• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

ركض الأيام (1) ( خاطرة )

يوسف عماره بن عيسى


تاريخ الإضافة: 9/12/2013 ميلادي - 5/2/1435 هجري

الزيارات: 5697

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ركض الأيام (1)


عند الهزيع الأوَّل من اللَّيل، جلس الأمس والحاضر؛ ليتسامرا ويتبادلا أطراف الحديث، فابتدر الأمس بالكلام وطفق قائلاً للحاضر: "أنا خالد في أذهان البشر، سَرْمَدِيٌّ في عقولهم، أزَلِي عند تفكيرهم، بل لا أكاد أفارقهم؛ حتى يتوسلوا إليَّ بأن أرجع وأسكن في كيسهم، بلا شعور منهم عما قاموا بهِ؛ لأنِّي أحمل فرحهم وغبطتهم، وكذلك أحمل حزنهم وأجشهم، أحفظ ذكراهم السعيدة والمرِحة، وكذلك أحفظ ذكراهم الواجمة والعابسة، أذكِّرهم بحالِ أنفسهم في ابن تلك الساعة، وكيف كانوا مبتهجين متهللين، وكذلك أذكِّرهم عن مدى شجونهم وانقباضهم في بعض الأيام الأخر، فإذا أراد البشر أن ينتشل منِّي فقط كل ما هو سارٌّ وجميل ورائع في ماضيه الغابر، تراني أذعنتُ له، وقدَّمت له قرطاسًا مكتوبًا فيه جميع ماضيه السعيد البهيج، ولكنِّي سأكتب في ظهر القرطاس ما تيسَّر لي أن أكتب عن بعض آلامهِ وسقمهِ وعنائهِ، وإن كانت مستعصية على الخطر بالبال، أنا أقوم بهذا على جميع النَّاس، فلست أنانيًّا أو حاسدًا، بل أفعل هذا؛ لأحيا وأُحْييهم، وأتجدد وأُجدِّدهم؛ لأنِّي أتغذى بالألم والفرح، كما يتغذى البشر منهما، فإن آثرت أحدهما على الآخر، تضْمَحِلَّ قيمتي وأنفتي، ويستحيل الإنسان إلى مخبول أو مغرور.

 

أنهى الأمس كلماته، فصمت طويلاً، حتى أنشأ الحاضر يتحدث قائلاً:

" أنا هو مهمة البشر كلهم، يركضون لملء دقائقي وساعاتي الجزيلة، يخترعون ويُنتجون حاجاتهم في معملي للاشتغال بمرادهم ورغباتهم، هم يسقون الظمأ الذي بهم من كأسي الطاهر النقي، فإن حذقوا وعرفوا كيف يرتشفون منه، زال فراغهم الممِلُّ، واستحال إلى نشاط وبهجة، وإن أساؤوا حمل كأسي ليسقط ويتكسر، فقد أسقطوا وكسَّروا حياتهم؛ لأنَّ مائي به السعادة والابتسامات، الهناء والرغد، الأحسن والأفضل، الحب والمغفرة، الحِلم واللباقة، فما ظننت يومًا أنَّ أحدهم قد عرَف قدري، فبجَّلَهُ وعظَّمه، ثم تراه يشقى في حاضره، ويتأوَّه وينقبض، لا، وألف لا؛ لأنِّي لا أدفعهم إلاَّ لِما هو آثر حسن وأرعاهم في الفضاء البجح الذي ليس به ذرة اليأس، ودقائق القنوط، ولكن مائي وفضائي هذا لم يختره كل البشر، بل فيهم من اشتغل بك أيُّها الأمس المظلم؛ حتى ضاع وتوارى عنه حاضره المُشرق، فلم يزده ماضيه إلاَّ تَأَوُّهًا وَنُفُورًا؛ ولهذا أقول الحق لك: إنّي أنا الجدير بأن أحيا وأحييهم، وأتجدد وأجددهم، فما أنت سوى ذكرى نعتبرها، ونأخذ بحكمتها للحاضر الجديد ".

 

وهنا بدأ الليل يسير إلى ذروة دجينته المظلمة، فاستأذن الأمسُ الحاضرَ بالانصراف؛ فقد طال مكوثه، فذهب متعجلاً، وبعده بدقائق لحق به الحاضر منصرفًا مثله، وبعد هُنَيْهَةٍ من انتفاضهما من المكان، دخل المستقبل في خلسة فلم يجد إلاَّ أشباحًا لا زال ندى أصواتها يرن في الفضاء، ورأى فراشًا لا زال مشعثًا، فأدرك من كان هنا قبله، ثمَّ جلس المستقبل ينتظر بصبر حاضر اليوم أن يرتدي ثياب الأمس، ويأتي إليه؛ ليتحادثا ويتهامسا كدأبهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة