• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

صرخة أمل

صرخة أمل
حسنية تدركيت


تاريخ الإضافة: 16/12/2023 ميلادي - 3/6/1445 هجري

الزيارات: 1639

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صرخة أمل

 

إن الإعاقة تجرِبة إنسانية سامية، حين تُعرِّفك على القوَّة في صورة الضعف، وعلى الضعف في صورة قوَّة، تُعطيك مقدرة خاصَّة على التعرف أكثر على إنسانية المُحيطين بك، وعلى قُدرتهم على اجتياز اختبار العطاء بفخر وامتياز، أو فشَلهم في فَهْم معنى العطاء والمنع، إن المنح والمِحن بحق اختبار لمعادن الناس، وبها يأخذ كل منا قدرَه وقِيمته، فمنا مَن تسمو به إلى درجة المقرَّبين، ومنا من تُلقي به من أعلى كبريائه وحُمْقه وجهله وغروره إلى أسفل سافلين.

 

من حُكْم تَجرِبتي أَنطلِق بفكري إلى الآفاق البعيدة أجوبها شرقًا وغربًا، وقد كتمتُ صرخة في صدري وأنا أُطالِع هذا العالم الافتراضي (النت) الذي تعلَّمت منه الكثير، طالعتني مرة صورة، حاورتني وحاورتها، أصابتني الدهشة من الأشياء التي قد لا يَنتبِه لها غيري، كانت امرأة لا تَملِك قدمين، يبدو نصفها الأسفل مبتورًا، لكنها لم تَفقِد الأمل، تتَّسِع ابتسامتها لتُعانِق الشمس والحياة، ويرتسم الأمل طفلاً تُداعِبه بشفتيها تلاعبه وترتوي من نهر أمومة فقدتها الكثيرات ممن يتبخترن ويتكبَّرن ويتجبَّرن بعافية هي في الحقيقة ابتلاء لهن، تُحاوِرني الصورة في الطرف الآخر:

انظري إلى مَن يُرافقني كظلي، زوج محبّ ودود بشوش معي كظلي في حِلّي وتَرحالي، لم يُشعِرني قطُّ أنني لست جديرة به، قدَّرني كإنسانة رُوحًا وقلبًا وشعورًا وإحساسًا وكِيانًا، ولم ينظر إليَّ جسدًا وشكلاً ومظهرًا، وكأنما انجلى جمالي الداخلي على مظهري فأنساه ما نقص من جسدي، عندها أحبَّني كما أنا، أُوقِن أنه لا ينظر لغيري من النساء فاكتفى بي حبيبة وزوجة وأختًا وصديقة، حاجتي للعطاء شمَلته، ورغبتي في البقاء غمرته، وتقديري الكبير له ولما يُقدِّمه لي أعجزه أن يتغيَّر أو يتبدَّل عني في يوم من الأيام، أهمس لنفسي: أكثر الرجال هم بحاجة إلى تقدير من زوجات مغرورات يَحتجن للتغيير، فهو يعبِّر عن شكري له بقوله دائمًا:

لا تشكريني فأنت جوهرة قلبي التي أَجِد عندها ذاتي وسعادتي، أنت ببساطة سكني ووطني الذي أَحِن إليه.

 

توقَّفت هنيهة ألتقط أنفاسي:

أوّه يا ربي! هذا ما كان يدور بخَلَدي، هذا ما أُحِسه يتغلغل في سويداء قلبي، شكرًا وحمدًا لك يا رب.

 

أُحِس الشكر عُنوانًا لكل من يحب العطاء.

 

لمن حرمه المجتمع من أن تَنطلِق هذه الطاقة الجبارة من بين حناياه خيرًا وبرًّا ورقيًّا، لكن لا، ما زالت الصورة تُحاوِرني وتُعلِّمني، انظري - تشير إلى طفل صغير يسير إلى جانبها بحب - إنه زهرة قلبي، ابني يأخذ عني معاني الحياة حينما نتوافَق فيما بيننا ويسخِّر كلُّ منا النعمَ التي أنعم الله بها عليه؛ فأنا لا أَملِك أن أركض بقدمي، لكنني أملِك أن ألتحق بالركب بأي وسيلة كانت، أمتلك القدرة على أن أُحِس بآلام الآخرين وبأوجاعهم وأحزانهم، وعندي قدرة فائقة على أن أُخفِّف عنهم وأُسعِدهم، فإذا هم يتحرَّرون من القيود، أخجلتهم عافيتهم أن يستسلموا لسقم أقعدهم، على أن يعملوا ويَجدُّوا من أجل سعادتهم وسعادة مَن يحبون، إنه السر الإلهي، متى ما منع أعطى أكثر مما نتصوَّر، متى ما أغلق بابًا فتح أبوابًا عدة برحمته وفضله وجوده.

 

إنه رب رحيم كريم، يمنع ليس ليُعذِّب بل ليُهذِّب، يمتحننا فتسمو إنسانيتنا، انظري، ابني حبيبي نمت معه بذرة الحب والحنان وأصبح يروي به الضعفاء، لقد كنتُ له رمزًا للعطاء لا للأخذ، وجدني شلالاً مُتدفِّقًا من الحب يَغمُره، لمسة حنونًا وكلمة طيبة وحبًّا يَكبَر معه يومًا بعد يوم حتى أضحى هو عالَمي المُتحرِّك.

 

أبتسِم لجمال وروعة حوار إنساني أنسانِي وجعًا كان قد بدأ للتوّ، عادت محذِّرة ناصحة وكأنها تعرفني:

أوَعاد ذاك الخبيث يُحدِّثك ويُثبِّط همتَك عن اللحاق بركب السعداء؟

أوَتجلس مِثلك وترضى بالدون والهوان؛ لأنها فقدت القدرة على المشي مِثلي؟

 

أوَترضين أن تكوني في صفوف المنهزمين المستسلمين لليأس، وأنت نبض الإيمان يَشِع بداخلك ويحثّك على المضي قُدمًا نحو جنة عرضها السموات والأرض؟

 

أوَتنسين عهدك مع الله أن تصبري وتحتسبي وتجعلي حبَّ الله هدفك الأسمى والأعلى؟ والجنة تهتف بك: هلمّي يا غالية، يا مَن ارتوى نهر الصبر من دمعك الصامت حتى قال: اكتفيت!

 

انظري حولك، حواسك تلتهِبُ عِشقًا وتوقًا وشوقًا للخلاص من القيود، تحِنُّ أن تضرب المَثلَ لمن عجز على أن يُحيي في الأمة الأمل.

 

كوني المشعل، احمليه وإن عجزت قدماك عن السير، فقلبُك لا يعجز عن العطاء والبر والخير.

 

إنهم يحتاجون إليك، لا تستغربي؛ فبداخلك طاقة خير إن أَطلقتِ لها العَنان كنتِ أنتِ النبراس لمن قتَلهم اليأس وشلَّهم الإحباط.

 

لا شَلل، لا زلل، لا عِلل تُقعِدك عن العمل عن الإنتاج، على أن تكوني أنت الأمل.

 

اتَّسعت ابتسامتي حتى لكأنها تُعانِق الغمام، أحسستُ بأنني أتنفَّس الأمل، بل أضحى هو دِثاري، أحتمي به من الألم ومن الوقوع في براثن اليأس والقنوط، أصبح هو شعاري أتغنَّى به، وأردد بحب:

غدًا ألقى الأحبة محمدًا وصحبه، فتدمَع عيني شوقًا لهم ورجاء في الله أن يجعلني ممن يُحشَرون معهم برحمته وكرمه ومَنّه.

 

أردِّد برجاء: حياة قصيرة، إنها رسالة حب وأمل لكل إنسان أقعَده الألم وأجبره على أن يَظَل حبيس فراشه، أو كرسيّه، أو منزله، أو سرير أبيض في مستشفى ينتظر رحمة ربه، أو سجينًا بين الجدران.

 

فليكن الأمل في الله هو مَن يُحرِّكنا إن عجزت الأقدام، ونور الله بصيرتنا إن فقدنا البصر، وزاد الله قوتنا إن هزلت الأجسام، آفاقًا شاسعة إن كنا سجناء بين الجدران.

 

إنما هي الأرواح من تَحِملنا وليست الأجساد، عُدت للصورة بملامح أكثر إشراقًا ونورًا.

 

فأحسستُ بأنها تودِّعني، لوَّحت بيدها وقالت لي بفرح غامر: ها أنت أيتها اللبيبة، قد فَهِمت مغزى ومعنى الصورة، فما الدنيا إلا صور ستنكشف حقيقتها عندما يجمع الله الخلائق يوم القيامة بَرّهم وفاجرهم، والعاقل من لم تَغرَّه المظاهر والأشكال والأحجام والأجسام، كل هذه الأشياء فانية بالية، وإن بدت لنا عروسًا أو ملكة جمال.

 

الجمال الحقيقي هو نبضة خير لا تتوقَّف إلا إذا أمر الديان بأن تستريح وتَسكُن إلى حين.

 

صمتتْ قليلاً ثم ابتسمتْ قائلة لي: كل إنسان هو بحاجة إلى رسالةِ أمل، فكوني أنت ساعي البريد الذي يحمل رسائل الأمل ويوزِّعها على كل من حوله من الناس، أسعديهم بكلمة، بابتسامة، ببثِّ رُوحِ الأمل والتفاؤل، فقد قتَل الإحباط واليأس الكثير من الرائعين، كوني بخير أيتها الشامخة.

 

أحبكم في الله...

 

أختكم في الله حسنية تدركيت...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة