• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

لقاء في الميدان

لقاء في الميدان
عادل مناع


تاريخ الإضافة: 20/12/2011 ميلادي - 24/1/1433 هجري

الزيارات: 4937

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شاب يقفُ على البابِ بحقيبة ملابسه، وتحت قدميه امرأة بدا عليها الانهيارُ تستجديه عدمَ الرحيل:

• أرجوكَ يا فتحي لا ترحل عني، ليس لي من أهلٍ سواك، لا تتركني وولدك في أحشائي، وحتى الشقة التي نسكنُها سوف نُطردُ منها قريبًا.

 

• فتحي: لقد كنتُ مخطئًا عندما تزوجتُك وأنا أعيشُ في الفقر، ازددت همًّا على همي، غيري يلعبُ بالأموالِ وهو لا يستحقُّها، أنا لا أستحقُّ هذا الفقر، سأرحل وأعمل في بلدٍ يستحق أن أبذلَ فيه جهدي وعرقي.

 

• منى: سأظلُّ بلا مأوى، بلا حماية، لا تتركني أرجوك.

 

فأجابها وهو ينتزع رجلَه من يديها:

- اتخذتُ قراري، سأسافرُ إلى القاهرة إلى أن أجهزَ نفسي للسفرِ إلى الخارج، ولن أعودَ إلا بالملايين، قالها وعيناه تبرقان بالحزمِ وغادر المنزل، ولم ينس أن يقولَ لها قبل رحيله: (أنت طالق) وترك (منى) غارقةً في أحزانِها.

 

لم يكد يمر يومان حتى باعت أساسَ الشقة، وحزمت أمتعتها، وسافرت إلى القاهرة، تبحث عنه قبل رحيله، ولكنها لم تتوصل إليه، وضاقت بها الدُّنيا هنالك، حتى يسَّرَ الله لها من يساندُها ويجد لها عملاً ومكانًا للإقامة.

 

ميدان التحرير بالقاهرة، فبراير عام 2011:

الشابُّ أيمن يجلسُ بين يدي ممرضة تضمدُ له كدمةً بسيطة في جبهتِه أثر تعرضه للقذفِ بحجر عند تصديه مع شبابِ الثورة لمحاولةِ اقتحامٍ للميدان من قِبَل أعوان النظام الحاكم، وقام بعدها بنشاطٍ إلى وسط الميدان مع الجموع السَّاهرة.

 

الجميع يقتسمون الطَّعام، وأيمن يهم بتناولِ طعامه فيرى بجانبه رجلاً في نحو الخمسين من عمره، يبتسمُ إليه أيمن في ودٍّ وهو يقتربُ منه بالطعام، ويطلب منه مشاركتَه.

 

وأثناء الطعام كان الرجلُ تبدو عليه أماراتُ التفكير العميق والقلق، بددها أيمن بخفةِ ظلِّه، وسرعان ما ارتسمت البسمةُ على وجه الغريب.

 

• اسمي أيمن فتحي الشامي.

 

قالها وهو يبتسم، فرد الغريب بدهشةٍ جعلته ينفجرُ ضاحكًا:

• حقًّا؟ يا لها من صدفةٍ غريبة، اسمي فتحي الشامي.

 

وانفجر مرةً أخرى في الضَّحك، لكن أيمن قد اتسعت حدقتاه، وهو يسأله بلهفة:

• عمِّي، هل سبق لك السفرُ إلى الخارج؟

 

أجاب الرجل بارتباكٍ يحاولُ إخفاءه:

• نعم لقد عدت منذ أيام.

 

زادت الكلماتُ من لهفةِ أيمن للتعرفِ أكثر على ذلك الرجل الذي تشيرُ المعلومات حتى الآن إلى كونه والده الغائب، لكنه أخفى لهفتَه ريثما يتصلُ بأمِّه للتعرفِ عليه؛ حيث إنه لم ير صورةً واحدة لوالدِه المهاجر، فاستأذن أيمنُ الغريبَ في إجراءِ مكالمة هاتفية:

• أمي، أريدك في الميدان.

 

وظلَّ يسردُ لها تفاصيل ما حدث، ساعات مضت قضاها الشابُّ والغريب، صنعت بينهما ألفة ومودة كبيرة في ظلِّ الجو المشحون بملامحِ البطولة والتضحية من أجلِ الوطن الغالي، ولاحظ أيمنُ أن الرجلَ يهبُّ من مكانِه كلَّما رأى تجمعًا كبيرًا للمتظاهرين فيختفي بينهم ثم يعود مرة أخرى إلى أيمن، والذي ينتظرُه بشوقٍ عارم، فيجلسان معًا من جديد، يتبادلان الحديث، ومع كلِّ دقيقةٍ تمر، كانت تبدو على ملامحِ الرجل مظاهر التعلُّقِ بأيمن، حتى إنه كان يلاصقُه عند صدِّ أي هجومٍ لأعوان النظام في مدخل الميدان خوفًا عليه.

 

وفي إحدى هذه المرات، وبعد التصدي لهجومٍ عنيف، عاد أيمن والغريب أدراجهما، وبينما كان الرجلُ يتأبَّطُ ذراعَ الشاب بحنان وود؛ إذ بالفتى يسقطُ أرضًا، والغريب يرقب الدمَ المتدفق من جسدِ أيمن، فيصرخ هاتفًا باسمه:

• أيمن، ابنييييييييييييييي.

 

ابتسم أيمنُ في تهالك وهو يقول له:

• عشت 18 عامًا أشتاقُ لهذه الكلمة يا أبي.

 

وفي تلك اللحظاتِ المهيبة تناهى إلى أيمن صوتُ صراخ والدته:

• أيمن، ابنييييييييييييييييييي.

 

أمسك أيمن بيدِ أمِّه وقال لها بصوتٍ خافت: لقد جاء أبي متأخرًا يا أمي، وأمسك بيدِ الرجل، وهو يقربها من فمِه يقبلها وهو يقول:

• أحبك يا أبي.

 

ثم ارتخت يداه، وانكفأت الأمُّ على صدرِه تبكي، أمَّا الرجل، فظلَّ يصرخ:

• أيمن، أيمن، ليتني كنتُ أباك يا حبيبي، خرجت من السِّجنِ وأتيت لأمارس السرقةَ في زحامِ الميدان، لكنَّك سرقت قلبي يا ولدي.

 

أيمن، أيمن، قالها وهو يصرخ في هستيريا، ويحتضن الشاب وكأنه فلذة كبدِه.

 

• قم يا أيمن، سأكون لك كالوالد، لا تتركني بعدما سكنتَ قلبي يا ولدي، قم يا أيمن.

 

احتمله بين يديه ووقف به بعد أن غطَّاه النَّاسُ بالعلمِ المصري، سار به في مشهدٍ مهيب، والدموع تنهمرُ من عينيه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة