• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الرحمة

الرحمة
سامح المصري


تاريخ الإضافة: 4/10/2023 ميلادي - 19/3/1445 هجري

الزيارات: 1552

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرحمة

 

بينا أنا مُتَّكِئ أمام التلفاز، إذ أخذ بمجامعي مشهدٌ، أسِيَ منه قلبي، واشرأبَّت له عنقي، وأُنِيخ له سمعي وبصري؛ فما عدت أُبصر إلا رسمه، وما برحت أسمع إلا همسَه، حتى كادت تسَّاقط من عيني العَبَرات، وتصَّاعد من أحشائي الزَّفَرات.

 

وما حيلتي، وأنا امرؤ تأسِرني مشاهدُ الرحمة، فتأخذ بتلابيب الفؤاد؛ فحيث حطَّت رحالها أحُطُّ، وحيث سارت بي أسير.

 

إنها فهد أنثى مع صغارها الثلاث، أخذَتْها - من حيث لا تدري - أرجلها إلى منطقة فصيل من الأُسُود، فكأنما أعينها أُغشيت سحابة من الظلام، فما عادت تعرف مواطن الخطر، وما باتت تتقي مواضع الشَّرَرِ، وبينا هي على هذه الحال، إذ هاجمتهم الأسود من كل حَدَبٍ وصَوْبٍ، واستطاعت أن تعزل صغيرًا من صغارها، بينما ولَّت الأم مع صغيريها الآخرَينِ.

 

كنت أحسبها تاركة صغيرها خلفها، راحلة من حيث جاءت - هكذا سولَّت لي نفسي- ولكنها وَأَدَتْ ظنوني، وأَقْبَرَت تخرُّصاتي؛ فقد باتت ليلة بأكملها قريبة من المنطقة التي ضاع فيها وليدها، تحوك صوتًا تتنازعه مرارة الأسى، ولوعة الفراق؛ لقد فقدت فِلْذَة كبدها في منطقة وحوش ضارية، لن ترحم صِغَرَه، ولن تعبأ بأمومتها، يا ألله من لهذا الصغير غيرك! كنت أحبس أنفاسي وأنا أشاهد ذلك المشهد، فلا تَسَلْني عما خالط قلبي من ضراوة الحزن، وعظيم الهمِّ.

 

حزن على صغير لا يعرف مصيره، وهمٌّ بشأن أمٍّ قد تُصاب في أمومتها، وبينا الصغير يجري يمنة ويسرة، والأسود من خلفه، يترنح حينًا، ويتعثر أحيانًا، كأنما الدنيا أمامه قطعٌ من الليل المظلم، فلا يبصر موضع قدمه، ولا يعرف موطن أمه - إذا بقلبي يخفِق، وعقلي يتشوش، ولساني يتحرك: يا ألله من للصغير غيرك! ولم أكَدْ أُنهي دعائي، حتى انقشعت سحابة اليأس، وأشرقت بارقة الأمل؛ فقد استطاع الصغير أن يهرب بفضل الله أولًا، ثم بفضل سرعته، ويشاء الله جل جلاله أن تُطوى غيمة الحزن، وأن تتبدد سحابة الهمِّ، وتذهب أدراج الرياح؛ فقد عثر الصغير على أمه وأخويه، وما إن رأت الأم وليدها حتى أسرعت نحوه، والسعادة تملأ أركانها، وتفيض من جوانحها؛ إنها حرارة اللقاء، ووأد العناء.

 

ائتوني بشعراء الدنيا ليصفوا مشهد اللُّقْيَا، ائتوني بفنَّاني العالم ليرسموا لوحة العِناق، أخذت تَلْعَق وليدها في مشهد مَهِيب يستلب العقول، ويأخذ بالألباب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة