• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

المناظرة

د. سيد عبدالحليم الشوربجي


تاريخ الإضافة: 26/5/2010 ميلادي - 12/6/1431 هجري

الزيارات: 9091

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عادت للتَّوّ من مناظرة حامية حول الحجاب، وظهرت على شاشة الفضائيَّة متألِّقة في مظهرِها متأنِّقة في كلامها، أفحمَتْ مَن كان أمامَها من أرباب العمائم والمشايخ، الَّذين لَم يستطيعوا أن يُواجهوا ردودَها أو يُجابِهوا تعليقاتها حول عدم صلاحية الحجاب في هذا العصر، عصر العوْلَمة الثَّقافيَّة والسَّماوات المفتوحة.

 

بدا البرنامج وكأنَّه مصنوع من أجلِها، ظهر ذلك من خلال اختِياره للطَّرف المؤيّد للحجاب؛ إذ لَم يكن على درجة عالية من الإقناع، وإظهار الحجَّة القويَّة، وقد يكون السَّبب حياءه؛ إذ كان بين اثنتَين ترفضان بشدَّة فكرة الحجاب، وقد يكون السَّبب ضعف حجَّته وأدلَّته الَّتي حرصتْ مقدّمة البرنامج أن تقِف ضدَّها هي الأخرى، وقد دأبت على التَّشويش أحيانا، وأحيانًا أُخَر لَم تكن تعطيه الفرصة كاملة في شرْح رأيِه، وإبداء وجهة نظره.

 

خرج البرنامج منتصرًا للرَّأي المؤيد لرفْض الحجاب، وعدم ملاءمته لهذا العصر؛ إذ إنَّ دوْرَه كان مألوفًا في الأزمنة الماضية، أمَّا هذا العصر فليْس للحجاب أو فرْضه داع.

 

بدتْ منهكة بعد انتهاء البرنامج، عادت إلى البيت مسرِعة بعد أن استقلَّت سيارتها الفارهة.

 

♦ مي، أين أنت يا حبيبتي؟ أين هي؟! لقد تركتُها في البيت وأوصيْتها أن تستمِع إلى البرنامج وتنتظرني حتَّى أرجع.

مي .. مي، أين أنت؟

♦ أنا هنا يا أمّي، أنا آسفة لم أستمِع لندائِك؛ شغلني هذا البرنامج الرَّائع.

♦ ما هذا؟

♦ برنامج عن الحجاب.

♦ حجاب!

♦ ألَم تستمعي للبرنامج الَّذي كنت ضيفة عليه؟!

♦ لا يا أمّي؛ كان برنامجًا مملاًّ لَم أستفِد منه بشيء؛ الضَّجيج الَّذي كان فيه شتَّت أفكاري فلم أتابعه وتركتُه، لكن هذا برنامج رائع دعيني أُتابعه.

♦ لا لا يا مي، لا تستمعي حبيبتي لهذه الأفكار الرَّجعيَّة المتخلّفة.

 

قالت الأمّ ذلك بعد أنِ استمعتْ لبعض كلِمات من البرنامج.

♦ لا يا أمّي، إنَّ الرَّجل يعرض لرأْيِه بمنطقيَّة رائعة، وحُجج قويَّة تَجمع بين أوامِر الدِّين ومقْتضيات العصر، ويتكلَّم كلاما مقْنعًا وواضحًا.

كان الضَّيف حينها يتكلَّم قائلا:

الحجاب مطلوبٌ من المرأة كواجبٍ شرْعي وأمر تعبُّدي في المقام الأوَّل، فضلا عن كونِه صمام أمان وسياجًا يَحمي المرأة من أضرار ومضايقات كثيرة، وضرورة فطريَّة فطرها الله تعالى عليْها، فإذا أرادت المرأة أن تغيّر هذه الفِطْرة فإنَّها لن تشعر براحة أو سعادة، حتَّى وإن بدت أمام النَّاس سعيدة؛ لأنَّها تفقد جزءًا من تكوينها الأنثوي وهو التستّر، فالمرأة المتبرِّجة تشعُر بنقْصٍ دائم وحاجة ملحَّة في فطرتِها إلى التَّستّر والاحتشام، هذا أمْر، أمر آخر فإنَّ الحجاب يصون كرامة المرأة ويكون سببًا لاحتِرام الرَّجل لها، فالمرأة المتبرِّجة مُمتَهَنة في عين الرَّجُل، وإن أظهَرَ اهتِمامه بها؛ فإنَّه لا ينظر لها نظرةَ تقْدير؛ بل نظرة حيوانيَّة شهوانيَّة فقط يُريد أن يستمتِع بها، مثلُها في نظرِه مثل أيّ شيءٍ جَميل يَقتنيه، حتَّى إذا اختفى هذا الجمال تدريجيًّا في نظرِه فكَّر في البحث عن غيرِه، وهكذا ...

 

وقبل أن يكمل الشَّيخ كلامَه عن الحجاب ثارت الأمّ، وسارعت بإغلاق التّلفاز.

 

♦ مي حبيبتي، لماذا تستمعين لهذه الأفكار إنَّها أفكار مسمومة، تعيدنا إلى الوراء مائة عام، وإلى عصور التخلُّف الماضية، حبيبتي استَمِعي إلى أغنية عاطفيَّة أو فيلم رومانسي، القنوات مليئة بِهذه الأشْياء الممْتِعة والمسلِّية.

 

♦ لقد ملِلت هذه الأشياء يا أمّي، لا أجد فيها راحتي بل إنَّها لا تزيدُني إلاَّ ملَلا وضِيقًا، أصبحتُ أمْقُتها، لا تعطيني الجرعة الَّتي تريح نفسيَّتي وتفْكيري، بل تحوَّلتْ في أذني إلى صراخ صاخب لا أَستطيع سماعها، ما فائدة الحياة إذا صارتْ بِهذا الشَّكل؛ إنَّها لا معنى لها ولا روح فيها ولا جديد يطرأ عليها، دعيني يا أمّي لا أريد هذا الصَّخب لقد ملِلتُه.

 

♦ لا بدَّ أنَّك مريضة يا حبيبتي، سأسْتدعي لك الطَّبيب النَّفسي ينظر ماذا حدثَ لك، لقد جاءتْك هذه الحالة مرَّة أخرى.

♦ لماذا تصرِّين على أنِّي مريضة، أنا في كامِل قُواي العقليَّة، إنَّ تعَبي من هذا الخناق الَّذي تفْرضينه عليَّ، إنَّك لا تعطينني حرّيَّتي في اختِيار شكْل حياتي، لقد طلبتُ منكِ أن توافِقِي على أن أَرتدي الحجاب، رفضتِ بإصْرار، لماذا؟ لا أدري! لقد مللت من الأطبَّاء، كلامُهم مُملّ ونصائحهم أكثر ملَلا، لا أُريد أحدًا منهم، أنا أعرف علاجي وسأرْتدي الحجاب مهْما كانت النَّتائج.

 

♦ يبْدو أنَّ طريقتي في ترْبِيتك هي الَّتي شجعتْك على هذا التمرُّد، لن أسمح لك أبدًا بهذا، لقد أنفقتُ أكثرَ من ربع قرنٍ في مُهاجمة هذه الأفكار الرَّجعيَّة، ثمَّ تأْتي ابنتي الوحيدة الَّتي خرَجْتُ بها من الدنيا تلتزِم بهذه الأفكار! لقد تركتُ والدَك لأنَّه كان يُعاملني معاملة متسلّطة؛ فهو الآمِر النَّاهي الَّذي يقول فيُطاع، تركتُه ورفضت أيَّ سلْطة لرجُل علىَّ، أو أيّ سلطة أخرى تقيّد حرّيَّتي مهما كانت، ولا أريدك حبيبتي أن تَحبسي نفسَك داخل هذه الخيمة المسمَّاة بالحجاب، أنت ما زلت صغيرةً، استمْتعي بحياتك وبوقْتِك، لا تدَعي هذه الأفكار تسيْطِر عليك، انسيها حبيبتي.

 

♦ لا .. لا .. لا - اندفعت ميّ في صراخ هستيري - دعيني وشأْني، لقد اخترتُ طريقي ولن أَحيدَ عنْه مهْما كان الأمر.

 

وجدتِ الأمّ يدَها تندفع بشكْلٍ لا شعوري لتسقُط على وجْهِ ابنتِها بصفعاتٍ مُتتابِعة، تلقَّت ميّ الصَّفعات دون أن تتحرَّك، اندفعت بعدها في بكاءٍ هستيري، لَم تشعُر الأمّ بعد هذه الحالة اللاشعوريَّة إلاَّ وهي في المستشفى.

 

♦ مي ... مي ... مي، أين أنت يا حبيبتي؟

♦ أنا هنا يا أمي بِجوارك، لا بأس عليك، آسفة لقد كنت السَّبب.

♦ لا يا حبيبتي، أنا المتأسّفة، لأوَّل مرَّة أمدّ يدي عليك، ما أجملك وأنت بالحجاب يا حبيبتي، لكنَّك بدونه كنت أجْمل!

 

اندفعت الدّموع من عينيْهِما، ارْتمت ميّ في أحضان أمّها، واختفى وجه الأمّ تمامًا في حجاب ابنتها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- بارك الله فيك أمتعتنا وأفدتنا
نجيب - سوريا 27-05-2010 02:24 PM

القصة معبرة ومؤثرة وهادفة بارك الله فيك والله لقد استمتعت بقراءة المقال لما فيها من العبر والتأثير الفعال كالدواء الناجع الذي يصيب أصل المرض فيشفيه وأحسنتم العلاج والاستدلال بوركتم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة