• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

سائق على الطريق

محمود سلامة الهايشة


تاريخ الإضافة: 15/9/2010 ميلادي - 6/10/1431 هجري

الزيارات: 6736

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الساعة السادسة مساءً، والجو باردٌ جدًّا، نزلتُ مِنَ السيارة التي أقلَّتْني من بلدتي إلى أوَّلِ طريق قرية نائية لعائلةِ زوجتي، الطريق تُحيط به الأراضي الزِّراعية من كافَّة الاتجاهات، فوقفتُ بجوار إحْدى الأشجار الضخْمَة الموجودة على جانبي الطريق، فنظرتُ حولي فلم أجِدْ إلاَّ سيارة نِصف نقل، ممتلئة بصناديقِ الجوافة، ويقف بجوارها البائِع، ويَقِف تحت لمبة عمود الإنارة، وسيَّارات النقل الثقيل تسيرُ بسُرعتها الراعِبة، مرَّتْ أمامي عِدَّة سيارات خاصَّة، ولكن كالعادةِ يخاف سائقوها أن يتوقَّفوا لشخصٍ غريب لا يعرفونه في مِثْل هذا التوقيت، أو في مِثْل هذه الطرق الزِّراعية، مرَّتْ خَمسُ دقائق، فرأيتُ امرأةً تأتي وتقترب مني بعدَ أن نزلتْ مِن سيَّارة أُجرة كانتْ تسير في الطريق العُمومي، وعندَما اقتربت منِّي أكثرَ استطعتُ أن أتبيَّن منها، فوجدتها امرأةً طويلة، ترتدي فستانًا أسودَ، وتَرتدي فوق رأسِها نِقابًا أسود، فوقفتْ على مسافة خمسة أمتار، وألقتْ عليَّ السلام، فرددتُ التحية، وكلَّما مرَّتْ أي سيَّارة مهما كانت، رأيتها تَرْفَع يدَها وتُشير لقائدها حتى يتوقَّف، فاندهشتُ لجُرأتها الشديدة!

 

فهي تُريدُ أن تركبَ أيَّ سيارة! وأنا رجلٌ وأعرِف أنَّه لن يقف لي أيُّ سيارة لخوْف الناس في هذا الزمان القاسِي على أهْلِه، مرَّت دقائقُ معدودة، وفجأة! وجدتُ سيارة أُجْرة تمرُّ وتقترب منَّا، فأشرتُ لها، وكانتْ تلك المرأة تُشير هي الأخرى، ولكنَّ سائقها لم يتوقَّفْ أمامَها، بل توقَّف أمامي، فهممتُ بالركوب، فأتت تلك المرأةُ مهرولةً تُريد أن تفتحَ الباب الخَلْفي، وقبل أن أجلِسَ على الكرسي بجوارِ السائق، كانتْ هي قد ركبِتْ وأغلقتِ الباب، فانتظر السائقُ حتى أركبَ وأغلق الباب، ثم انطلَق في طريقة، فالتفتَ برأسه موجهًا كلامَه لتلك السيِّدة: على فِكرة أنا كنتُ لن أتوقَّفَ لكِ لولا وجودُ هذا الأستاذ - وهو يشير بيده لي.

 

فقالت: لماذا؟!

السائق: لأنِّي لو توقفتُ لكِ ورأيتِ السيَّارة ليس بها أيُّ راكب، فسوف تَرْفُضين الركوب؛ لذلك توقفتُ للأستاذ ولم أتوقَّفْ أمامكِ.

 

فقلت له: على فِكْرة أنا واقفٌ على الطريق قبْلَها، ولكنَّها بمجرَّد أنْ وصلتْ إلى هذا المكان، كانت تُشير لأيِّ سيَّارة مرَّت، سواء أكانت نقلاً أم خاصة، ولكن لم يتوقفْ لها أحد، فردَّتْ هي تقول له: أنا لستُ خائفةً مِن شيء، ربُّنا هو الستَّار.

 

وفي منتصَف الطريق أعطتْ للسائق أُجرتَه، وطلبتِ النزول، فتوقَّف ونزلتْ بعدَ أن شكرتْه بشدَّة.

 

وأصبحتُ أنا وحدي معه أواصِل طريقي، فنَظر لي وسألني: هل تَعلم أنَّه لولا أنت ما كنتُ واقفًا لها؟


♦ لماذا لا تُركِبها معك؟

♦ مُنذ فترة كُنتُ أسير بسيَّارتي على نفس هذا الطريق، وكُنتُ أمتلِك في ذلك التوقيت سيَّارةً أخرى غير هذه قبلَ أن أبيعَها وأشتري هذه - وهو يضرِب بيده على عجلة القيادة - وفي ليلة مُمطِرة، رأيتُ سيِّدةً تشير لي من بعيد، وكانت واقفةً بمفردها، وعندَما اقتربت منها بدأتُ أُهدِّئ من سرعة السيَّارة حتى أتوقَّفَ أمامَها بالضبط، وفجأة! وفي جزءٍ من الثانية، وفي لَفْتة عين لمحتُ رأس رجلٍ متوارٍ بين الأشجار الموجودة على الطريق؛ وذلك لأنَّ كشافاتِ السيارة الأمامية كانت مُضاءة.

 

♦ بمجرَّد أن أدركتُ الموقف، فصرت أضغط برِجلي على البنزين بدلاً من الفرامل فانطلقتِ السيارة بأقْصَى سُرعة، ولكن فجأة! وجدتُ السيارة تنزلق منِّي على الطريق، حيث قام اثنان من الرِّجال من على الجانب الأيْسر برَمْي جِذع شجرة تحتَ السيارة، فمرَّتِ العجلة الخلفية اليُسرى على هذا الجذع؛ ولأنَّ السيارة كانتْ تسير بأقصى سرعتِها فقد حَدَث خلل وعدم اتِّزان، وكدتُ أن أنقلِبَ، وانطلقتُ مسرعًا حتى وصلتُ منزلي.

 

♦ أكيد هؤلاء قُطَّاعُ طريق يريدون السطوَ على السيَّارة؟

♦ ظللتُ طوالَ هذه الليلة غير مصدِّق ما حدَث لي، ولم أنَمْ ولم يغمد لي جفن من شدَّةِ الخوف.

 

♦ أكيد الجوع والخوْف الشديد يجعلان الإنسانَ لا يستطيع النوم.

♦ بصراحة الخوف جَعَلني لا أستطيعُ أن أخرجَ إلى العمل بالسيَّارة إلاَّ بعدَ أن أهدأَ تمامًا؛ مِن شِدَّة التعب والإرهاق.

 

♦ الآن فهمتُ لماذا أنت لم تكُن تريد أن تتوقَّفَ لهذه المرأة.

♦ بصراحة يا أستاذ أنا كنتُ خائفًا منك، وأحسَبُك معها أنت الآخَر!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة