• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

المقعد 32 واي.. والمضيفة الحسناء

د. محمد حلاوية


تاريخ الإضافة: 25/10/2011 ميلادي - 27/11/1432 هجري

الزيارات: 5839

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تسقط الساعة، ينحني، يَلتقطها، يتحطَّم زجاجها، تتوقَّف عقاربها البُنِّيَّة، الزمن يعدو، يَستوقفه الضابط، الزمن يَلهث، يقدِّم أوراقه، تَطعنها الأختام، يُسرع.

 

عقارب ساعته تواصِل وَعْكتها، بينما عقارب الزمن تُهَرول ساخرة، يَسقط منديله الورقي الليموني، ينظر إليه من فوق كَتفه وهو يَعدو.

 

يترك الدرج الكهربي، يَقفز فوق الدرج الرخامي المُزركش، يَصعد، يَنزلق، يَستجمع أطرافه المُتناثرة، يَنهض، يَقهر آلامه، تَنزوي، يَعبُر البوَّابات، يتمُّ الإجراءات، يَتسلَّل عبر البوَّابة الأخيرة، يَصفعه صفيرها، يَتقهقر، يعبث في جيوبه، يُلقي لهم "بالولاَّعة" قُربانًا، يَنطلق دون صفير، يُهَرْوِل خلفه جندي برداء أبيضَ، يَنتزع من يده زجاجة مياه معدنيَّة زرقاء، لا يَلتفت، يَتدحرج داخل منحدر أُنبوبي كجوف الدودة، يَستقر على باب الطائرة.

 

يَتلقَّفه المضيف غاضبًا، يَدفعه، يُغلق باب الطائرة، يُلقي به في مقعد شاغر، يَنظر إليه شذرًا، يحرِّك رأسه للمضيف أسفًا، لا يَبتسم، يَمطُّ شَفَتيْه عذرًا، فيَمتعض، يَسترخي، فيَنطلق المضيف نحوه كالسهم، يُثَبِّت له حزام المقعد بعصبيَّة، يُجَعِّد جبهته صمتًا، يرمي جسده بجواره، يلسعه بنظرة أخيرة وحاجبه الأيسر يُغازل سقف الطائرة.

 

تَزعق مضيفة: طبيب، نريد طبيبًا، يَبتسم للمضيف، يشير المضيف بسبَّابته ممتعضًا: أنت؟

 

يَهزُّ رأسه صمتًا: أي نعم، يقف المضيف قهرًا، يُحَرِّره من مقعده، يَصطحبه، الطائرة تصعد، يترنَّحان، يُصارعان سويًّا الانزلاق والزمن، لا يَبتسمان.

 

المقعد 32 "واي" يرتجُّ تحت راكب يتشنَّج بالصَّرع، الطائرة تواصل الصعود، يَنكفئ الطبيب عليه، يَفتح فمه، فيَفتح المضيف الأكسجين، يَتنفس، واللعاب يَسيل من زوايا فمه، يُجاهد الطبيب تشنُّجاته، عضاته، لُعابه، الطائرة تتشنَّج، والراكب يتشنَّج، الطائرة تُحَلِّق، والراكب يَنتفض، يهدأ الراكب، تَهدأ الطائرة، يَستقر، تستقر الطائرة.

 

يفتح الراكب عينيه، تتهادى نظراته لتَمسح وجه الطبيب، يَندهش، يَتلفَّت حوله، تَهمس عيناه للمضيف: ماذا حدَث؟ يُتَمتم المضيف: حَمْدًا لله على سلامتك.

 

يقف الراكب، يَقهره حزام الأمان، يُحَرِّره المضيف، يَمتشق، يَتمطَّع، يتذكَّر، تنطلق يداه في جيوبه، يُخرج أوراقًا، يَفحصها، يُعيدها، يَخرج مفاتيحَ، يُقَلِّبها، يُعيدها، يُخرج مشطًا، يتفحَّصه، يُلقيه، يَعبث في سائر ملابسه، يُخرج زِرًّا أزرقَ، قلمًا أبيضَ، إصبعَ نعناعٍ أخضرَ، وشريحة محمول ذهبيَّة.

 

يواصل البحث، تتغيَّر ملامحه، يتحسَّس جسده، ينفعل، يُطبق بيمينه على عُنق الطبيب، ويسراه تتحسَّس، ييئَس، يمطُّ رقبته، تبرق عيناه لتَغتال شرف الطبيب، يَصرخ في وجهه: "طَلَّع الفلوس يا حرامي".

 

يبتسم المضيف ابتسامة صفراء، يَندهش الرُّكاب، تنحني المضيفة الحسناء، تَجمع النقود المُبعثرة تحت المقعد 30 واي، يصفِّق الرُّكاب، يَخجل الراكب 32، يتشنَّج من جديد، وكأنَّ قد مسَّه جان، يَنحني الطبيب، يَفتح الفم، يَنحني المضيف، يَفتح الأكسجين، المقعد 32 واي يواصل التشنُّج، ومُحَرِّكات الطائرة تغتال طيور النَّورس الحالمة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- أشكركم
د. محمد حلاوية - مصر / عمان 28-10-2011 10:32 AM

أشكركم على نشر القصة ..
وأشكر كل من استحسن العمل ...

1- أسلوب رائع
greenfresh - arads 26-10-2011 03:12 PM

أكثر ما أعجبني في هذه القصة هو الأسلوب الطريف في وصف أحداث القصة فكل مشهد أو وصف يكون بكلمتين فقط مما أعطى القصة خفة في الظل

لذلك ندعو الكاتب الكريم لمزيد من هذه الجهود و العمل على مشاريع قصصية مماثلة بل و أكبر بهذه الروح الطيبة والخفيفة الظل.
فجزاك الله خيراً

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة