• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

دار المهرج ( قصة )

دار المهرج ( قصة )
يوسف عماره بن عيسى


تاريخ الإضافة: 4/2/2014 ميلادي - 3/4/1435 هجري

الزيارات: 4241

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دار المهرج


خرج خَلْق المدينة كلهم في يوم واحد، وفي ظهيرة واحدة، وفي ساعة واحدة، فاستحالت الشوارعُ من هدوء إلى ضجيج صاخب وضوضاء، هجروا بيوتهم، وحملوا صغارهم؛ ليشاركوا هذا الخَلْق في الحَدَث الأعظم، فسارت بهم الخطوات، فكان مشهدهم كأنهم جحفل معركة يسيرون نحو مقابلة الغريم المستبد، نعم هم كذلك؛ فقد جمعوا أنفسهم ليقصدوا دار الحاكم التي تقع في ذيل المدينة.

 

سكون وهدوء مخيّم على جدران دار الحاكم قبل وصول جحفل سكان المدينة الذين اكتنفوا حول ساحة الدار، فزاد عجيجهم وصراخهم، فغلبت أصواتُهم قوة السكون؛ لتجعل الحاكم ينتفض من مجلسه مرتعبًا وهو شاخصٌ نظره في أعين وزرائه كأنه يسألهم عن هذا الهول الذي بالخارج، في هاته الهنيهة أسرع الخدَمُ يختلسون الأنظار من وراء بِلَّور النافذة ليتدبروا هذا الأمر المفاجئ، وهنا قال أحدهم للحاكم في صوت مِلؤه حيرة: "يا سيدي، لو تعلم.. إنهم سكان المدينة قد اجتمعوا في الأسفل"، زادت الدهشة في نفس الحاكم، ولم ينبِسْ بكلمة واحدة، فقط اكتفى بأن يشخص نظره في أعين الوزراء، مرّت لحظاتُ صمت رهيبة في القاعة الكبرى لدار الحاكم، لا يتكلمون ولا يحرِّكون ساكنًا، بل ظلوا يُنصتون إلى العجيج المدوّي في الخارج، وإلى صيحات وآهات السكان الغاضبين.

 

أيها الحاكم، أيها العمدة، أيها الموكل، هكذا ظل المتظاهرون يصرُخون أو ينادون بإلحاح لكي ينظرَ إليهم أحدٌ من تلك النافذة الشاهقة على أجيادهم، استغرقوا طويلاً على هذا الحال دون عاقبةٍ تُذكَر، وهنا تقدَّم شيخٌ من وسَطِ العامة، وصعد على سطحٍ وقال مخاطبًا: "يا قوم، يا ناس، إنكم ناديتم الرجلَ بالاسم الذي لا يليق به؛ فالحاكم هو الذي يشقى إلى الناس، وهو الذي لا ينام حتى يتيقنَ من أن أجفان الناسِ قد أصابها الكَرَى، فنامت مطمئنة ووديعة، الحاكم الحق هو ذلك الإنسانُ الذي يرى أطفاله في أطفالنا، وزوجه في أزواجنا، وسقف داره مثل سقف ديارنا، هو الذي يرعى الأنعامَ برُفقتنا، ويعود بها إلى المرابض معنا؛ فهو عالم بمجتمعنا، ويدري بما حولنا من فاقة، أما هذا الرجل فوالله ما رأيت فيه شيئًا من الذي ذكرته، فالحقَّ أقول لكم؛ إنه ليس بالحاكم المسؤول، بل ادعوه بالمهرِّج، سوف تنالون ما جئتم لأجله".

 

صفَّق الملأ لكلام الشيخ الحكيم، وعضدوه على رأيه، ثم طفقوا يصرخون: "أيها المهرِّج، أيها الرَّجل المهرِّج"، لم يكادوا ينتهون حتى تمثَّل لهم الحاكم منتصبًا في شُرفة الدار، غاضبًا ومنقبِضًا، فصرخ فيهم: "لستُ مهرِّجًا، بل أنتم ناكرون للجميل، أنتم..."، ضحِك المتظاهرون كلهم ضحكة واحدة كأنهم علموا بأن اسم المهرِّج هو الذي يليقُ به.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة