• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

يحاول التصبر ..

أسامة طبش


تاريخ الإضافة: 30/6/2013 ميلادي - 22/8/1434 هجري

الزيارات: 3487

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يحاول التصبر..


طريح الفراش يُقاسي ألمه المرير، أصابه مرض يُستعصى شِفاؤه منه، بدأ جسمه يتهاوى شيئًا فشيئًا، وبدأت ملامح الضعف والانكِسار تتَّضح على جسمه الهَزيل، حاول مقاومتها، حاول الأخذ بكل أسباب التداوي، بُغية الشِّفاء من مرضه.


في غرفته يلتحف غطاءَ فراشه، يرتعِد من شدة برد الشتاء، الضوء خافت، والليلة مُظلِمة، كان الجو كئيبًا جدًّا، يدخل عليه أبناؤه الواحد تلوَ الآخَر، يتفقَّدون حاله وقلوبُهم تتقطَّع كمَدًا، ابنه الصغير الذي لا تتجاوَز سنُّه العشر سنوات، يُطلُّ عليه من خلفِ الباب خِلسةً والدموع مُنهمِرة على وجنتَيه الناعمتَين، لا يَجرؤ على مواجهة أبيه وهو بذلك الحال، زوجته قد أغلظَت السُّنون شكيمتَها، فشراكة عُمُرٍ طويلة تلك التي جمعتهما، لا تبرح مكانها من جانب السرير، قارَّة عند رأسه مُلبِّية لجميع طلباته.


عندما يسمع صوت المؤذِّن بالمسجد المُجاور يَكاد قلبه أن يَقفز من صدره، يهفو بشوق إلى تلك الشعيرة العظيمة، كيف لا وهو مُداوِم على الصلاة به؟


هو أستاذ بالجامعة، غزير العلم وداعية أيضًا، يدعو الناس إلى الخير، يدعوهم إلى الأخلاق الحسنة، يحثُّهم على التعاضُد والتكاتُف، كلماته تجد صدى كبيرًا، لا يكلُّ ولا يملُّ، تلك هي مُتعته ولذته، هو الآن طريح فراشه يُقاسي مرارة الألم، يَرقُب بوجل مصيره في المستقبل.


كان ضخم الجثة، عَظيم الهامَة، صحته على أحسن ما يُرام، وفجأة باغتَه المرض وألزمه الفراش رغمًا عنه، اختُزل دوره بملازمة بيته، لكنه لم يجزع، بل رضي بقضاء الله وقدره، يَصبِر ويُحاول التصبُّر، حافظ على ابتسامته المضيئة، لسانُه يلهَج بالذِّكر لا يَفتُر، قلبه مُعلَّق بالعَلياء العُليا، هو ذاك حاله في صحته، وحافَظَ عليه في سقمه.


المنزل لا يَكاد يُغادِره نفر من الناس حتى يأتي آخرون، يزورونه كل يوم، وفي كل وقت وحين، وبدل أن يُصبِّروه، هو الذي يُصبِّرهم ويَقذِف في قلوبهم أسمى معانيه، عهدوه ساميًا بأخلاقه وشمائله، حان الوقت لأن يَقطِف ثماره اليانعة، في أشدِّ مراحل ضعفه، يُبيِّن لهم وجهًا آخر لهذه الحياة، الوجه الذي قد يتبرَّم منه الكثير، جعل الكأس المرَّ كالعلقم حلوًا سائغًا شرابه، يتجرَّعُه دون أن يتململ.


تذكَّرَ أيامه الخَوالي، تذكَّرَ مرحلة شبابه، غمرته سكينة عَجيبة، تضمُّه إليها بكل حنوٍّ ومحبة، نذر حياته لخدمة مبادئ آمن بها، ربَّى أجيالاً وأجيالاً، غرَس فيهم البذرة الصالحة قبل أن يُلقِّنهم فنون العلوم، كان قلبه مفتوحًا لكل الناس، يُسدي الخير دون حساب، كان يعلِّم معاني الصبر، والآن يخوض تجربتها، قوة عظيمة ثبَّتتْه وشدَّت من أزره.


إيمانه كبير بالغد المُشرِق، لن يتزعزع ولن يهتزَّ، أمسَكَ بجراحه بكِلْتا يديه، وسار بها مُخترقًا أتون العذاب، يريد أن ينتصر على نفسه، يريد أن يُثبِت أنه قادر، امتحان قاسٍ، لكن لا بد أن ينجَح فيه، إن إرادة الحياة قوة عظيمة يَمتلكها كل إنسان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة