• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

النورس الحكيم

النورس الحكيم
جواد عامر


تاريخ الإضافة: 9/11/2022 ميلادي - 14/4/1444 هجري

الزيارات: 2844

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النورس الحكيم


كان سِرْبٌ من النوارس يعيش آمِنًا على مقربة من الشاطئ الصخري للبحر الذي لم يكن يرتاده غيرُ الصيادين، تصطاد مرتاحةَ البال، غانمة ما يجود عليها البحر من أسماك وفيرة كل يوم، وتعود إلى أعشاشها المبنية على الصخور العالية بِطانًا، وكان يقود السِّرْب نورسٌ عُرِف بالحكمة والرويَّةِ وحُسْن التدبير؛ لذلك ظلَّ السِّرْبُ مُوحَّدًا تحت يديه، يأتمر بأمره وينتهي بنهيه، فلم يشهد تاريخ مملكة النوارس أيَّ انتكاسٍ أو اضطراب على الإطلاق، فكان الجميعُ يحيا حياةً طيبةً رغيدةً.

 

قررت الوزارة أن تُغيِّر معالم الشاطئ استقطابًا للسياح من كل الجهات، فأحضرت الجرافات والشاحنات، وشرعت أعمال التشييد عبر مدِّ جسور من الصخور على امتداد الجرف الصخري حتى يغدو صالحًا لحركة المشاة، استمرت الأشغال مدة من الزمن، فكان الانتهاء قبيل فصل الصيف الذي يشهد قدومًا كبيرًا للناس من أجل الاستجمام.

 

بدأ الشاطئ يعجُّ بالحركة والمرتادين، وبدأ معهم الشاطئ في التلوث، بعضهم يلقي مخلَّفاته في ماء البحر، والآخر يرمي بها أينما اتفق على رمال الشاطئ، الممر القريب من الجرف الصخري غدا أسوأ حالًا، النوارس ترثي حال الشاطئ، الذي لم تألف رؤيته على هاته الحال.

 

عقدت النوارس اجتماعًا لتنظر في أمر الشاطئ، فاقترح أغلبها مواجهة الإنسان حينما يكون على الشاطئ والهجوم عليه حتى يعلم أن هناك مَنْ يدافع عن حِماه؛ لكن قائد النوارس رأى غير ذلك فقال: مواجهة الإنسان لن تكون في صالحنا؛ فهو يمتلك العتاد والقوة لهزيمتنا، ولا قدرة لنا على مجاراة ذكائه.

 

قال أحد النوارس: أيها القائد، ماذا ترى؟

رد القائد: ما رأيكم في أن نُلقِّن الإنسان درسًا في الأخلاق، فنعمل جميعنا على تنظيف الشاطئ أمام أنظاره، فإنَّ تعاوَنَّا جميعًا سنُعيد الشاطئ إلى سابق عهده، وسيرى الإنسان صنيعنا فيأخذ العبرة منا.

 

تهللت أسارير النوارس، وصاحت بملء فيها: نِعْمَ الرأيُ رأيك أيها القائد!

قال نورس صغير: هذا عين الحكمة أيها القائد، نحن على استعداد لنبدأ المهمة.

 

القائد: هذا جيد، فلنمضِ على بركة الله فِرَقًا فِرَقًا، ولْنَجْمَعْ كلَّ ما عرض لنا من بقايا، ولنحملها بعيدًا عن الشاطئ، سنقوم بهذا العمل غدًا بإذن الله عندما يكتظُّ الشاطِئ بالرُّوَاد.

 

النوارسُ بصوتٍ واحدٍ: أمْرُكَ أيها القائد.

 

وفي الغد بعد الظهر تحديدًا، كان الشاطئ مكتظًّا بالناس، وظهرت أسرابُ النوارس على غير العادة حائمةً على مقربة من المرتادين، تحمل بمناقيرها ما قدرتْ عليه من المخلَّفات والبقايا المتناثرة هنا وهناك، والناس ينظرون بذهول إلى صنيع النوارس المتآلفة والمتعاونة في منظر لم يألفه الجنس البشري على الإطلاق.

 

ظلت النوارس على دأبها ساعات متواصلة لا تكلُّ ولا تمَلُّ، فلما نظر الناس سلوكها الرائع، قال شابٌّ فطِن: أيها الناس، هل ترون ما تصنعه هذه الطيور، إنها تنظف ما لوَّثْناه بأيدينا، ألا ترون أنها أفضل مِنَّا وأعقَل؟

 

قالت امرأة برزانة: حقًّا إنها تلقننا درسًا حقيقيًّا في النظافة، لقد تفوَّقت علينا النوارس في الأخلاق، لم تكد المرأة تكمل كلامها حتى بدأ الجميع في تنظيف الشاطئ بحماس منقطع النظير، وما هو إلا زمن يسير حتى صار الشاطئ غايةً في النظافة والجمال.

 

نظرت النوارس إلى الناس وهي تعمل بجد ففرحت بذلك فرحًا كبيرًا، وتحقَّق تنبُّؤ القائد الحكيم الذي أمر السرب بالعودة إلى المملكة بعد انتهاء المهمة وإدراك الإنسان لعِظَم الجُرْم الذي ارتكبه في حقِّ الطبيعة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة