• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

عاشق الأفراح!

هشام محمد سعيد قربان


تاريخ الإضافة: 27/10/2013 ميلادي - 22/12/1434 هجري

الزيارات: 4361

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عاشق الأفراح!


أُصارِحُكم أنني لم أحظَ بشرف لُقياه، ولم تكتحل عيناي بتلك الفرحة التي تُشرق من محيَّاه، ولكنَّ صديقًا محبًّا أهداني خبره، ووصف لي سيرته، ويا ليتني كنت لاقيته، ويا ليتني رأيته، ويا ليتني حدَّثته، ويا ليتني سألته عن خبره وسرِّه، ويا ليتني.. ويا ليتني.. ويا ليتني تعلمت منه.

 

ألاَ ما أحوجَني للتَّتلمذ على يديه، والإفادة من حكمته وتجربته! ولعل القراء الأعزاء - كلهم - يفرحون إذا أشركتهم في هذه الأمنية الغالية، فأقول لهم: ما أحوجَك، ما أحوجه، ما أحوجها، ما أحوجكما، وما أحوجكم، وما أحوجكن، وما أحوجهم، وما أحوجَنا جميعًا للتعلم منه! ألاَ تعرفونه؟ لا بد لكم أن تعرفوه، إنه عاشق الأفراح!

 

كنت تجده دومًا متأنقًا بملابسه الجميلة البيضاء في كل عرس من أعراس مدينة الطائف القديمة، اصبر قليلاً! ولا تجمح في خيالاتك وتوقعاتك، فلعلك تظنه ممن يشار إليهم من الوجهاء أو القضاة أو الفقهاء أو الأغنياء، وهو على خلاف ما تظن تمامًا، مع أنني أكاد أجزم أنه - بطريقته وفلسفته الخاصة - وجيهٌ وفقيه وغني، بل هو أغنى الأغنياء!

 

أغلب الظن أنه كان أولَ الحاضرين في كل عرس، وآخرهم انصرافًا، وما أظن أحدًا - في ذلك الزمن الجميل - كان يجرؤ أو حتى يفكر في مطالبته بإظهار بطاقة الدعوة للعرس ووليمته، أو يسأله إن كان من جهة الخاطب أو من جهة المخطوبة!

 

لن تنسى مرآه إذا رأيتَه، وأنا واثق أنك رأيته في ساحة كل عرس دُعيت إليه في تلك الأيام الخوالي العجيبة، لم تكن لتراه منتفخًا أو مثرثرًا في صدر المجالس، إنما كنت تراه يتنقل - كالنحلة - بنشاط وجلَدٍ بين المدعوِّين، ليحييهم ببشرٍ وأدب ورقة، ويقدِّم لهم أكواب الشاي المنعنع، ويصب لهم القهوة العربية الفواحة بعبير الهيل والقرنفل والزعفران، وما أن يفرغ كوبك حتى تجده أمامك بابتسامته الساحرة، فيسقيك المزيد والمزيد حتى تستأنس وتفرح وترضى، ولطالما أخجلت ابتسامتُه البريئة الكثيرَ والكثير، فلم يقووا على قول: (لا).

 

وإن غاب عن ناظريك قليلاً، فلا تقلق، ولا تنزعج، فهو في تلك الزاوية يساعد في غسل الأكواب والكؤوس والصحون والأباريق، ويعين في تجهيز الشاي الأخضر والمزيد من القهوة، وأكاد أراه بعين خيالي يتحرك كنسمة باردة بين المدعوين مرحِّبًا ومكرمًا ومبتسمًا وممازحًا، وما أدري إن كان حضر وليمة العرس مع من حضر وطعِمَ منها، أو لعله يجد لذة أكبر حين يسقي المدعوين ماءً باردًا، أو يجهز المزيد من القهوة؛ ليحلو السمرُ، ويزيد الأنس!

 

أظن الكثير ممن رآه لم يعرف اسمه وحَسَبَه ونسبه، ولعلهم لم يأبهوا لمعرفة اسمه؛ فقد سمَّوْه ولقَّبُوه وكنَّوه وهم لا يشعرون، إنه في مخيلتهم رمز ملازم للأعراس البهيجة، والمناسبات السعيدة، هو عاشق الأفراح، مدعو بلا دعوة، بل يزيد حضورُه الفرحَ فرحًا، ولكن الكثير ممن اعتاد مرآه لم يفطن عندئذٍ لحقيقة خبره، ولم يدرك سر سعادته ونشاطه!

 

لا يعنيني هنا في كثير أو قليل إذا أعطى بعض أهل العرس عاشق الأفراح بعضًا من المال، أو بقية من طعام، ولكنني مهتم بسرِّه وبخبره، ولأنني لم ألقه، فليس لي إلا التأمل والتخيل في حاله، وأرجو أن أكون مفيدًا لنفسي ولغيري.

 

كيف كان حال عاشق الأفراح هذا وهو يحضر كلَّ عرس وفرح في مدينته الصغيرة؟ كيف كان انشراح نفسه، وسكون روحه، وهو محاط كل يوم بوجوه مبتسمة ومبتهجة، وتشنف مسامعَه أهازيجُ وأغانٍ سعيدة؟

 

أنا متأكد - وإن لم أكن لاقيته كما أخبرتكم - أن أفراح أولئك القوم ومسراتهم وضحكاتهم كانت تسري في رقة ولطف إلى ثنايا روح عاشق الأفراح كالماء الرقراق، فترويها، وتعطرها، وتداعبها، وتدغدغها، وتضحكها، وتحييها، وتنسيها هموم اليوم والأمس، وتَشغلها عن قلق الآتي، وتبث فيها مرح الشباب ونشاطه وأمله عُرسًا بعد عرس، وفرحًا بعد فرح.

 

انظر إليه في غرفته الصغيرة المتواضعة يرتاح بعد عرس الليلة، يفرك بيديه قدميه المتورمتين من طول الوقوف وكثرة المشي، ألمٌ غائر في قدميه يزيد من حدَّتِه كبرُ السن ووهن العظام، ولكنه لم يكن ليأبه له، أو ليبالي به، فسرعان ما كان ذلك الألم الذي كان يسامره كل ليلة يَضعُف ويخفت ويغيب في بحر ابتسامته العذبة.

 

وتكاد تسمعه يحادث نفسه قائلاً في غبطة ورضا: لقد كان عرس الليلة جميلاً ومبهجًا وسعيدًا، لقد استمتعت كثيرًا بمرأى تلك الوجوه الفرحة، وسعدت بخدمتها، وأنا أشتاق لمرأى السعادة مرة أخرى، وألفَ مرةٍ ومرة على وجوه جديدة في عرس الغد، ولن يفوتني حضورُه، وها هي ملابسي تنتظر نظيفةً وجاهزة!

 

وها هو يلتفت إلينا معشر القراء المشغولين القلقين والكئيبين، ويدعونا لحضور عرس الغد، وعرس بعد غد، وعرس كل يوم، ويهمس حذرًا في آذاننا: اسمعوا، فلسوف أخبركم بسرِّي، ولا تخبروا به إلا من تحبون: إن عاشق الأفراح ليس اسمي، بل هو اختياري لحياتي، وأنا سعيد به اليوم وكل يوم!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- الشكر لأبي عبد الله
كاتب المقال: هشام محمد سعيد قربان - الإسلام 30-10-2013 10:03 AM

أخي عبد الله
السلام عليكم
أشكركم لزيارتكم للموقع وللمقال
ولقد أسعدتني بتعليقك الجميل
أسعدك الله ومن تحب في الدارين
وأتطلع للمزيد من متابعاتك وآرآئك

1- جميل
ابو عبدالله - السعودية 29-10-2013 02:28 PM

جميل ما اقرأ
اسرتني القصة فتخيلت نفسي بينهم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة