• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

معركة فوق الماء ( قصة )

معركة فوق الماء ( قصة )
حسن عبدالموجود سيد عبدالجواد


تاريخ الإضافة: 14/2/2014 ميلادي - 13/4/1435 هجري

الزيارات: 4446

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معركة فوق الماء

 

تقع قريتنا وسط الحقول، ويمر خلالها - أمام منزلنا المتواضع تمامًا - نهر يسمى في عرف بلدتنا السائر (ترعة)، وهناك على صفحة هذا الماء العَكِر دارت أحداث وأحداث.

 

كان ذلك يحدث في العام مرة واحدة، لم نكن - ونحن صغار - نعلم لماذا يحدث؟ ولكنه كان يحدث.

 

تأتي السيارة فينتشر الخبر في القرية الصغيرة انتشار النار في الحطب، فَيُعِدُّ كل منا عدته، ويتأهب لمعركة قد تكون أحيانًا دامية، لكنها على أية حال شائقة.

 

تُفْرِغُ السيارة مادة صفراء في ماء الترعة، ثم تمضي لتبدأ المعركة التي شحذ الجميع أسلحتهم لها من عِصِيٍّ طويلة في نهايتها شباك مستديرة تشبه شبكة كرة السلة، غير أنها مغلقة من الأسفل لتكون مجهزة لصيد السمك.

 

أَصْدُقُكم القول أيها السادة، إنني والكثير من أصدقائي الصغار لم نكن نُعِدُّ شيئًا لهذه المعركة التي كنا أصغر من أن نصول أو نجول فيها، فكنا نكتفي بالفتات الذي تغفُلُ عنه عيون الكبار كصغار السمك الذي يعيش على بقايا طعام القروش الضارية.

 

تسري المادة الصفراء في الترعة، وأرقب عيون الرجال المترقبة وأيديهم المعروقة المتحفزة تحت شمس الصيف المُحرقة، يتقافز السمك فوق الماء متأثرًا بهذه المادة الفعالة التي علمنا بعد ذلك أن الحكومة كانت تلقيها في الماء للقضاء على (ديدان البلهارسيا)، ولكنها كانت تقضي على أسماكنا أيضًا.

 

يندفع الرجال نحو أول بشير، علَّها واحدة من سمك البلطي، أو علَّهُ قرموط كبير.

 

في بداية الأمر تكون المعركة هادئة، ولكن مع امتداد مفعول المادة الصفراء تتزايد أعداد الأسماك الهاربة التي تطفو على صفحة المياه، وتزداد معها أعداد الرجال والأطفال، بل وربما النساء.

 

أكثر ما أحمله من عرفان لهذا اليوم هو أنه أراني طبائع الناس على حقيقتها، فظهر منهم الطامع والقانع، غير أن القانع منهم قليل.

 

وأعترف أنني كنت أتمنى - لا لشدة طمعي بل لشدة ضعفي - أن يختفي جميع الناس من رجال ونساء وأطفال، وأن أجمع أنا وإخوتي فقط كل السمك؛ لنعود به إلى دارنا الفقيرة التي كانت على خصام شبه دائم مع ما لذ وطاب من ألوان الطعام.

 

أنتبه على ضجيج حول سمكة كبيرة يتبارى على الفوز بها رجلان قويان من أبناء القرية، كل منهما يريد أن يُدْخِلَها في شبكته غير أنها - لفرط طمعهما - تسقط في الماء، فيقفزان خلفها ويتقافز الناس فوقهما، غير أن أحدًا لم يفُزْ بشيء، ضاعت السمكة وانصرف الناس عنها بعد بحث طويل عندما ظهرت على صفحة الماء أسماك أخرى أقل حجمًا وأسهل صيدًا.

 

لا أدَّعي أنني كنت وسط هذه المعركة التي أذكرها جيدًا، بل اكتفيت بالمراقبة التي كانت في حد ذاتها متعة كبيرة لي؛ حيث رأيت انطباعات الوجوه من طمع وشراسة وترقُّب وخيبة أمل.

 

تسري المادة الفعالة مع تيار الماء، ويسير خلفها الناس حيث مفاجآت أخرى، وأنا أقبع مكاني على حافَة النهر ذاهلاً عاجزًا عن المشاركة في شيء، أقفز في الماء كعادتي كل يوم عند الاستحمام في وقت الظهيرة القائظ، ثم تكون المفاجأة حينها تطفو أمامي السمكة الكبيرة بعد أن أنهكتها أرجُلُ الناس وأيديهم المتصارعة، وهذه المادة الفعالة القاتلة، ترفع رأسها وتفتح فمها الواسع وتغلقه هربًا من الماء الخانق، أتلفت حولي لا أحد إلا أنا والسمكة أمامي.

 

في خوف وحذر أدفعها نحو الحافَة وأخلع جلبابي بسرعة، ثم أُطَوِّقُها به وأمسكها بكل ما أستطيع من قوة، وأصعد وأنا لا أكاد أصدق نفسي.

 

أجملُ ما أذكره في هذا اليوم فرحة جدتي بي؛ فقد كنت سببًا في وجبة غداء شهية لأسرتي التي تعيش هناك في بيتنا المتواضع الذي ظهر فيه فجأة فارس هُمام عاد منتصرًا غانمًا دون أن يشارك في المعركة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة