• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الخروج

محمد ولي الدين


تاريخ الإضافة: 29/7/2009 ميلادي - 7/8/1430 هجري

الزيارات: 5956

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هناك حلم كان يراودني كثيرًا عندما كنت طفلاً صغيرًا، أجلس في إحدى الغرف وحدي، أنطوي على نفسي، ينكمش جسدي على بعضه من الخوف، يقشعرُّ جلدي، أغمض عيني، أراني خارجًا من البيت يودعني إخوتي بدموع، ولكن فرحًا، تودعني أمي بدموع ليست دموع الفراق؛ ولكنها دموع الشفقة.
وأنا أدمع بالدماء الغزيرة الصادقة دماء الأخوة والأمومة معًا، لا أريد هذا الفراق، أتمني لو أبقى معهم، لكن فات الأوان.

أقول لهم:
"أعطوني قلمًا من أقلامي وكراسة؛ لعلي أحتاج إليهم عندما أذهب للمدرسة، وهذا القميص أحبه، اسمحوا لي بأخذه"، أي مدرسة وأي قميص هؤلاء …   ثم أخرج على مهل، أجرّ رجلي على الأرض، أسير في الشوارع والأزقة لا أحد يلتفت إلىّ من صغري، ثم آوى إلى أي ركن فأنام، والدموع تنزل من عيني كأنها اللؤلؤ؛ لكنها تقع الآن على الرمال.

وفي هذه الأثناء وما قبلها أتذكر، أتذكر أن أمي لم تقبِّلني يومًا من الأيام قطّ، أتذكر أنها لم تأخذني في أحضانها يومًا ما، أتذكر أنها كانت دائمًا تهتم بهم دوني، حتى شعرت أني لست مرغوبًا فيّ، شعور قاتل مؤلم ، لماذا هذا الجحود؟! ألست ابنها؟!

تخرج العبرات من عيني المغلقة، بعد أن ملأت قلبي، فطفحت بها عيني، حينها يزداد جسمي في الانكماش، وكأنه يريد أن يلمَّ نفسه ويحتضنهم، جلدي كله يصاب بالقشعريرة الشديدة، أشعر بالبرد وكأن وحدي في الصحراء، وأي تحريك للهواء في الحجرة الصغيرة، أشعر وكأنه إعصار يطيح ببدني كله.

حينها تنهال المواقف والذكريات، وكأني لست في غرفة صغيرة أقاسي الوحدة والخوف، والذكريات المرَّة، لا، بل كأني عند طبيب نفسي تحت الضوء الخافت، والسرير المريح.

موقف لا يغيب عن ذهني حتي لحظتي هذه التي أكتب فيها هذا الكلام، وأنا ابن عشرين عامًا، أمي تجلس على الأريكة، وبجانبها إخوتي: الأصغر عبدالرحيم، والأوسط عبدالجبار، والكبرى صفاء، أيديهم ممسكة ببعضها البعض، جميعهم يبتسمون، وكانت أمي لتوِّها آتية من البنك أو المدرسة، لا أتذكر، حينها أدركت أن لا مكان لي بينهم، فقلت: "افسحوا لي مكانًا"، قالوا: "لا، أنت لست معنا"، وقعت الكلمة كالصخرة علي، ولم أشعر إلا وأيديهم تدفعني للخلف تبعدني عنهم.

آآآه... تألمت كثيرًا لهذا الموقف، سمعت ضجيجًا خارجَ الحجرة، ففتحت عيني وجدت الوسادة قد بُلِّلت بالدموع، تحسست جلدي وجدته باردًا منكمشًا، شعرت بالخوف والرجفة، لكني انتبهت بعدها أني ما زلت في البيت، ما زلت معهم، شعرت بالاطمئنان والهدوء، حينها فردت أطرافي وملأت السرير وأنا أشعر بالأمان.

الآنَ، وبعد أكثر من عشر سنين على هذا الحلم القاسي، أقول: إني طفل صغير لا أشعر بالأمان بعد أن مات أبي، مات وتركني في الدنيا وحيدًا بلا أمان، بلا صدر يحنو علىّ، وحدي في هذه الدنيا كالصبار في هذه الصحراء القاحلة، قد شحب لونه وعلاه التراب، يقاسي وحده برودة الليل وحرارة النهار، لا شيء بجواره يحميه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة