• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

اجتماع

اجتماع
كريم السيد قطاشه


تاريخ الإضافة: 13/2/2013 ميلادي - 3/4/1434 هجري

الزيارات: 3827

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اجتماع


مَسَاء الخَامِس عَشَر مِن جمادى الآخر وتَمَامَاً عِنْدَ السَابِعَة والنِصْف وحَتى رُبع سَاعَة أو رُبَّمَا أَقَلْ.. اجْتَمَعُوا ثَلاثَتهُم.

 

كم كُـنْتُ أتَمَنَّى أن يَقِفَ الزَمَنُ عِندهُم - أو رُبما يَقِفُوا هُم - لَكِن مَضُوا ومَضَى الزَمَنُ كعَادَتِه.

 

أنا كَعَادتي أَفْتَحُ دُكَّانِي قُبَيلَ المَغرِب.. أكْنُسُ أمَامَهُ - أو لا أَفْعَل - ثُم أبْدَأُ بِعَرضِ بضَاعَتي المُعتَادَة مِن العَبَاءات.. البَنَاطِيل.. والأقْمِصَة، كُلٌ في مَكَانِه المُعتَاد، ثُم أُغْلُقُ البَاب حَتى أذهَب للصَلاة في مَسجِد العَمْ فتوح، وَكَمْ أتَمَنّى ترك أُذُنَايَ في الدُّكَانِ حينها حَتّى لا تَسْمَع مَا يَتلو ذَلِكَ الإمَام.. يَحْسبه مِنَ الكِتَاب ومَا هو مِنَ الكِتَابِ في شَئ.

 

عَلَى بُعد سبع خطوات مِن يَسَارِ المَحَلْ يَقَعُ مَسجِد الرَحمَن - لِصَاحِبِهِ عَمْ محمد - ورُغْمَ ذَلك أُفَضِّل الصَلاةَ فِي مَسجِدِ عَمْ فتوح خَشَيَةَ أَنّ يُصِيبَنِي الصُدَاع ولِسَانُ حَالِي يَقُول (قَضَاءٌ أَخَف مِنْ قَضَاء)

 

حِينَها أَصْلًا كَانَ يَتَمَلّكُنِي الصُدَاع فَقَرَرْتُ أَنْ أَكْسِرَ عَادَتِي هَذِهِ المَرَّة وَأُحَضِّر كُوبِيَ المُعْتَاد مِنَ الشَاي بَعْدَ المَغرِب لا بَعدَ العِشَاء.. مِلْعَقَةُ مِنَ الشَاي المَخلُوط بِالقَرُنفُل، وثَلاثُ مَلاعِق إلا ثُلث مِنَ السُكَّر، ولا مَانِع مِن وَرَقَةِ نعناع.

 

مَا إن بَدَأتُ باحْتِسَاءِ الشَاي حتى انتبهت لذلك الصوت.. ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاح.. ﴾ [النور: 35] إنَّهُ هُو.. أسْرَعتُ إلى المِذيَاع رَافِعًَا صَوته.. حَقًا إنّه هو.. القَارِئ الذي دَائمًا مَا أُزَكِيه عَن غَيرِه وَلا يَسَعني إن تلَى إلا أَن أُنْصِت وَأترُك جُلَّ مَا يَشْغَلُنِي عَنه..

 

(محمد صديق المنشاوي).

 

صَحِيحٌ أَنّ في عَصرِنا هذا تستطيع أن تسْمَع مَا تَشَاء لِمَن تشَاء وفي أَي وَقتٍ تشَاء ولكِن عِندما تَكون التِلاوَة صَادِرَة مِن مَوْجَات الإذاعَة وَحَبَذَا مِن مِذيَاعٍ قَديم يَكُونُ لها إحْسَاسٌ أصْدَق وتأثِيرٌ أعْمَق وصَوْتٌ أشجى، وَلا أدْرِي صَرَاحَةً السِر.. لَكن هو كذلك.

 

﴿ ... يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ.. ﴾ [النور: 35]

 

مَا إن سَرَحتُ مَع قَارِئي وأنا أقِفُ عِنْدَ وَاجِهة المَحل أتأمّل السَمَاء وَأتدَبّر آيَات الله إذ بِهِ يَدْنُو بِهَيْئَتِه البُرْتُقالِية المَائلَة إلى الاحْمِرَار.. أحَقًَا هُوَ بِهَذَا الدُنُوْ.. أم أنّهُ يُخَيَلُ إلَيْ؟!.. يَكَادُ يُلامِس سَنَابِل القَمِحِ في تِلْكَ الأرَاضِي عَلَى مَدِّ البَصَر.. سُبْحَانَ البَدِيع ﴿ .. نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ.. ﴾ [النور: 35]

 

جَلَسْتُ عَلى الكُرْسِي القريب مِنَ المِذْيَاع لأُنْصِت عَن قُرْب وَالمُطِل عَلى الشَارِع لأتأمَّل السَمَاء.. هُنَاكَ شَيءٌ مَا يَنقُصنِي.. "ااه" الشَاي.. عَسَى أن لا يَكون قَد بَرد.. الحَمْدُ لله مَا زَالَ سَاخِنًا.. أنا الآن في حَضْرَةِ الشاي والمنشاوي والبَدْر ثلاثةٌ كُلٌ مِنهُم يُلْهِمُنِي ويُنْشِينِي ورُبَمَا يُنْسِينِي أي شَئٍ آخَر، فَكَيْفَ إذا اجْتَمَعُوا ثلاثتُهم؟

 

﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَال ﴾ [النور: 36].

 

حَالةٌ لم أعْهَدْها كَثيرًا مِنَ الصَفَاءِ والرَوْحَانية وارْتِيَاح النفْس.. فَـها أنا أرْتَـشِفُ كُوبيَ المُعتاد مِنَ الشاي الذي ألجَـأُ إليْهِ رَافِعًَا حَالتي المَزاجِية.. وأتأمّـل السَمَاء الّـتِي دائما ما أجِدُ فيها ضَالّتِي الّـتي لا أجِدُهَا عَلى الأرض.. مُسْتَمِعًَا مُسْتَمْتِعًَا بِذَلِكَ الصَوْت الذي يَقْطر شَجَنًا وخُشُوعًا مِن عَبَقِ زَمَنٍ آخر.. يَهيمُ بِكَ إلى الوجُودِ الأعْلَى فَـتؤثر ألّا تَعود.

 

رُبعُ سَاعَةٍ كَانَ كُلُ شَئٍ فِيهَا مُهَيئ لِذلكَ الجَمْع، أُمُورٌ غَيْرُ اعتيَادِيَة مِن أوّل كُوب الشاي المُبَكِر عَن مَوعِدِه وخُلُوُ المَنطِقَة مِن أولئكَ الصِبيَة المُزْعِجِين.. إلى حَتّى تِلْكَ المَركَبَات الضَوْضَائِيَه المُسَمّاه بالتُوكْتُوك التي لَمْ ألْحَظ مُرُورها حِينَها، ولكِن رُبّمَا ظَلّ الشَئُ الوَحِيد المُعْتاد.. أنّ المَحل خَالِي مِن الزَبَائِن.

 

﴿... رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاة.... ﴾ [النور: 37]

 

نَعَم كَمْ كُنْتُ أتَمَنّى أنْ يَقِف الزَمَنُ عِنْدَهم.. ومَالِي مِنْ سُلْطَانٍ عَلَيْه، هَا قدْ بَدَأَ يَرْتفِع ويَتضَاءل شَيئًا فشيئا.. يَسْـلبُني تِـلك البَهجه التي وَهَبَنِي إياها مُنذُ لَحَظَات.. ويَنزَوي وَرَاء تلك الأسْطُح الشاهِقَه.. رُبّمَا لِيَهَبَهَا غَيْرِي.

 

﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَاب.. ﴾ [النور: 39]

 

مَا لَبث الكوب إلا وقَد فَرغ الشاي أيْضًَا وهَا قَد بَدَأَ يُرَاوِدني الشُعور بالصُدَاع مَرةً اُخرَى مَع عَوْدَة تِلكَ المركَبَات الضَوضَائيه بِتلكَ المُوسِيقى العَشوَائيْة الصَاخِبَة وتلك الأصْوَات النَاجِمَة عن حَنَاجِرٍ أقرَب لِحَنَاجِر البَطّ - مَع كَامِل احْترِامِي للبَطّ كَسَائرِ الطُيور، أوْ رُبّمَا كَوَجْبَةِ غَذاء-.

 

﴿ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّور.. ﴾ [النور: 40].

 

حُجِبَ القمَر.. وعَادَ الكُوب فَارِغا.. وعَادَتِ الصِبْية والضَوضَاء.. وعَادَ الصُدَاع.. ولَـم يَعُد الزَبَائِنُ بَعْد.

 

وهَا هُوَ المنشاوي يَفُضّ الاجتمَاع...

(صَدَقَ الله العَظِيم)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة