• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

حيلة الرضيع

حيلة الرضيع
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 4/10/2012 ميلادي - 18/11/1433 هجري

الزيارات: 5215

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حيلة الرضيع


حملتْه وهنًا على وَهْن، وألصقتْه بصدرها إلصاقًا، تمنَّت لو يصير ظهرُها من حديد، وصدرُها من حجارة أو أشد قسوة؛ فلا يَصِلُون إليه، تمنَّت لو يُعاد لرَحِمها الآمِن مرة أخرى، تمنَّت لو لم تلدْه فلا ترى صرعتَه، أو تُبصِر قتلتَه، تمنَّت تمنَّت، وعلى الله السلامة.

 

خَرَجتْ به وسط وابلٍ من الرصاص الأعمى قاصدًا إياه ليس غيره؛ فهو الوريث الوحيد لأبيه المتوفَّى من شهور خَلَتْ، وهو مَن عكَّر صفو الحياة على أبناء العمومة، الذين بَنَوا وشيَّدوا الآمال الطوال على هذا الإرث الثمين، الذي ظلوا به أعوامًا يحلمون، ويقولون: عما قريب سنصبح من الأثرياء المنعَّمين.

 

خرجتْ وهي تقول لوليدها بتحدٍّ وعزيمة: "لا تخشَ شيئًا يا وليدي، سوف أَعبُر بكَ كل الحدود، حتى ولو عبرتُ النهر بلا سفينة أو شراع، لا أخشى الموت ولا اليراع.

 

عرجتْ به، وهبطتْ به، سارتْ على الماء، أرهقها التعبُ، وأضناها النصب، وما زادها غير تثبيت ويقينٍ في الأخذ بالأسباب، والله المنجي أولاً وآخرًا، حتى اهتدتْ لبستان طيب غَشِيتْه واتخذتْ من أشجاره سترًا.

 

ولما تربعتْ تُرضِعه لم تجده، لقد رحل للعالم الآخر الذي سبقه إليه أبوه، مدَّتْ يدها المرتعشة لتلامس جبهته؛ وتمنَّت لو لم تصل إليه مخافة الفاجعة؛ أجبرتْ يدها المتراجعةَ الخانعة على القدوم إجبارًا، فإذا جبهته باردة رغم صدرها الحاني الدافئ.

 

هربتْ دمعة ساخنة رغم صبرها، سقطتْ على وجهه الغض، وقبل أن تنطق بكلمة تمنعها من أن تغشى قصرَ الصبر، ألجمتْ لسانَها بلجامه، واختزلتْ في صدرها حزنًا وصرخة، واسترجعتْ.

 

نظرتْ في وجهه المُشرِق كأنه (ملك) قدِّر له أن ينام؛ فقرأتْ في محياه رسالةً مفادها أنه يقول:

"أمَّاه، ما عاد صدرك الحاني مَخدَعي، ولا ثديُك الراوي مرتعي، بل إن القبر قد هيَّأ لي مضجعي، فاصبري أماه، حنانيك ولا تفجعي؛ فلربما حُزتِ قصرَ الصبر لفقدي، ودعوت ربًّا يرفعني إليك؛ فنكون قد ظفرنا بما لم يظفروا به، وتركنا لهم الفانية يتمتعون بها قليلاً؛ حتى إذا انتهوا إلى ما انتهيتِ إليه - ولا بد لهم من القدوم عليه؛ فما هم بمخلدين - تحسروا وندموا ندامة أنستْهم الحرير والديباج والإرث الكبير".

 

ولما وصلوا إليه، ونظرتْ إليهم ونظروا إليه، وأشارتْ إليه قائلة بثبات: إن وليدي قد ظفر بكم وتلك حيلتُه، وإنه يقول لكم: إنه قد خلَّى لكم الفانية وآثر الباقية؛ ولكنه يبشِّركم بأنه لن يطوف عليكم بأكوابٍ وأباريقَ وكأس من مَعِين؛ فخرُّوا سُجَّدًا وبُكِيًّا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة