• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

من أنداء الحياة

من أنداء الحياة
د. خليل خلف سويحل


تاريخ الإضافة: 14/12/2011 ميلادي - 19/1/1433 هجري

الزيارات: 6161

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مد البِساط وبدأ (المشوار)، من بُؤبؤ الوليد إلى هذَيان الشَّيخوخة، ومن صَوْلة الفارس إلى مُتعة الهازج، ومن رفرفة الفَراشة إلى خَفقان القلوب، ومن رُؤَى العقول إلى نوافذ الرُّوح، مفارقاتٌ صارخة على مسرح هذه الحياة التي نطَق فيها شاعرٌ جاهلي ذات يوم، فقال:

 

سَتُبْدِي لَكَ الأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً
وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ

 

وقابلَه شاعرٌ مُحْدَث، فقال:

 

تُعَلِّمُنِي الأَيَّامُ مَا أَنَا جَاهِلٌ
وَلَكِنَّنِي أَنْسَى فَتَأْتِي النَّوَائِبُ

وَيَلْعَبُ قَوْمٌ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ
وَأَيَّاَمُ عَيْشِي كُلُّهُنَّ مَلاَعِبُ

 

وهل يأتي يومٌ لا أنسى فيه مَواعظ الأيَّام؟ فكَم وكم ننسى العظاتِ حَّتى تنساب العبرات! فما لي أنسى المُنحدرات، وما لي أغفل عن المنعطفات؟ أهكذا سأودِّع الحياة وآثارها، ولا أثرًا لي فيها؟! تلك الحياة التي تركَتْ آثارَها في جوانحي، فالحنين نَهْر يجري في قلبي المتصدِّع، نهر يمتاز عن أنهار الدُّنيا، نهر لا قرار له ولا نهاية، والأعجب من ذلك أنَّه كلما امتدَّ وطال، ازداد غزارةً وشدَّةً في الجريان، يفتح في الجرح جروحًا تَنْزف صبرًا وعزيمة، إنَّه نهر لا يعرف طريقه في تضاريس القلب إلاَّ في سويدائه؛ ليمزِّق بذلك شغاف القلب المتشطِّر، فيعتمل وجَعُ الغربةِ الدفينُ، وتَنْداح على ضفافه قروحُ الزَّمن الأغبر؛ ليرسم في طريق رحلته خارطةَ الأشجان المأسورة في حنايا الضُّلوع.

 

لقاءاتٌ ومواقف من الصَّعب على الذَّات ألاَّ أصِفَها بالبراءة والسَّعادة، مواقف تَجمعني مع النَّفر الذين برؤيتهم تتفتَّح العين، وبمجالستهم تأنس الرُّوح، وتهدأ أوتار القلب (لِسمفونية) دموعهم، وفي حضرتهم تستَسْلِم الأحاسيس إلى لذَّة الأمل، ولولاه ما جرْحٌ اندمَل، وتنقاد النَّفس إلى حشرجة الحسرة عليهم، وإلى مرارة التأسُّف لفراقهم، وإلى حرارة الشُّعور لذِكْرياتهم... مفرداتٌ تستصرخ صمْتَ الحياة وسكونها، مفرداتٌ لها مدلولاتها في عالَم لا يعرف إلاَّ لَحْن البكاء، ومنظر الجراح، إنَّها الجراح التي لم تَتْرك فيَّ مكانًا لضربةِ سيف، أو وخزة رُمح، لكنَّها تركَتْ فيَّ متاهاتٍ ومفازات، تركَتْ فيَّ حنينَ اليتيم، ودمعةَ المسكين، وقهرةَ الفقير، وزفرة المشرَّدين، وآهاتِ العاشقين، ونكدَ المعذَّبين، وعويل الثَّكالى.

 

تركَتْ فيَّ رموشًا لم تَغْفُ ولن تغفُوَ، وكيف تغفو؟ وفي سوادها خيال النَّازحين الذين عثرَتْ بهم حظوظ الحياة، ويا لَها من حياةٍ! إنَّها حياةٌ تأبى اجتماعَ الحاء والباء إلاَّ وكان الرَّاء بينهما؛ التقاءٌ وافتراق، وما الفراق إلاَّ مدرسة نتعلَّم فيها كيف نغتنم فرص اللِّقاء، ولكنَّما اللِّقاء مضى وانقضى، وذلك أنينُ الفؤاد، نهارٌ وليل، وكم أنت أيُّها الليل رفيق مخْلِص، معانِق خواطر الحزانى المسكونين بهواجس المكان، الذي غيَّبوا فيه الأحِبَّاء والأصفياء، وسفَحوا فيه عبرات الحنين، المرهونين للزَّمن، وما الزمن إلاَّ بضعة أيام مستحكمة فينا بآهاتها وويلاتها ومفاجآتها، بل ما هو الزمان والمكان في محراب الحياة إلاَّ كظلال فَراشة على أمواج البحر الهائجة، هذا إنْ كان للفراشة ظلالٌ، ولأمواج البحر هدوء! الهدوء مفردةٌ عرفتُها لفظًا وكتابة، وفاتني قِطارُ معانيها؛ لأنَّ الأيام استوقفَتْني في قاعة المودِّعين الذين يكحلون المآقي بغيم الدُّموع الذي يترك في الوجنات أخاديدَ تسطِّر حكايات الصَّمت والعتاب، وكأنَّ الأرض بشموخ جبالها وسكون وديانِها، وسرِّ كهوفها تقف والِهةٌ متعجِّبة من الأفئدة التي تسيل قروحًا؛ كيف لا تنضب؟ ويا للغرابة من المآقي التي تذرف دموعًا؛ كيف لا تجفُّ! وكيف يكون هذا وذاك والأيَّام لا تحمل في أوراقها إلاَّ الفراق بمفهومه الفضفاض تلك هي الحياة التي تطوي كلَّ يوم من هذا البساط بساط العمر والأيَّام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة