من الأجزاء القاتمة في الحياة؛ ليس بالقرار ذاتِه، ولكن لفهم الفراق بأسلوبٍ آخر مختلف، أسلوب يشبه أساليبَ الكبار.

 

أسلوب يفسِّر لهم أحدَ أسباب بياض الشَّعر في رؤوس ولِحى كبار السن.

 

كان عليها أن تفكِّر مليًّا في قالة أمها.

 

وعلى محمد هو الآخر أن يفكِّر أكثر بكثير.

 

سأكون ذكوريًّا هذه المرة وأزعم أنَّ الرجال أصدق في المحبة، وأشد تأثُّرًا بالفراق!

 

يعود (كل محمد) إلى التفاصيل بعد الفراق، حتى تلك التي لم يكونوا يأبهون بها في لحظاتِ معايشتها.

 

يجمع ما يمكن جمعه ليصبح ذِكرى، ويعود إلى الطريق، يشعر معه بصداقةٍ لم يكن يستشعرها سلفًا.

 

يعود للباب كلَّ يوم، الباب المغلق، والذي يعلم أنَّه لن يُفتح له.

 

يقف أمامه، يفكِّر في طَرْقه، يتوقَّع الرد، فيعود أدراجه عائدًا.

 

"اذهب يا محمد، لن تلعب مع حسناء"؛ هكذا يتخيَّل الردَّ! والذي كان بالأمس مشابهًا: "اذهب يا محمد، العب مع حسناء".

 

واليوم: اذهب يا محمد، ابحث عن أيِّ (حسناء)؛ فالحسناوات كُثُر!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة