• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

وردة بلا ساقي .. معزوفة الغياب عنك يا حواء ...!

رشيد العطران


تاريخ الإضافة: 1/10/2013 ميلادي - 26/11/1434 هجري

الزيارات: 9893

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وردةٌ بلا ساقي

معزوفة الغياب عنك يا حواء...!

 

في روضة غناء وعلى ربوة ذات قرار ومعين، كانت تعيش باهية المحيا، باسمة الثغر، تفوح بكل ريح طيب، تراها العين فلا تملها، يحفها عن يمينها نهر وعن شمالها نهر، تترامى عليها أفياء الحب اللطيفة، وتستر محياها أوراق الحياء الخضراء، وعلى جفونها تتراقص نغمات الفرح، عبقها يسري فيعانق كل روح حولها، الجميع هنا يعلن خوفه عليها، وتضحيته من أجلها، لم تكن وردة فحسب، بل هي لون آخر تصبغ به دنيا الحياة.!

 

كل من يراها في ذلك الحقل المحفوف بالإزهار، وجميل الشجر والثمار، يعلن انتماءه إليها، ويسعى لأن يقرب من نفسه ما هو من جنسها ومثيلاتها، لست أدري هل السر في جمالها.؟ أم في عبق ريحها.؟ أم في أصل منبتها ووجهتها.؟ أم في ثمنها وقيمتها.؟ وظني أن شيئاً من ذلك لا يكاد يفارقها.!

 

القلوب دائماً تشتاق إلى ما تحب، فأحياناً قد يكون الشوق لمكان خرب عشت فيه لحظة ذكرى، وأحياناً إلى كتاب ضاع منك بعد طول عهد ومرافقة، وهكذا قد يكون الشوق إلى وردةٍ تعيش في رابيةٍ بعيدة عنك، تحاول أن تشتريها فيقال: في مثل هذه الروابي لا تباع الورود.! ولماذا.؟ فيقال: هي أعظم من أن تهدى.! يالله..

 

وكيف فكاكي: خذها بعهد الله وذمته.!

 

انتزعت الوردة الحمراء الجميلة من جذوعها وهي تجود في تلك اللحظات، وعلى مشارف تلك الروابي بالندى الذي لا يغادر مورد محياها، نعم.. تجود به لنهرها وأفيائها وأوراق الشجر التي كانت تكسو حياءها، يا لقلبي كم هي خائفة أن لا تجد في بستانها وحديقتها من يسقي أغصانها، ويهتم بحياتها، إنها تخاف الذبول الذي قد يحجبها عن الحياة، أو قد يجعلها عاجزة عن أداء مهامها وواجباتها في إضفاء السعد والهناء لمن يدورون حولها.!

 

انتقلت الوردة إلى عالمها الثاني، ورأت في شهورها الأولى الرعاية والحب، والعطاء والتضحية، حتى خيل إليها أنها (ملكة مثيلاتها)، فهنا يد حانية ترعاها، تمسح عن محياها أساها، تتلطف بها حين تلقاها، تحاول حمايتها من رياح الخوف والقلق التي قد تعصف بها إلى بيادي البؤس والهلاك، لقد حظيت بالعيش الهنيء الذي يكفل لها حقوقها وكرامتها، والراعي الأمين الذي يحفظ سرها وجهرها، فهنيئاً لها هذا الهناء المحفوف بالرحمة والمودة بينها وبين ساقيها.!

 

ومرت شهور السعد والبهجة والسرور كلمح البصر، وأتت سنوات عجاف أهلكت الحرث والنسل، وأبادت الخير الذي في قلوب الناس، فاستبدلوا الثمين بالمهين، والجميل بالقبيح، والحلال بالحرام، والحسن بالسيئ، وهكذا حتى وصل بهم الحال إلى القطيعة والشحناء والبغضاء، وهل هذا إلا ثمار الذنوب والهجران.؟

 

لقد كان للوردة الحمراء أوفر الحظ والنصيب من ذلك الوبأ المسموم، تغير صفوها، واصفر وجهها، وأصبحت أسيرة في تلك الحديقة المهجورة، غاب عنها من كان يسقيها ماء الحياة، غاب الذي ربطت به كل آمالها وطموحاتها، غاب الساقي الحنون الذي ملأ كل أركان قلبها، غاب الحب والعطف والحنان، غابت الرحمة والمودة والبسمة والكلمة الطيبة.!

 

لم يكُ ذاك الساقي ميتاً فتبكيه الوردة بجمان عينيها، ولم يكُ مشلول الأركان فتلتف عليه بلطيف أغصانها، ولم يكُ سقيماً يشكو وجعاً أو جرحاً فتضمد جرحه بأوراقها، ولكنه حيٌ تراه كل يوم في صباحها ومساءها.! تحاول أن تغريه ببسماتها فلا ترى إلى التكشير.! تتلطف إليه بانكسارها فلا ترى إلا الإعراض والنفور.! تسترحمه بذبولها وجفافها فلا ترى إلا القسوة والغلظة.!

 

يا الله.. كم هو تعيس ذلك الساقي حين يقتل الحياة في قلوب من يعيشون حوله ثم يطالبهم بالحراك العاطفي نحوه.؟ نعم كم هم منحوس حين يقتل أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم وكل جميل فيهم ثم يطالب بالمثالية المستحيلة.!

 

وهكذا تبدوا حياة الكثيرات من بنات حواء، تعيش السعادة حينا من الدهر، ثم يعانقها الشقاء الدهر كله، فتتمنى أن لو كانت شجرة تعضد، أو شيئاً لا يعقل معنى الحياة لتتخلص من هذا العبء الثقيل الذي رماه عليها ذلك الزوج المنحوس.!

 

وهنا ثمة وصية إليك يا حواء الخير تأمليها وهي:

(إذا كان الرجل قد يبحث عن "الدين، والجمال، والنسب، والمال" فعليكِ أن تبحثي عن "الدين والخلق" فبهما سيكون عيشكِ آمن في كنف العدل، وربوع السجايا الحميدة، وفي الحديث "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" فإذا لم يكن البحث في هذا المدار المنوط بالسعادة والهناء، فليكن الشقاء رفيقكِ في ذلك البستان القاحل الأجدب، وليكن ذبول الوردة الحمراء مصيركِ المحتوم، فليس وراء ذلك من ساقي إلا أن يشاء الله أمراً ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾ [النساء: 47].

 

وهنا وقفة مع أصحاب المروءة والرجولة تذكروا وصايا نبيكم - صلى الله عليه وسلم -: (خيركم خيركم لأهله)، (إنما هن عوان عندكم)، (اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم)، (رفقاً بالقوارير) صلى عليك الله وسلم يا خيرة خلق الله..

 

حبالنا موصولة..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
7- الوردة الحمراء
د/الهميم علي بابكر - السودان 13-10-2013 05:35 PM

ساحر القلوب .خبير بسحر البيان وقوة الشفرة وصدق العبارة وبعدها عن الخيال وقربها منه من زاوية أخرى.على كل ما فقدناك ولاشلت يداك يحفظك الله ويرعاك

6- رائع !
حلا - فلسطين 10-10-2013 01:14 AM

ما أروع ما كتبتم , بوركتم وبورك هذا القلم النديّ

لعلنا نطمع في المزيد من عطائكم هذا

جزاكم ربي الجنة

5- رائع
شميسة - الجزائر 08-10-2013 07:34 PM

جزاك الله خيرا، فقد أجدت أخي الكريم، أسأل الله لكم التوفيق.

4- لله درك جيل جديد من علي الطنطاوي
ابوهديل - الهند...زياره 03-10-2013 01:22 AM

لله درك ودر قلمك..... مدهش بحق... رائع بكلماتك وأحاسيسك.. إلى الإمام
يا أباهارون

3- هكذا عهدناك منذ الطفولة...
صدام حسين - السعودية 02-10-2013 06:05 AM

أحسنت أخي رشيد دائما نتلذذ بكلماتك الراقية ومدلولها المحسوس وعنونها الجذاب فبارك الله في يداك الكاتبة وعقلم المعبر وقلبك المترجم النابغ..
ننتظرك في كل جديد.... وفقك الله إلى كل صواب.....

2- مقال جمع عاطفة جياشة مع أدب رفيع!!!
سمير لطف - الرياض 02-10-2013 05:54 AM

وفقكم الله ونفع بكم ،،،
اللهم ارزقنا الحور العين...

1- بوركت يمناك
امين الرفاعي - اليمن 02-10-2013 05:47 AM

حقيقة دهشت وأنا أقرأ هذه الكلمات وليس غريبا هو عن حبيبنا رشيد لكن تناسق الكلمات والروح العبقة التي صورت المعاني ونسجت خيال الكلمات تستحق القراءة والمتابعة
وأتمنى مديدا مزيدا من هذا الإبداع سلمت أخي وحبيبي رشيد

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة