• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الطائرة والكنز (من ذاكرة الطفولة)

الطائرة والكنز (من ذاكرة الطفولة)
أ. د. هاني علي سعيد


تاريخ الإضافة: 18/2/2023 ميلادي - 27/7/1444 هجري

الزيارات: 1532

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الطائرة والكَنْز

(من ذاكرة الطفولة)


لا تزال ذاكرتي تحتفظ بحادثةٍ وقعتْ في قريتنا، رغم أنه قد مرَّ عليها أكثر من خمسة وعشرين عامًا.

 

فالعادة أن ينشغل أهلُ الريف في صباح كل يوم بترتيب أوضاع مواشيهم، وتوفير المأكل لها؛ بل لا أكون مبالغًا حين أقول: إن الرجل في الريف -  والمرأة كذلك - لتمرض إذا مرضتْ جموستُها أو بقرتها، فإن امتنعت البهيمة عن المأكل منَعت صاحبَها التلذُّذَ بالعيش حتى تبرأ وتَشفى.

 

وفي وسط هذه المشاغل التي لا تُضاهيها مشاغل إذا بصوتٍ يشقُّ السماء، وهو على صخبه الشديد قد لا تشعر به أحيانًا إلا من خلال هوْل صرخات الصغار وقد أخذت أصواتُهم تتقاتل في الفضاء: الطيارة أهي .. الطيارة أهي.. الطيارة أهي...، بل لا يكون الطفل في الريف طفلًا ما لم يمُرَّ بهذه المرحلة؛ مرحلة الطائرة التي لا تشعر بأهل الأرض البتة، والأطفال الذين يظنون أنهم بنداءاتهم سوف يُوقِفون الطيَّارة حتى يشير إليهم قائدها أو يُسلِّم، خاصة والريف في هذه الآونة كان أشبه بمطار تجوبه طائرات رشِّ محصول القطن بالمبيدات فيما يعرف بطائرات البَخِّ.

 

وبعد جَلَبَة معتادة من الأطفال حينما تمُرُّ الطائرات، فوجئنا بجَلَبَةٍ أخرى من أحد رجال القرية، يصرخ وبصره معلَّق بالسماء: إن الطائرة سقط منها كيس، وأن هذا الكيس مملوء بالمال أو الذهب، وما هي إلا لحظات وقد لفَّتْ تلك العبارة التي أطلقها (كبير القرية) كلَّ منزل وجدار، وانطلق القوم في سباق صوب هذا (الشيء) الذي لا يزال مُعلَّقًا في جوِّ السماء، تتهاداه الريح شيئًا فشيئًا، وهو بعد غير متبين لأهل القرية جميعًا، قريبهم وبعيدهم، ما هو؟ وماذا يحوي؟

 

إنه مشهد التقطَتْه عدسةُ عيني الصغيرة آنئذٍ، أشبه بحريق قام في بيت أحد الأثرياء والكل يتسابَقُ لإطفائه حتى يُغلي له المكافأة، وقد انطلقت أوهامُ الناس جميعًا وهم يَجْرُون، وكلٌّ يُمنِّي نفسه بأن الكَنْز الساقط من السماء له وحده.

 

الآن صاروا جميعًا رجالًا ونساءً وأطفالًا تحت هذا الشيء، ينتظرون فقط أن يُتمَّ نزوله بسلام، ويهبط على الأرض، أفواه مفتوحة، وثياب بلدية قد اتسعت لاستقبال الوافد على القرية، وشباب أحرقوا صحَّتَهم في ركوب النخل لتكون الرؤية لهم أوضح، أو لربما كانوا الأسبق في التقاط هذا الشيء الثمين، وفجأة التقطها أحد الأهالي وكان خفيف الظل، فقد تبيَّن له قبل أن تقع في يده بثوانٍ معدودة أنها ليست سوى ورقة فارغة؛ لكنه آثر أن يظَلَّ الأملُ مفتوحًا ولو لقليل من الزمن لهؤلاء الذين تمتلئ حياتهم بالمشقَّة والتَّعَب يوميًّا، صاح بأعلى صوته: "كل واحد هياخد نصيبه..."، وتحت ضغط الأكبر منه سنًّا، أخرجَ الكنز، إنه ليس سوى ورقة بُنِّيَّة اللون قد ترك زيتُ الطعام عليها أثرَه، ويبدو أن قائد الطائرة قد أكل فيها ساندوتش فلافل على الأرجح ثم رمى بها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة