• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / قصص ومسرحيات للأطفال


علامة باركود

الوحدة واليتم (قصة للأطفال)

الوحدة واليتم
بدر الحسين


تاريخ الإضافة: 13/11/2012 ميلادي - 28/12/1433 هجري

الزيارات: 14697

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الوحدةُ واليُتم


لم يكد يمُرُّ على قرع جرسِ الحصَّة الأولى أكثرُ من رُبع ساعةٍ حتى راحَت جُدران المَمَرِّ الضَّيِّقِ تُردِّدُ صَدى صوتِ أَحَد معلمي الصَّف الثاني الابتدائي، وهو يمسك بيدِ خالدٍ بِقوة، ويصرُخُ عليه بِحَنَق، وهو يثور ويَمُور، وبَدَأ يسحَبُ الطالب بشدَّة لِيرغمَهُ على الدُّخولِ إلى مكتبي، وخالدٌ يتمنَّع ويثبِّتُ رجليه في الأرض بكلِّ ما أوتي من قُوَّة، لقد نَجَحَ المعلم القوي بإرغام الطالب على الدخول إلى مكتبي وصَرَخَ المعلمُ بِغيظٍ: هذا طالب!! هذا مصيبة... أنا لم أعد أحتمل بقاءَه في الصف... إنّـَهُ يُخرِّب علينا الدرس.

 

حسناً يا أستاذ.. لا عليك.. هدِّئ من غَضبِك، أَدركِ الطلابَ، ها هُم تَبِعوك جميعهم. ولم أناقشْهُ في حينها كعادتي في امتصاصِ غَضَبِ الزُّمَلاء في مثل هذه المواقف.

 

وما إن مسحت ُ على رأسِ خالدٍ أسائلهُ عما أحدثَه من إزعاجٍ لمعلمه وزملائه في الحصَّة منذ الصَّباح الباكر حتى أمالَ برأسه الثَّائِر المُنهك وأودَعَـه بين يديَّ، عندئذٍ جلستُ على الكرسي، واضِعاً رأسَه المثقل بإشارات الاستفهام التي لا يجدُ لها حلاً وبِأُوارِ الجراح التي ألمَّت بفؤاده الغضِّ بين يَديَّ.

 

أحسستُ بِهِ حَمَلاً وديعاً، أو عُصفوراً اهتدى إلى العُشِّ بعد ضياعٍ طويل، نعم، لقد أحسَستُ في ذلك الوقت أَن خالداً أَلطفُ طِفلٍ عرَفته في حياتي، َوعندما انتهى من احتساءِ جُرعة الحنان التي اعتادَ أن يرشِفَها من راحتيَّ، جلسَ وقد عَلَت ملامحَهُ علاماتُ الخجَل والنَّدَم، ثم قال بضيقٍ مَشوب بالحزن: أنا آسفٌ يا أستاذ، لكنَّ جميعَ المعلمين لا يحبُّونني، كلُّهم يكرهونَني ما عداك... وحالَ البكاءُ بينه وبين الكلام، أكملَ حديثَهُ المتقطِّع قائلاً: "لم يشترِ لي عمي ألواناً كالتي عندَ ماهر مع أَنَّه وعَدني أن يشتريها لي، وأنَّه عندما يعودُ في ساعةٍ متأخِّرة من الليل سيُعطيها لأمي كي تضعَها في حقيبتي.

 

• لقد فتَّشتُ الحقيبةَ أكثر من عشر مرات- وَكُلُّي أَملٌ في أَن أَجِدَ ضالَّتي لأُري زُملائي الألوان - لكِنِّي لم أعثر على شيءٍ!!.

 

• لقد كَسَرَت قلبي هذه الكلماتُ البريئة الصَّادِقة، وأحسستُ أَنَّ هَدمَ قَلعَةٍ أَخَفُّ وطئاً من كَسر فؤاده. قَدَّمتُ له قطعةَ حلوى، وزيَّنتُ جبهتَه بالنجوم المتلألئة. وخرجَ خالدٌ مبتسماً. يحملُ بين يديه ورقةً كُتِبَ عليها "الأستاذ الفاضل تحية وبعد: لا مانع من دخول الطالب إلى الفصل، تمَّ اتخاذُ اللازم، للحديث بقيَّة في الفسحة الأولى".

 

جاءَ المعلمُ في الفُسحة الأولى، وقد باشرني بعبارات النَّدم على عدم استيعابه لخالدٍ قائلاً: والله إني لأستوعبهُ دائما لأنّه يتيم، لكنه اليومَ لم يكن طبيعيّاً، يفتحُ الحقيبة، وينثرُ ما فيها على الأرض، فأنبَّههُ، وقبل أن تستقرَّ حقيبتُه في الدُّرج لِمُدَّة ثانية يعاوِدُ فتحها، ويفتِّشها وَيُبعثِر ما فيها، والمُشكلة أنَّ جميع زُملائِه قد انشغلوا بِه، وانصَرَفوا عن الدرس بِسَببه.

 

أخبرتُ المعلمَ عن السبب فهدأت حالُه، وتَأَثَّرَ أَشدَّ التَّأَثُّر بمـا سمِعه منّي، والتمسَ لخالدٍ عذراً. وذكَّرتُ المعلم بفضل رعاية الأيتام والإحسانِ إليهم فضلاً عن الرِّسالة العظيمة التي نَحملها -نحن المعلمين- في تَربية النَّشءِ على الصَّبر والتحمُّل والتماس الأعذار للآخرين.

 

خالدٌ - ذلك الطفل المجروح واليتيم الصَّغير- مات أبوهَ قبل أن يذوقَ طعمَ قبلته ودفء أبوَّته. وأمُّه تزوجت بِرجُل يمنعُها من مشاهدته إلا في العيدين. هو يعيشُ عند جدتـه وحيداً.

 

لكنَّ خالداً لم يُقِرَّ بوفاة أبيهِ أَبداً فهو حَيٌّ في ذاكرته، وكثيراً ما يُحَدِّثُ زملاءَه عنه ويقول لهم:" أبي اشترى لي كذا، وأخذني إلى الحديقة في إجازة نهاية الأسبوع، وسافرتُ معه في الصيف إلى دولة كذا، أما أمُّهُ فمَيْتَةٌ في ذاكرته على الرغم من أنها لاتزال على قَيدِ الحياة. لقد وجدَ خالدٌ البديلَ في قَلبِ جدتـه الرَّؤوم.

 

وهكذا استمرت يوميَّات خالدٍ معي زُهاءَ ثلاث سنوات أناصره وأنافح عنه، وأَمسحُ على رأسه وكنتُ أَتَأَلَّم كثيراً لظروفه التي هي أَكبر بكثير من أن يتحمَّل مرارتَها طفلٌ مثلُ خالد. وفي العـام المنصرم كُنتُ قد اتصلتُ بالمدرسة التي نُقِلَ إليها، وحدثتُ المرشد الطلابي عن حالته، ففاجأني بأنَّ جدَّة خالدٍ توفِّيَت، وأنَّه يعيش الآن عند إحدى عمَّاته التي لا تنجب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- إلى أم يتيم من الجزائر
seraj - iraq 17-11-2012 06:50 AM

صدقيني كلماتك أبكتني
للتو كم كان قاسيا ذاك المعلم وهو لا يستحق هذه الكلمة ...ولكن لا تبالي إن شاء الله سوف تجنين ثمرة تعبك من ابنك هذا ويصبح شخصا عظيما في المستقبل
ودي واحترامي للكاتب
ولك ولابنك البار
ولكل معلم شريف
ولكن ليس لمعلم ابنك هذا

1- أم يتيم
أم محمد - الجزائر 13-11-2012 05:12 PM

أنا ابني محمد مر بنفس التجربة، رغم أنني لم أتزوج لأجله بعد وفاة أبيه، وكرست حياتي لأجله بحيث انني خرجت للعمل عاملة نظافة، ورغم الأجر الزهيد إلا أنني أحاول أن ألبي احتياجاته ما استطعت ، متناسية بذالك نفسي ، إلا أن إرادة الله شاءت  أن يدرس عند معلم لا يحس بإحساس اليتيم لقد كان جد قاسيا معه ولا يقبل له أي عذر، لا يتفهم يريده أن يلبي ما يطلبه من التلاميذ مثلا في مناسبات يأخذهم للمستشفى لزيارة الأطفال المرضى لا يستثنيه عن الآخرين بل يجب عليه أن يأتي بلعبة للأطفال المرضى ، وأنا مثلا ما يقول المثل العين بصيرة واليد قصيرة هذا من الناحية المادية، أما من الناحية المعنوية فحدث ولا حرج ينعته بأسماء قبيحة فيضحك عليه زملائه لدرجة أنه يأتيني باكيا من المدرسة، لقد عانيت مع هذا المعلم الكثير ومازلت، فعلا إنه أقبح نموذج للمعلمين ولا أظن أنه يفهم معنى أن يقول لك ابنك :( كل ما أرى طفل مع أبيه اشعر أنني أريد أن ابكي ) ولم يفهم مقولة ( كاد المعلم أن يكون رسول ) نسأل الله التوفيق لابني والهداية لنا جميعا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة