• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

في المحطة!

عبدالكريم علي جامع فايد


تاريخ الإضافة: 14/11/2013 ميلادي - 10/1/1435 هجري

الزيارات: 3647

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في المحطة


حرَكة الزمان مع ثَبات هيئتِها وانتِظام سيرها تقلب الكون من حولها، وحركته تجيءُ على أرضٍ ميتة فتهزُّها بالحياة وتُعرِض عن أخرى فتلبسها الموات.

 

يأتي العيد فتهتزُّ الأرضُ أيامَه وتزدحم بالحركة..

 

خرجْنا نستتِر بالظلام وقد أقبلت أنفاس الصبحِ تُزيح ستره وتُظهر ما ورِّي من السوءات، نطوي الأرض على عجَل، وهي تسخَر منا سخرية الشيخ الهَرِم يستند على عُكازه العتيق من أحلام الشباب العذراء، وهو الذي عَرَف الدنيا لا تُعطي الأحلام إلا بالمُغالبة، تقول لنا الأرضُ: أنَّى ذهبتم فأنتم بين راحتَي يدي!

 

ولُّوا وجهكم أنى شئتم فثمَّ بضعةٌ مني، فلا أرض تهربون إليها إلا كنتُ أنا الأرض! بإمكانكم أن تزعموا التباين بين أرضٍ وأخرى، لكنه لا يعدو اختلافًا بين أصابع اليد الواحدة لا تُعرف إلا أنها يدٌ، أو بين عين وأنف وليسا إلا وجهًا! بين رأس ويد لكنه الإنسان وليس شيئًا آخَر..

 

كذلك هي الأرض أنَّى ذهبتُم، فعلى رِسلكم.

 

عجزُ العجائز هو الذي يصنع أوهام الأرض ويتعلَّق بما تحت الأرجل دون أن يرفع طرفه نحو الأفق، يسقي أوهامه ماءَ القناعة الآسِن، يدفعُ به اندفاع الطموح.

 

فيأبى الإنسان إلا أن يكفر بنعمة الله فيُمزِّق الأرض الواحدة أوطانًا، يحدُّ أشواقه بالكسل قبل أن يصنَع بين مزق الأرض الحدود.

 

أما روح الشباب فهي طائرٌ يأنَف الأقفاص ولو بُسِطت بالحرير وضُرب سورها بالذهب والجمان، فللأجنحة شهوة لا بد أن تُشبَع ولو في صحراء نسيمُها القيظ وماؤها السراب.

 

ثم ننزلُ ساعة نغسِل فيها أنفسنا مِن وعثاء السفر، ويملأ أصحاب البطون الخاوية بطونهم بعد أن اجترأت الساعات عليها فتركتْها أمعاء تتصارَع، ومعدة تطحَن ما تبقَّى، تدور على نفسها كالرحى، وتود لو أنها تجترُّ اجتِرار البهائم.

 

وجدتُ نفسي أسير على غير قصد، فقد انفصلت خطواتي عن رأسي الذي تدور عيناه على الجبال تُحييها وتهتف في آذانها بما يدور فيه دون أن يكون لصوتِها صدًى يرتدُّ بين الصخور الميتة، فالعين خرساء لا تُحسِن الإبانة إلا لمن يُحسن لغة اللحاظ.

 

هنا البَرُّ، كلُّ شيءٍ يقودك للحياة بطبيعته، وإلى السعة برحابته، بعيدًا عن ضيق المدنية وصخَبها، حتى الجبال تُنادي أن اصْعد عليَّ لترى الحياة بوضوح، وتتفتح زهرة عقلِك، فما أنا إلا أوتاد تمنَع التِّيه وفقدانَ الأرض اتِّزانها.

 

صعبٌ الصعود، أليس كذلك؟ بلى ولكنه لازم لمن أراد أن يُبصِر بلا عمَش!

 

أرقدُ على ربوة فإذا السماء كأنها آمالي البعيدة أراها دون أن تُدرِكها يداي، وكلما توهمتُ أني ارتقَيتُ إليها وصعدتُ أراها بعيدة أكثر، تُعارِضها سحابٌ ثم ترحل، والعشبُ يتراقَص مُتموِّجًا بالريح تداعب أطرافه كما تتدلَّل الحسناء بشَعرِها مع هبّة النسيم، قد رحل الخريف آخذًا معه حُلَّته الخضراء كما يفعَل الشباب حين يرحَلُ يَسرِق السوادَ مِن الشعرِ، لكن العشْب يتمسَّك بشباب روحه وحيويتها، روحه روح العشرين بعد أن خلَّفت الستون الشباب..

 

ما ضرّه جريان السنين ما دام مُتمسِّكًا بالشباب!

 

والناس في المحطة يَضطربون، زمرة تجيء وأخرى ترحل، وجوه مُغتربة عن بعضها البعض، قد توافقَت على عقد الاجتماع هنا دون تدوينٍ؛ فهي فِطرة اللحظة!

 

والمركبات تدوي موسيقا الرحيل الصاخبة التي تقطَع على نفس سكينة خلوتها، فترغب بكليتها عن لذة الخلوة لما يعقُبُها مِن ندامة التخلُّف عن الجماعة.

 

والنفس إن لم تحكم عقلها غفلَت عن المحطة الموقوتة فتوهَّمتْها سُكنى الخلود، ومهما أُعجب الإنسان بها فهي محطة لا بدَّ أن يتركها بعد أن يقضي عندها ما يريد، فهو إنما يروم منزلاً إليه الرحلة، وسواه نقاط ينال منها الزاد لرحلته الطويلة.

 

فهل الدنيا إلا محطة يأخذ الإنسان منها زاده حتى يَبلُغ مقصدَه ونهاية سعيه، والتعيس من ضل عن حقيقتها وغشَّه زخرُفها، ونسي أنها محطة!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- شكر ..
عبد الكريم فايد - السودان 14-11-2013 10:48 PM

أشكر الدكتور خاطر الشافعي على كلماته و تعليقه الراقي ،بارك الله فيك

1- ما أجمل واقعيتك !!!
دكتور خاطر الشافعي - مصر 14-11-2013 07:02 PM

لوحة فنية رائعة أخذتنا إليها برسم حرفك الجميل ..
رائع أ. عبد الكريم .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة