• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

حلقات مفقودة: ثلاثية سردية

حلقات مفقودة: ثلاثية سردية
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 18/5/2024 ميلادي - 10/11/1445 هجري

الزيارات: 1456

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حلقات مفقودة (ثلاثية سردية)


حلقة أولى

• يوم أن مات تذكرته، وكم من أناس لا يُذكَرون إلا إذا ماتوا! حتى إذا مرَّ مشيِّعوه تبعته، فأثار وقعُ أقدامهم لديَّ نقعَ السنين؛ فأيقظ من ذاكرتي ما يخصُّه حتى وكأني أرى الناس الآن وهي تحثُّه على أن يجلب الماء سريعًا ليُطفِئ الحريق الناشب في أعطاف البيوت!

 

• فأسرع ويا ليته أبطأ وتمهَّل؛ فبدلًا من أن يأتي بما يَبتر شجرتها من حيث نشأت أتاح لها أن تطلق ألسنةً عديدةً أخذت تؤجِّجها الريح التي اشتبكت معها، فتشيعت النارُ لتطال من الدور عروشًا وسقوفًا!

 

• ومن يومها صار أحاديث القرية وشجونها، وربما سامرها متى اجتمع المسامرون! حتى إذا مرَّ الدهرُ عليها بجديديه طُمست، وما دلَّني عليها إلا خبرُ موته؛ فلما أوشكت على الضحك رغمًا عني رمقني أحدُهم بعينَي معاتبٍ فألجمت فمي، وقبضتُ بالعزيمة على معصمي.

 

• قضيت الجنازة وتبعثَرَ سوادُهم المجموع، حاولت أن أسترجع المشهد صافيًا دون خدوش، وقد حامت حول رأسي هالات من الذكريات لقديمات الحكايا، وددت لو أجد شاهدًا لها فأحادثه! تراجعت لأن المَقام مقام أهل العِبرة والعَبرة، فانصرفت داعيًا له بالرحمة، موقنًا أن أقدار الله تسبق كل حذر!

 

(حلقة ثانية)

• هبط درجات السُّلَّم شاكيًا لأمه إعراض الطير عن قمحه الذي حلَّاه بالسكر وآنية الخزف التي تزيَّنت بسنابل القمح المُذهَّب، وإن من دواعي عجبه ناهيك عن غضبه أنها تركت كل ذلك وانصرفت لحقلٍ قد دَكَّ صاحبُه لها خيال ظل من خشب! بإحدى يديه العصا وبالأخرى جرس، فإن حَلَّقت مقبلة لوَّح لها؛ فخافت راجعةً، وإن عاودت جاءتها ريحٌ تعصفُ من جوف الجرس، وأما قمحي فمنثور لها وما عليه من حرس!

 

• ضمته لصدرها وهي ضاحكةٌ وماسحةٌ عن وجهه الغض غبار الغضب.

• تلك طبيعة الطير يا ولدي؛ أن تنطلق فتغدو وتروح وتذهب وتجيء حتى ترتزق!

• وإن أعياها الطلب؟!

• وإن أعياها الطلب! ألم تتعلم من الحديث الشريف يا ولد؟!

• بلى، أتذكره!

• فصلِّ على قائله!

• صلى عليه الله وسلم.

 

ويدسُّ رأسَه في حِجْرها حينًا ثم ينتفض:

• أسألك سؤالًا يا أمي ولا تقولي حين تكبر أخبرك! لِمَ لَمْ يجعل الله لنا مثل الطير أجنحةً؟

• ابتسمت بأسًى لا يدركه: فيا ليت لنا مثلهم أفئدة!

• كلامك صعب لا أفهمه!

أخذت معها عيناه وحلقت بها، فلما أبصر تبسَّم وأغمض العين رضًا بما حصل.

 

(حلقة ثالثة)

شمسه الجديدة لا تزال معلقةً بفضاءات صدره؛ إذ تطلع كل يوم تزَّاوَر عن كهفه، تنتظر منه السطوع الجميل حتى وإن أغارت عليها سَحَاباتٌ من خوف أو جزع بظهور نجم طاغٍ أو زائف عليها ليحتل ساحة الظهور، فتستجدي فيه روح البقاء للأصلح! وقد جعلت من ساعة الحائط المثبتة بجدار الدار مؤشرًا لها ومنبهًا له، حتى المصباح المُتدَلِّي من مركز دائرة الحجرة ليمسي ممثلًا عنها متى غابت لكونها ذات مواقيت!

 

وعلى الرغم من كل أولئك الثلاثة في صحبته ليلَ نهارَ لم يشرع حتى الساعة أن يجعل منهم مقاريض يقطع بها دوابر الكسل، أو أن يربط على وشائج الأمل بحبائل العمل، ظنًّا منه بأن رابعةً معهم ما زالت مفقودةً ولم تأتِ بعد، وأن جديده مرهون بها، فهي الواصلة والفاصلة في إنجاب يوم جديد حافل بالتغيير!

 

ومع الأسى والأسف هو الآن بالمشفى لوعكة صحية مفاجئة، أسيرًا للأسِرَّة الحكومية وعين عطف عوَّاده يسألهم البقاء معه ليؤازروه في محنته، وأنهم هم الساعد والمساعد بعد الله، ولن يسمح من بعد الساعة للسُّحُب المغيرة أن تحتل مواقع شمسه المقدرة أو الظاهرة، وأن جدار القلب الموشك أن ينقض سوف يقِيّمه ويسعى جاهدًا، وأنَّ وأنَّ حتى كأن - ليت - لعل، سوف يكنَ طوعًا لغده، ويبسط يده المخضَّبة دمًا المدجَّجة بالإبر والمحاليل العلاجية آملًا في الثلاثة المبايعة، فأما المصباح فقد تنصَّل معللًا:

• أنه مرهون بوجود التيار، وما الجدوى إذن من مصباح فقد ضياءه؟!

 

وأما الشمس وساعة الجدار فكانت حجتهما قوية إذ قالتا بصوت واحد:

• صرنا جميعًا رهائن وكيف يفي المرتهن؟!

 

أخرج من تحت الوسادة يده فإذا هي كما هي بغير سوء ولا بدم مُضرجة! تحسس المصباح المُتدَلِّي من مركز الحجرة فإذا هو مُتَّقِد، وكذا ساعة الحائط المثبتة بجدار داره وعقربها الرَّقَّاص ينبض بالحياة، وأما شمسه الجديدة فخلف النافذة تنتظر منه الخروج.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة