• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الراعي يقيل ساعة

الراعي يقيل ساعة
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 7/12/2022 ميلادي - 13/5/1444 هجري

الزيارات: 3075

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الراعي يَقِيلُ ساعة!

(قصة قصيرة)

 

وإذِ الراعي مستلقٍ كعادته، يستجدي الظل، ويستنفر الغنم أن تحبوَ صوب ساحته، والكلب الباسط ذراعيه بمحيط مراتعه قد علا نباحه، ثم همَّ، ثم كرَّ وفرَّ استنفارًا لمطلبه؛ كي يضمَّهن إليه لتكون صيرورة ذلك الجمع بملء عينيه؛ فينظر العانية والعافية، وما بها من علة، وما قد فاض بضرعها اللبن، وما إن تفحصت مُقلةُ الراعي كلَّ ذلك، حتى كانت الشمس قد زاغت لبعض الوقت عن كواكبها، زاهدة في مواكبها، تاركة للسحائب الصيفية فرصة الحضور، فتداعت زغاليل النوم عند رأسه الْمُثقلة تتراقص أمام عينيه الساهرة، وكأنهن حبات لؤلؤ بكأس ظمآن، لكنه أرجأ تلبية الدعوة لينظر في أمر ذاك الكلب الذي ينبح بغير داعٍ، بعدما اجتمعت كل الشياه، وأبصرهن جميعًا صحاح الأبدان بغير ظاهر علة؛ غير أن نباح الكلب دامَ، وله من ذلك مقصدٌ ومرام؛ فأثار حفيظة الراعي بعدما أدرك مغزى نباحه أن ينهض ويركض، فيشد سياج المرعى قبل قيلولته ككل نهار، فابتسم غيظًا وقال:

• أيا ويح الثعالب منعوتة وحدها بالمكر، وذاك الكلب مختص بالوفاء! وعقابًا له أن يظل حيران قلقًا، فلا سياج تشد، ولن يقرب المرعى ذئب.

 

وقبل أن تستيئس تلك المراودات الراقصات على أجفان العاشق لقيلولة الظهيرة أن يستجيب لهن؛ فالرغبة ما تزال عارمة، ومحاذيره للكلب كانت صارمة، وهو عازم على ألَّا يَدَعَها تهجره وقت الهاجرة، فيجفِل عن تلبية مطلب كلبه بشد السياج، وصنع الحجاب، فيغمزه غمزة، ويزجره زجرة، فيستكين الكلب ويدلي برأسه بين أذنيه؛ طاعةً وإذعانًا.

 

وما إن ارتمى الراعي في أحضانهن حتى ابتدرْنَهُ عتابًا:

• يا باخعًا نفسك ومهلكها، اجعل لنفسك حظًّا مما تحظى به الغنم.

 

فتبسم ضاحكًا من غيها، وقال: أخشى أن تأتي الذئاب مباغتةً، أو تمر الثعالب على حين غفلة، فيقع المحظور، وليس هذا الكلب وحده بكافٍ أن يحميَ حمى المرعى، أو أن يذُودَ عن شياهي التي تُرعى، وأنا المؤتمن في الغداة والروحة.

 

وبينما هو تالٍ لقصته، وقبل أن ينتزعن منه عصاه التي يهش بها على غنمه، توكأ عليها حتى جاءته إحداهن تمشي على استرخاء، وكأنها كانت القاضية، فأشارت إليه:

• صه، ومه.

 

فغابت عن ساحة الشياه عيناه، وصار ذاك الكلب وحده المنوط بالحراسة والذود عن الشياه.

 

وتضاحكن معًا حتى وصل لجو السماء صداها، وتجاوزت مداها، فضحك معهن، وقد دلف لبهو طويل تمتد به الظلمة، فلما أوجس منه خيفة، قلن:

• لا تخفْ؛ أنت على أبواب المدينة.

• المدينة؟!

 

• يا للمدينة غاية في الجمال! كل ما فيها كانت رؤيته من المحال، فتلك ثيابي حالت رقيقة، وكفي الناعمتان بعد الخشونة، فضلًا عن هذي النعال التي جافت أقدامي سنين طويلة، وطعامي النضيج، وهذا الأريج مطبوع ومصنوع ومثيلات كاللواتي دعونني حتى أقيل، وما تلك العوالم، وهذي الحضارة، فضلًا عن الإنارة، وواقع كان في عوالم المجاز كأنه إعجاز.

 

فقاسمهن: ألَّا أغادر تلك الروضة ما حييت! كفى ما مر من عمري جهدًا بغير أجر!

 

وما ينبغي للكلب أن يلِج معه تلك المدينة المؤقتة، فصار يقظان قلقًا يروح ويجيء، ويعدو عدو الجَسُور، ويؤوب أوبة الخائف المترقب، وعين الذئب التي كانت تشع غدرًا، زادت عيونًا، والجهات الأربع للمرعى أضحت عارية الأصول، وتكشفت عوراتها لأعين الثعالب والذئاب، وامتزج النباح بالنباح مع العواء، ولمَّا يعدْ للكلب طاقة، وما من حيلة تصد فلول الغدر عن الاجتياح، أبصر العصا التي بها قد زجر، متكأً لصاحبه الذي يغط في مدينة الأفراح، فانتزعها منه نزعة واحدة، وقبض عليها قبضةً يكظم بها غيظه من غدر الثعالب، ومن صاحبه الذي استنام للأشرار!

 

تمت بحمد الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة