• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الأرجوحة ( قصة قصيرة )

أحمد عبدالغني الشيخ


تاريخ الإضافة: 3/3/2014 ميلادي - 1/5/1435 هجري

الزيارات: 22593

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأرجوحة قصة قصيرة

 

اجتاز باب الحديقة العامة تاركًا وراءه همومه..، كانت هذه عادته عندما يريد الهروب من مشاكله..، يشغل نفسه بأي شيء؛ كالقراءة أو التنزه، أو مجالسة الأصحاب..، هكذا دائمًا يفعل عندما يواجه أي مشكلة..، كان مدمنًا ولكن ليس لأي صنف من المخدرات المعروفة..، كانت القراءة والتنزه ومجالسة الأصحاب نوعًا رخيصًا من المخدرات، اعتاد تعاطيه ليس لشيء سوى الغياب عن الواقع..، وهكذا قرر أن يفعل في ذلك اليوم..، وهكذا قرر أن يسكر بنزهة في أحضان الطبيعة..، مضت بعض الدقائق وهو يتسكع بين الأشجار والمقاعد الحجرية..، لا يفعل شيئًا سوى ملاحظة المتنزهين أمثاله..، هذه أسرة تحلقت حول الطعام على البساط الأخضر للحديقة..، وهناك في أحضان الأشجار ثنائيات العشق ترتوي من أكاذيبه..، لَكَم كان يسخر من هذه الثنائيات المخدوعة بوهم الحبِّ..، هَمَّ بمضايقة إحدى هذه الثنائيات وقطع خلوتهم..، إنه في سكرته هذه يفعل كل ما يخطر على باله من أفكار ولا تهمه العواقب..، كان متجهًا إلى إحدى هذه الثنائيات مضمرًا شرًّا، يبدو طرفًا منه على قسمات وجهه..، أراد أن يهاجمهما من الخلف لإخافتهما..، هكذا كان يخطط له منطق الطفل الذي بين جوانبه..، دخل بين الشجر ليفاجئهما خارجًا من وراء شجرتهما..، وعلت شفتيه ابتسامة عريضة تهنِّئه مقدمًا بالنصر..، إلا أنه لمح شيئًا متدليًا من شجرة، فحلَّ حب الاستطلاع مكان الرغبة في مضايقة العاشقَين..، تحرَّكت قدماه تجاه هذا الشيء دون أن تنتظر صدور الأمر لها من عقله..، هكذا كانت نفسه في مِثل هذه السكرات تتحرك على سجيتها، كطير يتنقل من غصن لآخر دون قيود..، اقترب من هذا الشيء فألْفاه حبلاً يتدلى من فرع الشجرة، مربوطًا من طرفيه في الفرع..، إنه فكرة جادت بها قريحة أمٍّ لتدخل السرور على ولدها..، إنه أرجوحة..، وكما كان يدخل هذا الحبل السرور على الأطفال أدخل السرور على نفسه..، لقد ذكَّره بطفولته وما كانت تفعل أمه معه..، وبعد أن اختبر متانة الحبل والفرع المربوط به، اعتلاه دون تفكير..، إنه سعيد بهذه العفوية التي يتصرف بها..، بدأت الأرجوحة تتحرك هَونًا هَونًا بداية الأمر..، والطفل الذي بين جنبيه يحرضه على الإسراع بالأرجوحة..، بذَل بعض المجهود؛ كي يجعل الأرجوحة تصل إلى هذه السرعة..، وبقدر سرعة الأرجوحة كان توارد الأفكار على ذهنه..، كانت الأفكار تتسارع عليه مشوشة ومبعثرة كأنها حطام مرآة..، ولكن مع مرور بعض الوقت تكونت أمامه مصقولة لامعة..، تكونت أمامه كمرآة يرى فيها نفسه وهو على الأرجوحة، ولكن أرجوحة غير الأرجوحة..، إنها أرجوحة الحياة التي يحياها..، رأى نفسه وهو مقبل على السياسة شغوف بها، ولا تمضي أيام حتى يَنفِضُ يديه منها..، رأى نفسه قائمًا نائمًا بين كتبِ كاتبٍ بعينه أحبَّ كتاباته، ولا تمضي أيام إلا قد تكومت الكتب في ركن من مكتبته لا تجد من يرحمها ويزيل من عليها التراب..، رأى نفسه..، ورأى نفسه..، كلما أقبلت الأرجوحة رأى نفسه مقبلة على شيء جديد، وكلما تراجعت رأى نفسه وقد تراجعت عن هذا الجديد..، أية حياة هذه؟! لقد مَلَّها كما مَلَّ كل جديد من قبلُ..، لقد مَلَّها ومَلَّ الهروب..

 

إنْ لم يواجه نفسه ويتحكم هو بحياته، فستسول له نفسه الانتحارَ لا لِشيءٍ سوى أنه مَل الحياة..، ستسول له نفسه الملل من مجرد الحياة..، ولَن يكون الجديد الذي يكسر هذا الملل سوَى الموت..، ستضيِّعه نفسه إن استمرت هي القائد وهو المقُود..، ستظل تلعب به وبحياته كما تلعب به الأرجوحة تصرِّفه حيث تشاء..، لن يَقرَّ قراره على شيء إنْ ظلَّت حياته على ما هي عليه..، سيخسر كل شيء..، كرِهَ هذه الحياة المتأرجِحة..، لقد كرِهَ الأراجيح..، من الآن لا أراجيح..، قالها وهو يقف على قدميه، ثم أسرع الخَطوَ إلى باب الحديقة..، واجتاز باب الحديقة مواجهًا أمامه همومه ومشاكله.

 

تُنشر بالتعاون مع مجلة (أعاريب)

المصدر: مجلة أعاريب - العدد الثاني - ربيع الثاني 1435هـ / فبراير 2014م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة