• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

مريض في بيت الأصابع

مريض في بيت الأصابع
د. سعد مردف


تاريخ الإضافة: 2/10/2022 ميلادي - 6/3/1444 هجري

الزيارات: 3103

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

"مَريضٌ في بيْتِ الأصَابِعِ"

 

أُصِبْتُ في أصبع البِنْصر لا أعلمُ كيفَ وقعَ ذلك، ولكنَّ شأنًا ما أصابَهُ، فامتقَعَ لونُهُ، وتَغيَّر مزاجُهُ، وبدأتْ أنملتُهُ تنتفخُ، وتستديرُ حتى أصبحتْ كأنها بالونٌ صغيرٌ، ومالَتْ إلى الزُّرقَة، وأحاطَ بالظفُرِ ما يشبهُ الهلالَ من الدَّمِ المتجمدِ، وأخَذَ البنصرُ يحتقنُ، وتسْري فيهِ حرارةٌ شديدةٌ حتى ما عدتُ أطيقُ تحريكه لفرطِ الألمِ، وأصابني منهُ غمٌّ شديدٌ.

 

كنت أنظرُ إلى كفِّي اليُسْرى فأشعرُ بالحزنِ؛ إذْ تغيَّرَ حالُها بعد أنْ كانتْ لا تكفُّ عن النشاط حتى ما عادَت تقْوى على الرفعِ للتكبيرِ في الصلاةِ، كانَ البنْصرُ أطيَبَ الأصابعِ خُلقًا، وألطفَها مع الجميع، لا تكادُ تَرى له صوتًا، أو إشارةً بأذًى، فلمَّا نالهُ ما نالهُ مِن المرضِ ظلَّ مُنحنِيًا منَ الجهدِ، ينتظرُ فرجًا من الله، بينما وقفَتِ الأصابعُ الأربعةُ تنظرُ إليه، وهيَ ثابتةٌ مكانَها لا تطيقُ حراكًا، سمعتُ الوُسْطى تنظرُ إليهِ حائرةً وهيَ تقول: ليتَني كنتُ أستطيعُ مغادَرةَ هذه الكفِّ كيْ أسعَى لأخي عندَ الطبيب، أمَّا الخنصرُ الصغيرُ فقدْ كان مشفِقًا لما يرَى من رفيقِهِ الوحيدِ الذي كان ملتصِقًا به دائمًا، وطالَمَا صَدَّ عنهُ أخطارًا جِسامًا، وَقفَ ينظرُ إليه واجمًا، ودمعَةٌ حَزينَةٌ ترفَضُّ منهُ دونَ أن ينبِسَ ببنْتِ ظُفرٍ.

 

كانَ الإبهَامُ قد حَنَا أُنملتَهُ الكبيرَةَ، وظلَّ واقفًا بجسمِهِ القصيرِ، وهيئتهِ الغريبَةِ ينظرُ من بعيدٍ إلى أخيه المريض، يتحسَّسُ بطنَهُ أحيَانًا بلطفٍ، ويُظهرُ من الإشفاق عليهِ ما لا حصْرَ لهُ، وهو مَنْ كانَ يمازحُه فيمسِكُ بظهرهِ لدَى فرقَعَتِهِ كلَّ صباح، فيمَا ظَلَّ أصبُعُ السبَّابة في تعبُّدِهِ رَافعًا هامتَه إلى السمَاء يدعُو اللهَ أنْ يرأفَ بهذَا الأصبعِ البائسِ، وأنْ يَضعَ عنهُ الضرَّ الذي أصابهُ، وبينما الجميعُ في هذهِ الكآبة؛ إذْ بيَدِي اليُمنَى تَقدُمُ دُونَ تردُّدٍ، فتضَعُ شيئًا من البَصَلِ، ومسحوقِ الدقيقِ المعجُون بالماءِ، والملحِ، فتحيطُ به جسدَ البنصرِ المريضِ، ثمَّ تحوطُه بقطعةٍ من قماشٍ، وتعقِدُ عليه عقدةً صغيرةً، ثم تجمَعُ عليه أصابعَها الخمسةَ كأنَّها تضُمُّهُ، ثم تتركهُ، وتمضِي، وظلَّت أصابِعُ اليدِ الأربعةُ ترمُقُ الأصبعَ، وتعجَبُ مِنْ أمْرِ تلكَ اللُّفافةِ الكبيرةِ التي غطَّت وجهَهُ حتى ما عَاد يُرى، وظلَّ الجميعُ يترقبُ لحظةَ الفرَجِ يومًا كاملًا، حتى أَذِنَ اللهُ بالشفاءِ، وأُزيَحتْ تلك العصابةُ، وذهبَ الألمُ إلى غيرِ رَجْعةٍ، ورأيتُ بعينينِ مشدُوهَتينِ كيفَ التصقَتِ الأصابعُ الأربعةُ جميعًا بالبنصرِ، وهي تهنِّئه بالسلامَة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة