• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

بعد الرحيل

بعد الرحيل
ميسون سامي أحمد


تاريخ الإضافة: 30/3/2022 ميلادي - 26/8/1443 هجري

الزيارات: 3468

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بعد الرحيل


كان اليوم عطلة، وكانت تنام على سريرها بجانب زوجها لوقت متأخر، فهي كانت امرأة شابة عاملة، تتجاذبها مسؤوليات العمل والبيت والزوج إلى درجة أنها لا تريد إنجاب الأولاد لعدم التفرغ.

 

في أثناء نومهما غزت أنوفهما رائحةٌ شهيةٌ لم يستطيعا المقاومة، نهضا من السرير سويًّا، وخرجا من الغرفة، آه، أمي هذه أنت! نعم يا حبيبتي، فتحتُ باب الشقة بالمفتاح الذي عندي، وحضَّرتُ لكما الطعام، شكرًا يا أمي، وراحت تُقبِّلها، دائمًا ما تنقذينني من أعمال البيت، قال الزوج: صحيحٌ يا سيدتي، كيف عرَفْتِ أني جائع، وأن ابنتك لا تستطيع أن تدبر أمرها، وهي أكبر امرأة فاشلة في أعمال المطبخ؟! هنا صرختْ زوجته: أنا أيها الكسول اللامبالي! أنت لا تُقدِّر قيمة عملي، ولا تساعدني في أعمال البيت، قال: والله، أنا رجل وعملي يقتصر على الخارج.

 

قالت: وأنا أيضًا أعمل للحصول على المال، انظر إلى الشقة، مَنْ سيُنظِّفها الآن؟! ومَن سيغسل أكداس الملابس؟! نظرت متفاجئة وفرحة، أمي أنت كالمعتاد عملت كل هذه الأعمال، شكرًا لك يا حبيبتي؟!

 

الأمُّ: هيا اغسلا أيديكما، وتعالَيَا لنأكل، في أثناء الجلوس على مائدة الطعام، كان يبدو على الأم أنها تريد أن تقول شيئًا لكنها محرجة، نظرت إليها ابنتها، أمي ماذا هنالك؟ لماذا لا تأكلين؟! قالت الأم: أريد أن أخبركما بشيء، قال الزوج: تفضلي يا خالتي، والله مقابل هذا الأكل الشهي أنا مستعدٌّ لسماعك إلى الغد، قالت وهي محرجة: هناك رجلٌ يريد الارتباط بي، نظرت البنت إليها وهي متفاجئة ومصدومة بعض الشيء، هل تريدين الزواج من جديد يا أمي؟!

 

قال زوجها: وماذا في ذلك؟ أبوك تُوفي منذ سنين طويلة، وأنت متزوجة، وأمك يجب أن يكون معها أحد في البيت، وخاصة أنها تعيش وحْدَها، ساد الصمت على الموقف، فأراد الزوج كسْرَ هذا الوجوم والعبوس، فقال ممازحًا: ولكن يا خالتي، هل تستطيعان الاستمتاع، وأنتما في هذا العمر؟! هنا لم تتمالك البنت نفسها فانفجرَتْ ضاحكةً.

 

بعد فترة وقبل موعد الزفاف بقليل حدث أن تُوفي الرجل، وحزنت الأم لموته كثيرًا، أمي حبيبتي لا تبكي؛ لكنها كانت جالسةً كعادتها بهدوء والدموع تجري من عينيها.

 

مرَّت الأيام، ودخل الزوجان إلى شقتهما بعد العودة من العمل، ووجدا الأم جالسةً على الأريكة، أمي، أنت هنا؟! آه يا خالتي، أنا أكاد أموت من الجوع، من فضلك حضِّري لنا الطعام، أمي هل أنت نائمة؟ هيا قومي يا حبيبتي، وادخلي إلى الغرفة، ونحن سنُحضِّر الطعام.

 

أمي أمي، ماذا بك يا حبيبتي؟! لماذا لا تقومين؟! جاء الزوج وحرَّكها: خالتي خالتي. ماذا بها أمي؟! لماذا لا تتكلم؟! هيا أخبرني، ماذا حدث لها؟ أخذوها إلى المستشفى بسرعة؛ لكنها كانت قد توفيت منذ وقت، كانت ابنتها تصرخ كالمجنونة غير مُصدِّقة ما يحصل، وبعد انتهاء مراسم الدفن عادت الحياة إلى طبيعتها؛ لكنها ليست كذلك بالنسبة للبنت، قال لها: كفى حزنًا يا حبيبتي، يجب أن يعود كل شيء إلى طبيعته، مرَّت أيام كثيرة، والمفروض أن يخفَّ هذا الحزن والألم.

 

قالت: لم أكن معها، ربما تألمت، ربما احتاجت إلى شيء، ربما أرادت أن تقول لي شيئًا، أوه عزيزتي! لا تفكري هكذا، ليس بيدك شيء؛ لكنها لم تستطع التوقف عن البكاء، وكأنَّ شيئًا قد كُسِر في داخلها، أو جرحًا عميقًا قد فُتِح لن يلتئم بسهولة.

 

ذهبتْ إلى العمل لكنها لم تستطع التكلُّم مع زملائها الذين أرادوا مواساتها والتخفيف عنها، لم تستطع رفع رأسها والنظر إليهم، أو منع دموعها، لم تكن ترى أحدًا أو تسمع شيئًا، رقَّ لحالها مديرها، وطلب منها أن تذهب إلى البيت وترتاح.

 

ماذا حدث لي يا إلهي؟! ما هذا الألم؟! لماذا لا يتوقف؟! ماذا فقدت؟! ذهبت إلى قبر أمِّها، وبعد البكاء والتحدُّث معها مشتْ ومشتْ، ثم جلست على أريكة خشبية بجانب امرأة عجوز لم تنتبه لها، سألتها العجوز: ماذا بكِ يا ابنتي؟ ها أقول لك: ماذا بك؟ لماذا تبكين؟ آه! وكأنها كانت تنتظر أحدًا ما أن يسألها هذا السؤال، بكت بحرقة، بكتْ وبكتْ، ثم قالت: ماتت وتركتني، أخذت روحي معها، تركتني وحيدةً وغريبة، لا أستطيع الاعتياد على العيش من دونها، أنا أحتاج إلى المساعدة، ساعدوني ساعدوني رجاءً، لن أستمر وأنا بهذا الحال.

 

وأنت أو أنت يا عزيزتي، يا من تركتم أمهاتكم في دُور العجزة، أو هجرتموهن لأي سبب، هل تستطيعون التعايش مع ألم فَقْدِ الأم؟! رجاءً اعملوا ما تستطيعون حتى تتجنَّبوا مشاعرَ الألم والندم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة