• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

سلمى وشجرة التوت .. الحكاية الأخيرة (3)

سلمى وشجرة التوت .. الحكاية الأخيرة (3)
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 3/12/2014 ميلادي - 10/2/1436 هجري

الزيارات: 4930

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلمى وشجرة التوت

الحكاية الأخيرة (3)


المطاردات التي كانت تقوم بها (مَلَك) نحوي قد جعلتني أرجو من الليل القدوم، وأسأل الشمس الغروب؛ لتخرج (سلمى الخامسة) بقصتها الأخيرة، وتتم ثلاثيتها في شأن القصة؛ فإن تساؤلات (ملك) طوال النهار أتعبتني.

 

فما استجابت الشمس إلا لوقتها، وذكرتني بميعاد جريانها لمستقرِّها، فقلت:

صبرًا يا (ملك) صبرًا، فالليل آتٍ آتٍ، ولو قدَّر الله لنا حياة لسمعنا من (سلمى الخامسة) باقي قصتها.

 

وكانت (سلمى) نفسها تتطلع للخروج من بين الكتب العتيقة وعبقها القديم تتنفَّس الصعداء، وتبرئ ذمتها من عهدة الراوي التي ألصقت بها، وتنظر كيف سيكون حال (ملك) فيما بعد.

 

فقالت (سلمى) بعدما تهيَّأنا للجلوس معًا، وقد ساد سكون الليل الذي أعشقه جنباتِ المكان، فلا تسمع إلا همسًا، وحفيف الورق، وبعض هزَّات الشجر من وراء النافذة المغلَقة: ولما رجع المطيع إلى إخوته يحكي لهم ما سمع وما قاله الرجل (الوافد)، حدَث ما حدث في المرَّة الأولى، وبدأ الإخوة يتقاذفون الشتائم، وكذلك النسوة.

 

وبنفس السكينة التي أُحبُّها من هدأة الليل أصبح الإخوة في هدوء، وكأن المفاوضات مع الزيجات قد أسفرت عن نتيجة! أوحت لنا بذلك (سلمى الخامسة).

 

قالت (ملك) في لهفة: علام استقرُّوا وانتهى بهم الرأي؟


سلمى: لقد فوَّضوا أوسطهم المتكلِّم فخطب فيهم:

يا إخوتي، ألا تستبصرون مقصِد الرجل؟ هو ماكر، لكنه لا يُلام على مكره، وليس بمكرٍ سيِّئ، هو يريد أن يقول لكم: إنه ما عاد يريد الغصون، إنه يريد الشجر.

 

ماج الإخوة، وماجت النسوة، وقالوا: الشجر! كيف؟!

الأكبر: فليصمت الجميع حتى نُفكِّر.

 

ساد الصمت سيادة بمزيج من ذهول، حتى لو سقط المخيط على الأرض لسُمِعَ رنينه، وكان الكل على حذر من أن يبادر إلى قطع شجرة واحدة من بستان أبيهم وجدِّهم الكبير.

 

"راح كل واحد منهم يذهب بخياله إلى ذاكرته القديمة، وكلهم يتذكَّر تواريخ زراعة الشجر، وكيف كان الجد الكبير يُكَنِّي الأشجار بأسمائهم، ويبيت الواحد منهم على قناعة أن تلك الشجرة صارت من أولويات اهتمامه؛ فيواليها بالريِّ والعناية، تذكَّروا فإذا هم نادمون، لكن (الأوسط المُفوَّه) قد قطع عليهم وصلة اللحن القديم، وهتَكَ أوتار الصبابة كما هُتكت أشجارهم؛ بغية الربح المريح، فقال:

كم شجرةً بالبستان لم تعد تثمر؟

فقال أحدهم: ما يزيد عن العشرة.

 

فنظر في وجوه إخوته؛ فما عثر على امتعاض قدر ما هو استسلام ورضا بالبتر، فقال لهم:

فلنبترها ولنلتفت لبستاننا من اليوم، حتى لا نبحث عمن يقُوتُنا ويعيشنا، أليس كذلك؟

فقالوا جميعًا: بلى هو كذلك.

 

هنا ابتسمت (ملك) ابتسامة عريضة، وعلت ضحكاتها حتى قالت لها (سلمى):

ما بك يا (ملك) يا صغيرتي؟

 

قالت (ملك): كم هو ذكي بارع ذلك الأوسط في إخوته!

قالت (سلمى): ليكن أبوك كذلك يا ملك.

 

نفرت (ملك) وقالت:

لا، ولم تعقِّب.

 

لا أدري أي شعورٍ قد انتابني! ولأول مرة لا أفهم إن كان كلامها مدحًا أم ذمًّا، فقلت لسلمى القاصَّة: أتمِّي ولا تقفي حتى ننتهي.

 

استجابت (سلمى)؛ فهي على نفس الدرجة من الشعور الذي يقيدني، وقالت:

وذهب (مطيعٌ) ثانيةً للرجل، وعرض عليه ما اتُّفق عليه، فوافق الرجل الوافد، فطار المطيع إلى إخوته يبشِّرهم ويمنِّيهم بالمال الوفير، فتهيَّأ الجميع لملاقاته، ونزل الكبير من على كرسيِّ المهابة يسلِّم عليه، ويصافحه، وصار صحن الدار الكبير مقرًّا لاستضافته.

 

فقالت ملك: كرام، كرام!

وقالت سلمى:

وبُترت الشجرات العشرة، ونُقلت إلى حيث يقطن ذلك الوافد، فضربت الشمسُ بأشعتها البستان، وتخلَّلت البستان.

 

وقالت النسوة: ما أجملَ رأي أخيكم (الأوسط)!؛ لقد تنفَّست الحديقة، وانتشر الأولاد في البستان يلعبون شتى الألعاب ويمرحون، وأمهاتهم من النوافذ التي انكشفت ينظُرْن ليحصين باقي الأشجار، يتربصن بكل شجرة لا تُثمِر، أو تتأخَّر في إثمارها.

 

أردتُ أن أثبت وجودي؛ فألقيتُ بمعطفي القديم الثقيل عن ظهري، وقلت:

يا سلمى، وما شأن شجرة التوت؟

 

سكتت (سلمى) ولم تتكلَّم، فراحت (ملك) تقول لها:

يقول لك أبي: ما شأن شجرة التوت التي عليها نقوش من زمن الحبِّ، والقلوب التي لم تخترقها الأسهم، وتواريخ ميلاد الأعمام والأبناء والأحفاد؟

لم تتكلَّم سلمى!

 

فكرَّرت (ملك) السؤال عليها، وقالت: يقول لك أبي:

ما شأن شجرة التوت التي لم يعد غيرها في البستان تتوسَّط الحديقة؟

لم تردَّ (سلمى).

 

نهرتها (ملك)، وما كان لها أن تنهر من يكبرها سنًّا؛ فما علمتها أن تعامل الكبير بغير لطف وأدب.

 

خرجت سلمى من جديد لتقول:

وحدث أن جاء (سائل) بجوار الحديقة يطلب السقاية، فخرج له الصغير وقال له: يا بني، أطعمني ثمارك، فهمَّ الولد فأطعمه من شجرة التوت، فقال للحفيد:

ألا يوجد غيرها؟!

فقال الولد: لم أعهد غيرها بالبستان!

 

فقال (السائل): إن إشاعة سرت بين الناس أن تحت شجرة التوت العتيقة (كنز مخبوء)، فضحكت (ملك) حتى علَت ضحكاتها، في حين فرَّت (سلمى) بإهابها القديم الذي يشبه - إلى حد كبير - معطفي القديم الثقيل، وظلَّت ملك تنادي (سلمى)، و(سلمى) قد امتنعت تمامًا عن الكلام، فقلت: صغيرتي (ملك)، لم يعد في القصة ما يُقال؛ (فالصفحات بِيض).

 

قالت: بل قُل يا أبي: (صفحات فارغات)، وبعون الله نحن من سيكتبها مُشرقات.

قَبَّلت بنيَّتي الغالية بين عينيها، ثم دَلفتْ لحجرتها.

 

ولكني لما خلصتُ لنفسي نجيًّا، قلتُ متعجِّبًا:

من قال (لملَك الصغيرة) بأن هناك شجرة توت هي آخر شجرة في البستان تتوسَّطه بها، يتوارى الإخوة من أعين الناس الشامتين والقاعدين لهم بكل صراط!

 

بل قل: من أنبأها بأن الشجرة العتيقة عليها رسوم ونقوش من زمن الأصالة، ومدوَّن عليها أيام أتراح، وساعات أفراح، ومناسبات مجيدة؟ إن في الأمر مكرًا!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة