• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

صرخات يائسة

صرخات يائسة
عدنان محمد أمامة


تاريخ الإضافة: 8/5/2023 ميلادي - 17/10/1444 هجري

الزيارات: 1631

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صرخات يائسة

 

أوشك فصلُ الشتاء على القدوم، وسمِع الناس من خبراء الأرصاد الجوية أن موسمه هذا العام سيكون قاسيًا جدًّا، وستتدنَّى درجات الحرارة إلى معدلات غير مسبوقة، فاستعدَّ الناس لمواجهته بما يناسب من تجهيز المدافئ، وملء خزانات الوقود، وإغلاق منافذ الهواء في الغرف، ونبش الملابس الصوفية، وانتقل رعاة الأغنام بمواشيهم إلى الساحل، بل حتى الطيور بدأت أسرابها تمر مغادِرَةً أماكنها الباردة إلى أماكنَ أكثرَ دفئًا، وأخذ النمل يعمل بأدب ونشاط في تخزين الحبوب في قُراه؛ حيث سيحتاجها في الشتاء.

 

وحدَه رجل قوي البنية، مفتول العضلات، تظهر عليه آثار النعمة، استقبل فصل الشتاء باستخفاف، وعدم مبالاة، وبدَّد آخِرَ فَلْسٍ لديه في التنقل بين المطاعم والمقاهي وأماكن التسوق، ولم يكلف نفسه عناء تفقُّد منزله النائي، الذي كان قد هجره لقضاء العطلة الصيفية في منتجع سياحي، وكانت قد تحطمت أبوابه ونوافذه بفعل الهزات الأخيرة، بل كان هذا الشاب ينظر إلى أولئك الذين يستعدون لقدوم فصل الشتاء بكثير من السخرية والازدراء، ويصفهم بأقبح الصفات، ثم حلَّ الشتاء، وأتت رُعُوده وأمطاره ورياحه العاتية، وأخذ صاحبنا يتلوى من البرد، ويعاني من المياه والسيول التي اقتحمت منزله، ثم تحولت الأمطار إلى ثلوج، فلم يجد شيئًا يحميه من لسعِها، أطلق صرخات يائسة، ثم انزوى في ركن إحدى غرف المنزل، ليستيقظ الناس صباحًا ويجدوه جثة هامدة، ويجدوا الدم الأزرق قد غطى كافة أنحاء جسده.

 

منظر محزن جدًّا دون شك، ومع ذلك لم يذرِفْ أحدٌ دمعةً واحدة على ذلك الشاب؛ لأنه هو من اختار هذا المصير البئيس، وصنعه بيده، وسار إليه بمحض اختياره وإرادته، وكم استخفَّ بنصح الناصحين، وعظة الواعظين!

 

هذا الشاب نموذج لأكثر المسلمين والله، يعلمون أن الموت قادم، وأنهم سينزلون بعده حفرة ضيقة مظلمة موحشة أنيسهم فيها الدود والهوام، وأنهم بعد القبر سينتقلون إلى الحشر، ثم النشر، ثم الحساب، وبعده إما جنة أبدا، وإما نار أبدا، لكنهم يتعامون مع هذا الحق الذي لا مرية فيه تعامل ذلك الشاب المستهتر، ويبددون نفائس عمرهم في الملذات والملهيات والشهوات، غافلين أن ربهم ما خلقهم عبثا، ولن يتركهم سدى، وأن لهم موعدا لن يخلفوه، تتقطع فيه نفوسهم أسى وحسرات على ما فرطوا في زمن الزرع والعمل، ويتمنون العودة إلى الحياة، للتدارك وعمل الصالحات، لكن هيهات هيهات كتب الله على نفسه أنهم إليها لا يرجعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة