• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

أبو صباح ( قصة )

حسن عبدالموجود سيد عبدالجواد


تاريخ الإضافة: 16/2/2014 ميلادي - 15/4/1435 هجري

الزيارات: 4432

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أبو صباح

 

لم نكن نعرف في قريتنا معنى كلمة (سمكري)، لكننا كنا نعرف (أبو صباح) "بتاع" البواجير، لم نكن نعرف عن حياته الشخصية غير اسمه، وأنه لم ينجب إلا فتاة واحدة (صباح)، أما اسمه هو فلا يعرفه أحد منا.

 

كان يسكن في أطراف القرية في بيت لا أعتقد أنه كان أحسن حالاً من أكواخنا المعدمة.

 

بعد أذان العصر من كل يوم نلمح من بعيد جسده النحيل المقوس يجر دراجته ذات الإطارين الفارغين من الهواء، والتي عاش ومات لا أظن أنه ركبها ويحمل فوقها (بواجير الجاز) المعطلة، أو التي تم إصلاحها، وقطع الغيار، وأشياء أخرى يصنعها من الصفائح الفارغة وعلب السالمون؛ مثل: الحصالات، و(الرباعي)، وهي أوعية نكيل بها الحبوب، ولمبات الجاز، ولا أقصد بهذه اللمبات مصابيح "الكيروسين" تلك التي يوجد منها نماذج في المدينة الآن تستخدم كـ (ديكور)، أو في أحيان تستخدم عند انقطاع التيار الكهربائي، وبها ترس لرفع وخفض الشريط المشتعل والمتصل بالجاز في جوفها، وفي أعلاها يوجد تاج زجاجي يقوي الإضاءة، وهي ما نسميها في قريتنا (اللندة أُم إزازة).

 

لا يا سيدي القارئ، عم أبو صباح لم تصل آلاته البدائية لصنع هذه اللمبة التي كنا نعدها قمة التكنولوجيا في إضاءة قريتنا قبل أن يصل اختراع (الكُلُبَّات) إليها.

 

عم أبو صباح يا سيدي، كان يصنع لنا (اللندة أم عويل)، أو كما يطلق عليها البعض: (اللندة أم بِلْبلَة)، وهي في أغلب الأحيان تُصْنَع من عُلب السالمون أو علب المبيدات الحشرية التي يجمعها سمكريُّنا الهُمام من قمامات البندر، لا من قماماتنا نحن؛ فهي تخلو تمامًا من أي نوع من المعلبات.

 

كنا نجلس بالساعات نراقب (أبو صباح) في كفاحه الطويل من أجل الملاليم، وهو يقوم بصنع غطاء خاص لهذه العُلب بعد نزع الغطاء العلوي الموجود بها، ويصنع ثقبًا في وسطه، ويصنع عنقًا حول هذا الثقب، ثم يصنع غطاءً محكمًا لهذا العنق به ثقب أيضًا، وفي هذا الثقب يُثَبِّت "البِلْبلَة" وهي أنبوب دقيق من الصاج يمر به (العويل) الذى كنا نصنعه من القطن، ثم يصنع لها يدًا تساعدنا على حملها.

 

عندما كانت تغرب شمس قريتنا الكادحة ويعود فلاحوها إلى ديارهم المظلمة كانت أمي تنزع غطاء (اللندة) وتملؤها بالجاز ثم تغطيها، وتُشَغِّل العويل، فيبدد ضوءُها ما يحمله لنا ليلُ القرية من ظلام راعب.

 

كنت أتمنى لو رأيتموه معي وهو يتوضأ من الترعة التي تمر أمام منزلنا، ثم يصعد على صخرة كبيرة مستوية على جانب هذه الترعة، ثم يقف بين يدي الله في شموخ نادر لا أظن أن تمثال رمسيس الثاني يمكن أن يبلغه، وكأنه يقول يا رب: رغم انقضاء العمر وانقسام الظهر وسواد الوجه وبياض الشعر ما زلْتُ صابرًا على الجوع والفقر والحرمان.

 

رحم الله العم (أبو صباح).

 

سمكري قريتنا الهمام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة