• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

خُبزٌ ودَم (قصة قصيرة)

د. محمد بسام يوسف


تاريخ الإضافة: 25/5/2008 ميلادي - 20/5/1429 هجري

الزيارات: 7866

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
نظر (مجدٌ) بعينيه الطفوليّتَيْن الخضراوَيْن الدامعتَيْن، إلى وجه أمّهِ الشاحب.. متسائلاً:
- لماذا يا أمي؟!.. لماذا قتلوا أبي، وذبحوا أختي الحبيبة (ماجدة) التي كانت تلعب معي؟!..
ولماذا ذبحوا (عصاماً)، أخي الكبير.. بعد أن اعتقلوه؟!..
ولماذا لم يبقَ لدينا طعام في دارنا؟!..
هل أنتِ جائعة مثلي يا أمي؟!

نظرت (أم عصامٍ) إلى وجه طفلها (مجد)، محملقةً في عينَيْه الحائرتَيْن اللتَيْن تعكسان حُزنَ سنواتِ عمره التسع.. نظرت حائرةً مُشفِقة، لا تدري بماذا ستجيبُ صغيرَها الغضّ.. قالت له:
- لا تُشغل فكركَ يا حبيبي، ادعُ الله فحسب: اللهم أهلك الظالمين، ورُدّ كيدهم عنا، وارحم شهداءنا وشهداء المسلمين، وشهداء الشام، وشهداء حماة.. اللهم فرِّج عنا ما نحن فيه.. اللهم..
قاطعها (مجد) صائحاً:

- ماما.. اسمعي يا ماما.. أصوات أولاد الحارة يَجْرون وراء سيارة الخبز.. خبز يا أمي.. خبز.. إني جائع منذ ليلَتَيْن.. وأنتِ جائعة يا أمي.. أعطيني نقوداً لأشتري الخبز.. أخيراً سنأكل يا أمي.. لن نموت جوعاً.. سنأكل الخبز!..

أخرجت (أم عصامٍ) خمسَ ليراتٍ من محفظتها، وحثّت صغيرها على الإسراع قبل أن تغادرَ سيارةُ الخبز حارَتَهم:
- خُذ يا (مجد).. وأسرع.. وانتبه جيداً.. وعُد ببعض الأرغفة.. الله يحميك يا حبيبي!..
انضمَّ (مجد) إلى أولاد الحارة الذين يركضون باتجاه سيارة الخبز، التي غادرت الحيَّ بسرعةٍ إلى الشارع الرئيسيّ المجاور.. حيث مصفَّحات الميليشيات الحكومية التي تحتل كلَّ زواياه!..
تقاسم عشرات الأطفال -وهم يلهثون- آخرَ ما تحمله السيارة من الخبز.. كلُّ طفلٍ حصل على خمسة أرغفة.. وبعضهم بدأ يقضم الخبزَ بِنَهَمٍ وشَغَف.. فيما تعالى صوت ضابطٍ من ضبّاط الحرس الجمهوريّ برتبة مقدَّم:

- قفوا.. قفوا.. يا أولاد.. يا أوغاد.. ماذا تفعلون هنا؟!.. ألا تعرفون أنّ التجوَّلَ ممنوع يا أولاد..!

اختلست (أم عصامٍ) نظرةً من نافذة البهو.. إلى زقاق الحيّ، حائرةً.. قلقةً.. خائفةً.. متمتمة:
- لقد تأخّرتَ يا (مجد).. تأخّرتَ يا ولدي كثيراً!..
دوّى صوت انفجارٍ شديد.. تَبِعَتْه صَلياتُ رشاشاتٍ غزيرة.. فأحسّت (أم عصامٍ) بدوارٍ مفاجئ، لكنها تَمَالَكَت نفسَهَا، وخرجت راكضةً مع جاراتها الهَلِعات، للاطمئنان على أطفالهنّ.. بعض الأطفال قادمون من بعيد، راكضين باكين مذهولين، وثلاثة منهم ما تزال النيران تشتعل في ثيابهم.. ارتمى (مجد) متهالكاً في حُضن أمه المذهولة، ونظر إلى وجهها بعينَيْن خضراوَيْن ثاقِبتَيْن، والدماء تسيل من أذنيه ووجهه وعُنُقه، ملطِّخةً رغيفاً من الخبز يتشبَّث به ويضمّه إلى صدره بين ذراعَيْه النحيلَتَيْن.. ركّز نظراته إلى عَيْنَيْها الخائفتَيْن، ثم ابتسم وقال:

- أمي.. حبيبتي.. خذي هذا الرغيف.. لم أستطع أن أحتفظَ بغيره، أرجوكِ لا تموتي جوعاً، ابقي معي.. نظّفيه من الدم.. وكُلِيه!.. ردّدها مرةً ثانية.. ثم أغمض عينَيْه الخضراوَيْن بهدوء.. وصَمَتَ مبتسماً.. صَمَتَ إلى الأبد!..




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
3- لا تسأليه كيف مات فكما يموت العرْب مات
محمد شعراوي - مصر 30-06-2008 10:32 AM
أين الطريق .. ؟!
2- خبز عجن بدماء المظلومين
shaymaaliraqi - العراق 28-06-2008 11:41 PM
سبحان الله !! منذ عهود طويلة وعلى أرضنا الطيبة ..كان الطغاة يتلاعبون بنا ..يحرموننا الخبز ومعه العيش الكريم ..في البلاد العربية المسلمة نجد هذا الظلم أصبح السوط الذي تجلد به ظهورنا لنركع ....
كأني قراءت القهر والظلم بين سطور القصة
1- ألا بعداً للقوم الظالمين
أبو مارية - الإمارات 28-06-2008 04:28 AM
عذراً يا سيدي فقد ألهبت في قلبي بركاناً كان خامداً , وفجرت في عيني نهراً كان جامداً
ولكن لا أقول إلا رحم الله المظلومين من أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم وتقبل شهداءنا وستر نساءنا .
ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون , وإنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة