• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

لعلكم تقرؤون

علي هلال عجيز


تاريخ الإضافة: 1/1/2014 ميلادي - 28/2/1435 هجري

الزيارات: 4856

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لَعَلَكُم تَقْرأونْ


جَلسَ عند أحد الحوائط الرطبة إلي طاولتهِ الخشبية المهترئة، التي اتَّخَذَتْ منها بعض الحشرات مَفرًّا من برودة كانون الأول. كَانت قطرات المطر تَزُوره مرةً تِلْو أخرى من تلك النافذة الحديدية، وتَصْطحبُ معها رياح البحر الباردة؛ مما جَعل يده تَرتعش مثل يَد مُسِنٍّ، فَأشعل ما تبقّى لديهِ من تلك الشمعة المحتضرة؛ لعلها تُعطيه بعض الدفء الذي يَفتقدهُ، ومَدَّ يده إلى أحد الكتب التي اعْتَاد أن يَقرأها، وأخْرَج من بين صفحاتهِ البالية سيجارة من النوع المحلِّي، وأشعلها، وأخذ يُدَخِّن.

 

كان مَذاق السيجارة سيئًا جدًّا، فاشتدَ غَضبُه من سَجَّانه، ذلك البَدين الجَشِع المُتسلِّط والمستَغِل، الذي يُلَبِّي مَطالب السُجَناء مُقابل المال، ولا يَجلب لهم غير الأشياء ذات الثمن البخس، وكذلك فقد تَمثَّل السجَّانُ بالنسبة له كحاجزٍ بَينه وبين حُرِّيته، كان يَوَدُّ لو فَرَّ من مَحْبِسِه وسَجَّانه؛ ليذهب بعيدًا كَي يَبدأ من جديد، فلطالما راودَته الأحلام؛ حيثُ الأرض خضراء، والرمال ذهبية، ورائحة الورد تملأ رئتيه بالحياة.

 

أَنهى سِيجارته السيئة مِثل واقعِهِ، ووضع غَضبه جانبًا، مُتمَنِّيًا لو وضَع آلامه، وجَذب ورقةً بيضاء كَحَياته التي يَنْشُدُها، وأمْسَك بقَلمهِ الأسود الذي يُشبه مَاضيَه، وبَدأ يُسَطِّر رسالة جديدة.

 

تحية طيبة.. وبعدُ:

أكْتبُ إليكم كعادتي في كل ليلة، أكْتبُ رسالتي الأولى بعد الألف، وأنا ها هنا في زنزانتي الفردية رقم (1196)، إنني أشْعرُ بالوَحْدة والضَّجَر، رغم أنها عشية عيد الميلاد، ولكن كل ما حولي لا ينبض بالحياة.

 

إليكِ؛ رَغْمَ الشيب في رأسي فإنني أحِنُّ دائمًا إلي أحضانِكِ، فلو مَنحوني لاخترْتُ أيَّامَك، ما زلْتِ مَليكتي الأولى يا أمي، وما زالتْ تجاعيد وجهِكِ محفورةً في ذهني، فدائمًا وأبدًا ستظلين في قلبي.

 

إليكَ: لم أر في حياتي بطلاً سواك، ولا أذكرُ في وجوه الرجال إلا مُحَيَّاك، لقدْ وَهَنَ الجسد مني يا أبي، ولكنني أسْتمِدُّ منكَ عزمي وقوتي، أعلم بأنني أخطأْتُ، ولكنك أيضًا لطالما عَفَوْتَ.

 

إليكِ: لقد أخَذْتُ مِنكِ عُمرَكِ والقلب، ولم أمْنَحْكِ غير التعب، ولذلك أشعر يا زوجتي كثيرًا بالذنب، أخجل كثيرًا من أفعالي ومن نفسي، ولكِ أن تَعلمي أنني نادم جدًّا علي ما ضاع في أمسي.

 

وختامًا:

أودُّ تَذكيركم بأنه لم يصلْنِي مِنكم ردٌّ واحدٌ حتى الآن، ولكن لن أكُفَّ عن الكتابة يومًا؛ لَعَلَّكُم تقرؤون، فأنا مشتاق جدًّا لرؤيتكم، وأرغب في الارتماء بين أحضانكم الدافئة، لقد اشتقت إلى زوايا منزلنا، واشتقت إلي كل جزء من باريس.

 

تَرك القلم من يده الْمُرتعشة، وطوى رسالته، والدموعُ تملأ عَينيه، ثم أحْضَرَ زجاجة فارغة، ووضع الرسالة بداخلها، وألقاها في بحر الشمال، ثم عَاد إلى طاولتهِ ودموعه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة