• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

سلمى وشجرة التوت.. الحكاية الأخيرة (2)

محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 1/12/2014 ميلادي - 8/2/1436 هجري

الزيارات: 4368

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلمى وشجرة التوت

الحكاية الأخيرة (2)


وفي الليلة التالية، التي ستجلس فيها صغيرتي (ملك) لتستمعَ لـ: (سلمى) باقي قصتِها، وننهي تلك السلسلة لحكايات (سلمى)، كنت قد تجهَّزتُ (لسلمى) بالرد والمواجهة في حال هجومها البياني عليَّ، واستعنت بالله الكبير العلي.

 

وإن إلحاح (ملك) طيلةَ اليوم باستكمال القصة دعاني لأن أجلسَ بعد صلاة العشاء، وأحتسيَ كوبًا من الشاي - فهو أهون من (القهوة العربية المُرَّة) بكثير - فأقطع على (سلمى) طرائقَ التبكيت، وعلى صغيرتي (ملك) السهرَ الكثير، فما أعذبَ النوم! فلا لسان يَعِيبُ في الورى، ولا عين سترى ما يؤذيها ويملأ سلة السيئات.

 

أمسينا ثلاثةً (ملك) عن يميني و(سلمى القاصَّة) أمامي، وأنا القابع في مِعْطفي القديم أستجدي الدفء.

 

قالت (ملك): السلام عليكِ يا سلمى الجميلة، كل قصصك رائعات، وغاية في البيان، غير أن الحال في كل قصة هو الحال؛ فإما وقوفًا على الأطلال، وإما تذكرةً بأيام الأصالة والزمن الجميل، فما المحصِّلة من سرد مأثور، ما دام المستمع لا يسمع، والمبصرُ لا يستبصر؟!

 

أحسَسْتُ بثقل المِعطف على ظهري فألقيته، ونظرت (لسلمى)، وبادلتني النظرة، ولسان حالنا يقول:

ما هذا الأُفولُ الذي اعترى (ملك)؟! إنها حتى الآن لم تعرض عليَّ بصفة الأُبوَّة إعداد فنجان (القهوة العربية المٌرة).

قالت (سلمى الخامسة) ولم تعقب على تعليق (ملك)، وقد ضممت مِعطفي القديم ثانيةً عليَّ من البرد، وقلت (لملك) بأسلوب كله رقة:

ليس هذا أسلوب البنت المهذبة يا (ملك)، وفي حضرة أبيك! إنما الطيبات مَن إذا جلسنَ مع الكبار وقَّروهنَّ، وأعطينَ صاحب الإجلال إجلالاً.

ابتسمت أخيرًا (ملك)، فقلتُ لها:

يا بُنيَّتي، فلتشكري للقاصَّة اكتنازَها لجميل القصص؛ فإن الأصالة إن صادفت إخلاص المعاصرين عادت بثوب جديد، وعندها نكون في الاستباق أسبق، وفي الرقيِّ أعلى ولنا حُلة ورونق.

 

قالت (ملك): دعوني أسمع وأحكم، وما غضبت منكم، ولكنه فرط حب لكم.

 

قالت (سلمى):

لنُتمَّ الكلامَ بعد الصلاة والسلام، فقلنا معًا: عليه الصلاة والسلام، فقالت:

"ولما كان عطاء الرجل (الوافد) لهم كل مرة بوفرة، فقد أسهم بشكل كبير في تدبير قوت الدار وشؤون العيال، كان ذَهاب أحدهم إليه يسأل عنه من باب الضرورة المُلحَّة، حتى ولو لم يُظهروا ذلك للنسوة، ولبعضهم البعض، فلمَّا دخل الأصغر عليه وسلَّم قابله الرجل (الوافد) بحفاوةٍ جعلتِ الأصغر يتجرَّأُ ويرفع الكلفة بينهما، ويقول:

والله لقد افتقدك الإخوة كلُّهم، حتى الحفيدُ الذي يسقيك من صنبور المياه الجوفية الكائن بحديقتنا، فلقد ظننا بك مكروهًا أو بعض شأن، فتوجب علينا السؤال عنك؛ فالناس للناس، أليس كذلك؟

الوافد: بلى هو ذلك، ولأنكم كرامٌ لرجل كريم وأصل عريق ستلتمسون للناس الأعذارَ، ولا ترضون لهم الخسارة والكساد.

 

انقبض الصغير، وقال بتوجس: أي خسارة؟! وأي كساد؟! عاهدناك كريمًا، وما فرضنا عليك سعرًا لسلعتنا، ولو تذكر يوم أن قلنا لك: هي لك بلا مقابل، لكن إصرارَك هو ما جعلنا نرضى ببيعها، أليس كذلك؟!

الوافد: بلى هو ذلك يا بني، وعهدي بكم أنكم كرام أسخياء.

 

ثم قال خجلاً:

لقد تعرفت هذا العام على بستان قريب، يُشبِهُ - إلى حد كبير - بستانَكم الماتع، لكنه ليس بحلاوة وازدهار بستانكم، لكني قبِلتُ الشراء من صاحبه؛ نظرًا لسهولة النقل، ولقلة التكاليف في الشحن.

 

هنا لعبت الهواجس برأس وعقل الصغير، وأحس بثقل الرسالة!

 

فقطع (الوافد) عليه فرصةَ الوقوف على أطراف الندم، وقال له:

والله ما وجدت أكرمَ منكم في العطاء وفي الجود، ولكن كما ذكرت لك، فالتمس لي عُذري، ولا تغضَبْ مني، وبلِّغ كبيركم أنه من أكرم الرجال.

 

قالت (ملك) بوجه جاد: وبعد؟

استطردت (سلمى الخامسة) تقول: ورجع أصغرُ الإخوان لإخوته يقصُّ عليهم ما قيل له، فعلا الصوت، واتهم بعضهم بعضًا بإهدار كرامة الدار.

 

فجعلوا يتخاصمون:

نحن من نذهب لمثل هذا! ما هذا الصَّغار والمهانة؟!

وانفض كل واحد منهم لجبِّ أسراره، وقالت لهن زوجاتهن: ما بالكم؟! ألا تلتمسون للرجل العذر فيما قال، وأن دياره بعيدة بعيدة، وأن عطاءه لنا كثير؟! فليذهب أحدكم غير الذي ذهب، ويعرض عليه تقليل المدفوع، والمساهمة في النقل.

 

التقى الإخوة في الصباح، وقد زال عنهم الغضب، وقال بعضهم لبعض ما قالته الزوجات، فقالوا: المشورة أفضل مع أكبر الإخوة.

 

وكبير الإخوة يا (ملك)، يا قرة عين أبيك، لم يكن ليذرَ إخوانه يفعلون ما تأمرهم به نساؤهم حتى يستفيض في الأمر، ويستنتج العلل، ويحفظ ماء الوجه.

 

فقالت (ملك): واضح واضح، وبِمَ أشار؟

قلت في نفسي: أجمل ما في تلك الليلة مِعطفي الهارب أنا فيه من نظرات ملك، ومن عيون سلمى!

 

قالت (سلمى الخامسة):

وبحكمة الكبير قال: ليس عيبًا أن ينظر الرجل (الوافد) مناحي نيل الكسب الأسرع والأوفر له، وما في ذهاب أخيكم إليه أي مَعَرَّة أو إهانة.

 

الأوسط في الإخوة قال: يا أبناء أبي، إن الرجل ربما عرض ذلك يريد أن يقلِّلَ ما يدفعه كل عام؛ فهو في النهاية ينشد الربحَ، وكما أسلف لنا أنه يمتهن الطب، وإن مهنة الطب تتطلب من الباحث في شؤونها إنفاقًا وتقديرًا للوقت واختصارًا له.

 

قال الأكبر: إذًا ماذا ترى؟

قال الأوسط: علينا - وليس ذلك عارًا أو عيبًا - أن يذهب أخونا الأصغر ثانيةً له، ويخبره بتفهُّمنا - جميعًا - وجهة نظره الثاقبة، ويلتمس له مبرِّراته، ويترك له فرصة تقدير شراء الغصون، ولنقدر نحن أقوات الدار بما يتلاءم مع ما يعطيه لنا لقاء بيع الغصون.

 

(ملك): كلام جميل، واتِّساق في العبارة، وانتهاج للوسطية بما لا يظهر ضعف الطالب، ولا سطوةَ مَن بيده اتخاذ قرار.

 

لم تعقِّب (سلمى) على كلام (ملك)، وإنما كانت أمنيتي أن تُتمَّ سلمى قصتَها، وأتخلص من معطفي القديم، وأنهض إلى فراشي الوثير كم اشتقتُ إليه كثيرًا!

 

وقالت سلمى:

رفض الأخ الأصغر الذَّهاب، فأرسلوا غيره، ويُدْعى (مطيعًا)، وقال للوافد ما قال الأكبر، وأشار به الأوسط، فقال الرجل الوافد:

أنتم كرام من أصل كريم، وما وجدت ولا عثرتُ على أحد في الناس أكرمَ منكم دارًا ورجالاً.

 

قال (مطيع): ونحن والله نشاطرُك المحبةَ، فانظر ماذا ترى؟ فنحن نتمنى وصالَك وَوِدَادَك، وإنك لكريم منذ ولجتَ بستاننا.

 

قال الرجل الوافد: أخشى ألا تُدرِكَ مقصدي، فما عدت أعمل بمهنة الطب، لقد تركتها لباهظ تكاليفها، ولقد صارت تجارة الأخشاب مقصدي الأخير، فقدِّروا موقفي يا كرام الناس.

 

رجع (مطيع) أسفًا! فلقد قُطِع دابرُ الأمل في شراء الغصون، وراح يقول في نفسه وهو هابط لقريتهم: هل كانت السنوات الماضيات حُلمًا جميلاً؟ وأي جمال في الحلم بعدما هُتكت الأشجار هتكًا، فضنت بجديد الفروع والثمر برغم الماء الجاري؟!

 

وكان سلطان النوم قد أنقذَ الموقفَ، فما عدت أطيق مِعطفي القديم الثقيل أختبئ فيه، ولا (سلمى القاصَّة البارعة) بقادرة على صدِّ هجوم (ملك) علينا، وكأننا من قلنا للإخوة: فلتفعلوا كذا وكذا!

 

فقالت (ملك) بعدما دعاها داعي النوم: لنُتمَّ في الغد يا (سلمى) قصتَنا، فقالت سلمى بفرحة غامرة: ذلك أفضل يا ملك؛ فلقد غلبكِ النومُ وغلب أباك أيضًا، فما هو بالمعتاد على السهر، وإن لك في الغد أن نتمَّ القصة كلَّها بإذن الله.

 

قالت (ملك): بإذن الله، ونرى كيف سيكون رد الأكبر والإخوة، وآراء النسوة، والله المستعان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة