• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

علاء وفراس ( قصة أبكتني )

علاء وفراس ( قصة أبكتني )
مصطفى شيخ مصطفى


تاريخ الإضافة: 19/2/2014 ميلادي - 18/4/1435 هجري

الزيارات: 6272

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علاء وفراس


أكتُبُ هذه القصة بعد سماعها بعشر ساعات، والدموع تملأ العينين، وينفطر القلبُ، ويهتزُّ الوجدان، قصة حقيقية بأسمائها وأبطالها، يتضاءل المرءُ فيها أمام ذاته، عجزًا وهوانًا، وهو يرى ويسمع ما جرى لعلاء، علاء في الثاني الثانوي، وهذا العام سيتقدم لامتحان الثانوية بفرعها العلمي.

 

كان يسكن في إحدى قرى العاصمة المليحة، والعرب تقول: الملاحة في الفم، ولعلها سُمِّيت بذلك لإطلالِها على الطريق الدولية؛ كالفم أو غير ذلك، وكان يدرس في العاصمة.

 

دارت بوصلة الزمان، وأدار الحظُّ وجهه وتنكَّر له، فَتَكت الحرب ببلده، بقريته، ليجد نفسه وحيدًا شريدًا، وبينه وبين قريته حزام من نار وخراب، في عاصمة تعِجُّ بالملايين، وبالفقر والفقراء زَرافاتٍ ووُحدانًا، على الأرصفة، وفي الطرقات والحدائق والمدارس والسطوح ينام البشَرُ.

 

ماذا يفعل شاب صغير لا يملِكُ درهمًا ولا قطميرًا وسَط الزِّحام والغلاء؟! اسودَّتِ الدنيا في وجهه، وعاش الحرمان فصولاً متلاحقة، وعاش أزمته صابرًا، لمولاه شاكرًا.

 

أكتب القصة والدموع تسبِقني بعد أن سمعتُها، مات من مات، وهُدِّم ما هدِّم، وأيِّم وشُرِّد الكثير، لكن من بين كل القصص التي أثَّرت فيَّ: قصة هذا الفتى، فمقابل كل كلمة أكفكف دمعة.

 

في القصة أحداث جمّة.

 

فراس صديق علاء، كالظل له: لا تهتمَّ يا صديقي، تنام عندنا.

أين عندكم؟

 

البيوت في العاصمة كعُلَب الكبريت، تكاد تنفجر بمن فيها!

 

هوِّن عليك، ستكون الأمور كما يرام.

 

نِعم أبطالُ القصص في تاريخنا.. ونِعم الفتى فراس، وهو ينتقل به من معهد لآخر، ومن منزل لآخر، ومن مكتب لآخر، ولا أحد مِن رفاقه في الصفِّ يعرف، يجلب له شطيرة للفطور، وأخرى للغداء.

 

فراس قليل الكلام، بيتُه بيت علم، ولكن العلم يكسد في الحروب والأزمات، الشطيرة كانت بعشرٍ من الليرات، واليوم بمائة؛ (كانت ضِعفًا، أصبحت عشرة أضعاف)، ارتفع سعرُ كلِّ شيء، وارتفع الطعام عشرًا، رحمتَك ربَّ الناس!

 

لم يكن فراس غنيًّا، حتى إن أباه باع بعض ما يملك واستدان من الجَدِّ والجدَّة حتى يدفع قسط الدراسة، وعلاء لا بواكيَ ولا غوالي له، ليس هناك من يدفع له، وأهله تحت الحصار والنار، أكلوا ما أكلوا من... ومن...، واشتد ويشتد الحصار.

 

كان علاء ينتظر فراسًا صيفًا، فيأخذ منه ما أخذه في المدرسة الخاصة التي أضحت شأنها شأن الطعام، عشرات الألوف قِسطها الصيفي، فكيف بالدوام النظامي؟!

 

يقرأ علاء ما أخذ فراس، يقرأ ذلك في المساجد، فلا بيت له؛ فهو الآن ينام في مكتب لا يستطيع دخولَه إلا بعد الثامنة مساءً حينما ينهي صاحبُ المكتب عمله، في المكتب "فَرشة" وغطاء ووسادة، جلبها له فراس، لا مِدفأة، ولا مصدر دفءٍ، ينام ليلته ليخرج إلى المسجد، ويقرأ في بعض الأوقات!

 

هذا جوع العزّة، وهذا صبر العفّة، وهذه سمات الطيبين!

 

حتى المساجد لا تفتح أبوابها إلا وقت الصلاة، علاء ما علاء! همّة في السماء، في الحديقة، في الشارع، في الطرقات، بلا إنارة وبلا دفء: دائم التأبّط لكتاب أو دفتر.

 

ثمانية أشهر مضت، والشطيرة تجلب لعلاء صباحًا على طريق يفصل بين مدرستي الشابَّينِ.

 

فراس يتدبَّر أمر رفيقه، وسجله في مدرسة خاصة، ولكنها أقلُّ كفاءةً من مدرسته، وقسطها أقل، وما أدري كيف أمنه؟!

 

جاءت امتحانات الفصل الأول المؤهِّلة لامتحان الشهادة الثانوية، وشمَّر الطلاب عن ساعد الجِدِّ، أرهقتني الدموع على الفتى، على نفسي، على عَجْزي، أيعجِزُ الطيّبون عن كفالة مثل هذا الفتى من أبناء الأمة والعروبة؟ أم ضاق صدر البشَرِ عن دعم فتًى وجد نفسه بلا أهل، بلا منزل، وعليه مستحقات التعليم؟ إن أخلاقَ الرِّجال هي التي تضيق، وحسبُك من شرٍّ سماعُه.

 

هل يسمع أحد صوت علاء؟ هل وصلت قصة هذا العملاق، يقرأ على أصوات المدافع والطيران، يقرأ.. ويعلم ماذا يفعل... يقرأ في الشوارع والحدائق والمتنزهات!

 

من يغسل لعلاء... من يكوي... من يوقظه... من يطعمه؟! وتجيب العين، ويجيب القلب دموعًا ودماء... كم هم أمثال علاء؟! لا أدري، لكنهم كُثُر في الداخل... في الخارج.. وفي بلدان الجوار!

 

نجح فراس في امتحان الفصل الأول، لم يكن أولاً لا في صفِّه ولا في مدرسته، ونجح علاء، وكان الأولَ على مدرسته، وكان فراس الأول في شهامتِه ومروءته.. "راعي الأولى". هل وضعت الملائكة أجنحتها لطالب العلم علاء فرحًا بما يصنع؛ فهو في هذه السن - رغم كل ما ألَمَّ به من الشدائد - من حفظةِ كتاب الله؟ رُحماك ربي به وبكل مَن ضاقَتْ عليه الأمور.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة