• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

على كرسي الحلاق

على كرسي الحلاق
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 22/12/2021 ميلادي - 17/5/1443 هجري

الزيارات: 4077

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

على كرسيِّ الحلاَّق


على كرسيِّ الحلاق مَرَّت كل الفصول، حتى الخريف الظاعن الطاعن في الأفول يستدرج الشتاء ليطفئ من وهج المَشيب، وجِلسة الحلَّاق كمِقَصه العجيب، ينتابها الملال والتَقَلُّب، الحرارة والبرود، جلاسه شواكل أخلاطهم والأماثل، معولهم والعائل، عفيفهم والسائل، صحيحهم والماثل، عالمهم والمتفيهق الجاهل، كلهم جلوس مكوث في انتظار مقصه الثائر، ولهم في مرآته نواسخ من سمتهم الراسخ، منهم من يقلع خلف المخيلة، ومنهم من يرجع مخافة العَيْلة والمعيلة، فيلزم أدارجه ومنزله، وأغيد في ربيع النرجسية، وأنجد بسماء الألمعية من طلعة بهية لشوارب ولِحى، وقلة ممن اِنْتَحَى فاسْتقَى حكمةً بالغة؛ فشَام مَن زَاده المكوث خِبرة، والصمت عِبرة؛ فأنجب العَبرة، ويجمع الحلَّاق أحطاب الحوار، وينبس فيه بجذوة من نار، فيطرح مازحًا:

• سمعت في المذياع أقوالًا تقول: إن الأعمار ترجع للوراء كما يعود الظل القهقري.

 

فيبتسم الذي عنده علمٌ بالأدب: وهل هذا كلام يطرح للورى أو حتى يفتش للنقاش؟ فلكل مبتدأ خبر، ولكل مولود وفاة، وما نراك إلا محابيًا للشيوخ بدوام الحياة، وتعطي الطامعين آمالًا بنافلة العمر، ويضحك الجالسون تترى ليقوم أسنُّهم عمرًا، وقد استنشط من كسل، واستنبط من مثل الذي سوف يتلوه ذكرًا:

• ألست أولى بهذا الكرسيِّ منكم؟

بإجماع: تفضل ولا تَسَلْ.

 

فيمتن لهم عَبر مرآة صدق صامتة، ويسترجع شامته: "يرحمك الله يا رجل"، ويعقب ناهضًا:

• وما في سؤل الحلَّاق من عيب ولا ثمَّ اجتراء على غيب، بل حقيق أن يجاب، ويعرف إجابته الخامل والنبيه؛ فأعماركم كلها مرَّت عليَّ، وهذا المِقص شهيد مَلك.

 

هنالك اشرأب له عنق لابن عشرين أو يزيد:

• أطال الله عمرك يا مَلك، إنما الأعمار كَرَّة كاسم لمرَّة أو حلقة بمجرَّة، ويوم لبؤس، وساعة لمسرَّة، وما بين هاتيك وتلك، عقارب العمر تلك، تتقدم لليسار لتطوِّق المدار، فتقطع الأعمار، ودوابر الأمل، وحينها ... ويقاطعه:

• حينها لن يكون للمرء حين، وما تبقى غير الخواتيم؛ فأولى بذي الكياسة أن ينجز المطلوب، ويرجئ المرغوب في نفسه التواقة، لرب مدبر وقَدر مقدَّر، ويهبط بالعيون لمحلوق الرؤوس:

• وهل هذا الحَلِيق خليقٌ بأن يستحيل كحيلًا أو خليسًا، بعدما اشتهب وبانت في مآقي النجلاوات الشَهَل؟ أو عاهدت الدنيا يومًا ذويها "أن سيروا فيها، وخذوا حذركم بالبقاء"؟!

الفتى: بالطبع لا، فالشمس لا تشرق مرتين، ومن يقل بغير ذلك، فقد بغى، فما المبتغى؟!

 

هنالك تبادل الشيخ والحلَّاق وجهين يبتسمان ابتسامةً لم يأتياها كَلفًا، والسامدون قد اعتدلوا تقول أعينهم ما تخفي قلوبهم رجفًا، فأشار للحلاق أن عَطِّل مقصك الثائر لحظةً، ثم استدار بحكمة وازدلفا:

• أليس في الحاضرين غيرك سائلًا؟!

 

• قال: أعجزهم منطق القول بأن الحياة تعود القهقري، فلَاحَ في أفق المرآة وجه فلاح مليح، فقال: يا أيها الفصيح، أسألك سؤالًا، إن تجبه، تكنى بحقٍّ فصيحًا.

 

• سَلْ وبالله نستعين.

 

• قال: متى يود الذين حصدوا لو لم يكونوا زارعين؟

 

فغار من صفحة المرآة وجهه المليح وقال من طرف غضيض:

• قال إن جعلوا عامهم كله "صفرًا" ولا تجد الطير في حصادهم غير عصفه المأكول، وحولهم من فتنة الحقول ما يعجب الزراع، ويغيظ من كَفَر.

 

• قال: لا فُض فوك، وأشار للحلَّاق أن: هيا أتْمِمْ مهامك يا رجل.

تمت بحمد الله





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة