• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

عبق من الزمن الجميل

عبق من الزمن الجميل
خلف أحمد محمود


تاريخ الإضافة: 20/11/2014 ميلادي - 27/1/1436 هجري

الزيارات: 9335

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبق من الزمن الجميل


كان سعيد بن عامر رضي الله عنه، أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنذ أن عانقت نسائم الإيمان رُوحه وقلبه، أعطى الإسلام كل حياته ووجوده ومصيره، وعندما عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب معاوية عن ولاية الشام، تلفَّتَ عمر حوله في أصحاب رسول الله، باحثًا عن رجل يوليه مكانه، وبعد تفكُّر وتدبر طويل صاح عمر: إليَّ بسعيد بن عامر، الذي اختاره واليًا على حمص، وانطلق سعيد إلى حمص، وفي صحبته عروسه، التي لم يكن قد مضى على زواجهما سوى أيام قلائل، ولقد كانت عروس سعيدٍ هذه آية في الجمال والرقة، وقد زوده عمر بقدر وافر من المال؛ ليستعين به على أعباء حياته الجديدة، وسرَّت العروس بهذا المال سرورًا كبيرًا، ورأت فيه السبيل لتحقيق أحلامها في تأسيس بيت يليق بجمالها، شأنها شأن كل عروس تصبو إلى حياة رغدة، ولما استقر بالزوجين المقام في حمص، اقتربت الزوجة من سعيد، وأخذت تحدثه في هذا المال الوفير، الذي أعطاه عمر له، ورغبتها في الحصول على ثياب جميلة، وأثاث فاخر، نظر إليها سعيد نظرة حانية، وهو يقول:

• ألا أدلك على خير من هذا؟

♦ وما هذا الخير؟

• نحن في بلاد تجارتها رائجة، وسوقها رائجة، فلنعطِ هذا المال مَن يتَّجر لنا فيه وينميه.

♦ فإن خسرت تجارته؟

• سأجعل ضمانها عليه.

• رأي صائب يا سعيد.

 

وفي الصباح الباكر خرج سعيد بن عامر إلى السوق، يحمل معه المال، فاشترى بعض ضروريات عيشه المتقشف، ثم فرَّق جميع المال على الفقراء والمساكين، وتمر الأيام، وتسأله الزوجة عن تجارته، وأين بلغت الأرباح، فيرد سعيد بوجه باسم، تجارة موفقة، والأرباح تنمو وتزداد يومًا بعد يوم بإذن الله تعالى، وتنظر الزوجة حولها، فلا تجد فيما حولها إلا حياة متقشفة، ولباسًا خشنًا، ونفسها تهفو إلى المتاع والزينة، وأناملها تتوق إلى أن تمسك قِلادة ذهبية، تُطوِّق بها عنقها، شأنها شأن كل امرأة زوجها أمير للبلاد، وذات يوم اقتربت من سعيد، وهي تسأله:

• ما حال التجارة يا سعيد؟

♦ بخير، والأرباح في زيادة.

 

• وما دامت بخير، والأرباح تزداد، فلِمَ تضيق علينا بهذه الثياب الخشنة، وهذا الزاد القليل؟ ألا أحضرت لنا بعض المال الذي نستعين به على أعباء هذه الحياة الخشنة؟! صمت سعيد قليلاً، ثم قال: لقد تصدقت بجميع المال في سبيل الله منذ ذلك اليوم البعيد، نزل الخبر على الزوجة كالصاعقة، وهي لا تكاد تصدق ما تسمع، أخذت الدموع تنهمر من عينيها، وهي تأسف على ذَهاب هذا المال، الذي تبددت مع ذهابه الحياة الرغدة التي كانت تصبو إليها، ومما زاد من حسرتها أنها لا هي ابتاعت منه لنفسها ما كانت تصبو إليه من ذَهَبٍ، وثياب، وأثاث فاخر، ولا هي ادخرت منه لتستعين به على عثرات الأيام، ونظر سعيد إلى وجهها المغرق بالدموع، فرَقَّ قلبه إليها، فهو يدرك تمام الإدراك كم هو يحبها، ولا يطيق أن يرى هذه الدموع في عينيها، أيقف خاضعًا أمامها يطلب منها الرضا؟! إلا أنه أفاق من لحظات ضعفه هذه، وبدأ رويدًا يتحرر من سطوة جمالها، فهو لم يفعل بالمال إلا أن تصدق به لوجه الله تعالى، مؤثِرًا رضا الله على عَرَض الدنيا الزائل، ثم التفت إليها، وهو يقول: لقد كان لي أصحاب سبقوني إلى الله، وما أحب أن أنحرف عن طريقهم، ولو كانت لي الدينا بما فيها - ثم واصل كلامه، وكأنه يوجِّه الحديث إلى نفسه معها - تعلمين أن في الجنة من الحور العين والخيرات الحِسان ما لو أطلَّت واحدة منهن على الأرض لأضاءتها جميعًا، ولقهر نورها نور الشمس والقمر معًا، فلأن أضحِّيَ بك من أجلهن، أحرى وأولى من أن أضحي بهن من أجلك، نزلت كلمات سعيد عليها سكينة هادئة، كالبلسم الشافي، وأخذت تجفف دموعها، وهي تقول: والله لا شيء أفضل عندي يا سعيد إلا أن أسير على دربك، وأقتدي بك، فأنت نِعْمَ الزوج، وعليَّ من الآن أن أحمل نفسي على محاكاتك في زهدك، وورعك، وتقواك، مُؤْثِرَة ما عند الله عز وجل على عرض هذه الدنيا الزائل، ثم تعانق الزوجان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة