• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

غريب الغربا (قصة قصيرة)

عبدالله الرومي


تاريخ الإضافة: 16/1/2011 ميلادي - 10/2/1432 هجري

الزيارات: 10249

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دخَل القريةَ غريبًا، وخرَج منها غريبًا، وكانوا يسمُّونه "غريب الغُرَبا"!

 

يقال: إنَّ هذه التسمية جاءتْ؛ لأنَّ أهل تلك القرية لم يَرَوْا أغربَ منه، على كثرةِ ما رأوا مِن الغرباء.

ويُقال: إنَّها جاءتْ مِن اسمه، ومِن تصرُّفاته التي لا تتوافق مع تصرُّفات أهل القَرْية.

 

"غريب" هو اسمُ ذلك المعلِّم الذي قضَى في تلك القرية النائية سَنَةً قبل أن يعودَ إلى المدينة التي جاءَ منها.

 

كان المعلِّم الوحيد في تلك المدرسة الابتدائية، ولكنَّه كان كالطَّريد، كالشريد، كالهارب، ولا أحدَ يعرِف السبب.

 

صوتُه مبحوحٌ دومًا، ووجهه معذَّب، وعلى صَلابة بنيته إلاَّ أنه كان شِبْهَ مرتجفٍ دومًا، كمَذْعورٍ من أمرٍ ما.

 

(حديث مساءٍ بين أهل القرية):

• عجزتُ عن فَهْم هذا الرجُل!

 

• يَصِلُه المرتب الشهري فيبذل معظمَه على أهلنا وفُقرائنا، لماذا؟!

 

• يَنتظرُه الأطفالُ بعدَ انتهاء الدوام أمامَ المدرسة؛ لكي يُوزِّع عليهم الحلوى.

 

• صامتٌ معظَم وقْتِه، كيف يعيش؟!

• لا أَدْري ما الذي يجبرنا على حبِّه مع غرابته؟!

• ما هذه الكُتُب الصفراء التي تُصاحِبه أينما ذهب؟!

 

مع "غريب":

بين الحين والحين، كان يَذْهَبُ إلى المقبرة في القرية المجاورة، ويعود وقدِ احمرَّت عيناه، واصفرَّ وجهُه.

 

أوقفتْه مرةً امرأةٌ كبيرةٌ في السن:

• يا ولدي، ما لك؟! هل جرَى لأهلِك شيء؟ هل ماتَ صديقٌ لك؟ ما لك؟ نريد أن نُساعِدَك، كلُّنا نتحدَّث عنك بقَلقٍ يا ولدي، ومنذُ أسبوعين وأنتَ في حالٍ لا تَسرُّ، رجوتُكَ أن تقول لي ما السبب؟

 

• خالتي، هل تَرين الظلام الذي يُحيط بنا؟

• أيُّ ظلام؟ جُنَّ الولد؟! الساعة العاشِرة صباحًا!

 

• خالتي، إنَّه ظلام، وأنتم غارِقون فيه، وأنا أرقُب النورَ كلَّ يوم.

 

سأله أحدُهم يومًا: لماذا يَنطفِئ الضوءُ في دارك بعدَ العشاء ويُضيء مرَّةً أخرى بعد منتصَف الليل؟

 

ولكنَّه لم يجِبه، وسرعان ما انصَرَف، ولم يضئ النور في داره في ذلك الوقت بعدَها، ولكن جيرانه كانوا يَعرِفون أنه كان يستيقظ وقتَها!

 

خرَج ذاتَ ليلة إلى البيادر، فلحقه أحدُهم لينظرَ إلى أين يَسير؟

 

ولكنَّه عاد فزِعَ الفؤاد، ولم يتبَعْه بعدَها، وكان يقول لأهله: سمعتُه يُناجي وينادي كأسدٍ جريح، ويَنتحِب ويَبكي مثلَ طفلٍ صغير.

 

رأوه يَبتَسِم مرَّةً واحدة فقط: عندَما كان إمامُ المسجد يتحدَّث عن أحدِ شُهداء الصحابة الأبرار في خُطبة الجمُعة.

 

ولكن أهل القرية استغربوا:

• نَحْكِي له القصصَ الطريفة فلا يتبسم، ويَحكي الإمامُ قِصَّةً عن الموت فيتبسم، ما أشدَّ غرابتَه!

 

(اليوم الأخير):

وفي يومِ مغادرته بكَى كلُّ مَن في القرية، الشيوخ والأطفال، والرِّجال والنساء، ولم يكونوا يَدْرُون لماذا يبكون، إلاَّ أنَّ أحدَهم صرَخ من بين المودِّعين:

• لقد كنَّا نعرِف جميعًا حقيقة "غريب"، ولكنَّنا كنَّا مكابرين طوالَ تلك المدة، نعم، نحن الغُرباء وليس هو، لماذا لا نكون مِثلَه؟!


التفتَ الجميعُ إليه: أنتَ الذي أصبحتَ تُصلِّي، وتحجَّبتْ زوجتُك قبل أيام؟!

 

على قارعةِ الطريق، وقَف إمامُ مسجد القرية السبعيني، وقد انحنَى ظهرُه وانطوى.

 

ركض "غريب" باتِّجاهه، وعانقَه العناق الأخير، وقبَّل يدَه، وبكيَا طويلاً.

 

وفي صباحِ اليوم التالي، كانتِ القرية هادئةً حزينة، ووُلد طفل.

 

وكعادة أهل القرية، أخذوه إلى إمامِ القرية؛ لكي يؤذنَ في أُذنه ويُحنِّكه.

• وماذا نُسمِّيه يا شيخَنا؟

• سمُّوه: "غريب".

 

.. وارتفع نشيج الشيخ:

كَيْفَ أَنْسَى بَيْنَ رُكْبَانِ الْحِمَى
يَوْمَ قَالُوا: يَا غَرِيبَ الْغُرَبَا




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- قصة مؤثرة
greenfresh - arads 08-12-2011 02:03 AM

بالفعل إنها قصة مؤثرة تشعرنا بابتعادنا فعلاً عن التبصر و التزود لآخرتنا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة