• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

أستاذي

أستاذي
إبراهيم عمر الزيبق


تاريخ الإضافة: 1/11/2021 ميلادي - 25/3/1443 هجري

الزيارات: 2878

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أستاذي


التقيته مصادفة في أصيل يوم من أيام الخريف بعد طول غياب، وبشوق رحت أبحث في وجهه المتعب عن ملامحه التي كنت آلفها، عيناه الزرقاوان انطفأ بريقهما، وشعره الأشقر الناعم اشتعل شيبًا، وقامته الفارعة بدت لي بانحناءتها أقصر مما عهدتها. وافتقدت أناقته التي كنت أتملاها حين يدخل صفنا بسرعة كالريح، ليقف أمام السبورة بقامة كالرمح، مجيلًا علينا نظرات كالصقر، وما أن يهدأ ضجيج الطلاب، ويخيم عليهم جلال الصمت، حتى ينطلق في درسه بكلام كالنهر العذب، يسبح بنا فيه عبر أمواج الزمن، مصورًا لنا الماضي البعيد كأنه الحاضر القريب، نكاد نرى انسيابه بأفراحه ومآسيه تحت أبصارنا.

 

شُغفت بدروسه، وصرت أنتظرها كل أسبوع انتظار العاشق، حتى تفوَّقت بمادته، وكثيرًا ما كان يستلُّ ورقتي من بين أوراق الطلبة بعد الامتحان، ليقرأها على مسامع الطلاب، معجبًا بأسلوبي، وحُسْن إجابتي، ملتفتًا إلي بنظرة تفيض بالحب، قائلًا بابتسامة: إياك أن تصاب بالغرور، فأغوص في خجلي، وتزداد ثقتي بنفسي، وعشقي للتاريخ.

 

اقتربتُ منه بخطوات عجلى، وسلمت عليه بحرارة، فنظر إليَّ نظرة تائهة، وقال بصوت واهن: أهلًا. قلت له محاولًا إنعاش ذاكرته: أنا أحد طلابك في الثانوية يا أستاذنا، وعرفته بنفسي.

 

قال بصوت ينضح بالحرج: طلابي كثر، لا أذكر أسماءهم الآن.

 

هل كان يهرب من ذكريات تلك السنين؟

وكشاعر يقف على أطلال استنجدت بذاكرتي لتحميني من صقيع هذا اللقاء. وطافت عيناي فيما طافت على قدميه، فإذا به ينتعل حذاء من البلاستيك الرخيص، فوجدتني أدمدم: أين حذاؤه الأنيق؟

 

تنحنح واستدار للانصراف، فشيعته بنظراتي مشتت البال، حزينًا على هذا اللقاء.

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

بعد زمن ليس بالقصير، وبينا كنت أتسوَّق قبيل الغروب من سوق باب السريجة المزدحم بصخبه الجميل، ونداءات باعته على الخضار والفواكه، لمحته في محل لبيع التوابل والبهارات، اندفعت بلهفة نحوه مؤمِّلًا أن يكون لقائي الثاني أكثر دفئًا.

 

كان منهمكًا أمام ميزان يزن به، انتظرته خارج المحل ريثما يفرغ من الشراء، والروائح النفاذة تزكم أنفي. وطال وقوفي، ثم اكتشفت أنه يزن للزبائن ما يشترون، هل هو عامل في المحل؟

 

تنحيَّتُ وأنا أراقبه بحيث أراه ولا يراني، وأطلت النظر إليه. وبوجه مهموم حزين، ولحية غير حليقة، كان يستقبل الزبائن، ويزن لهم ما يشترون، ويُودع في درج أمامه ما يُنْقدون، كأنه آلة صماء.

 

شعرت أن عليَّ أن أغادر المكان كيلا أجرح إحساسه، فودعته بنظرة حزينة، وانصرفت مبتعدًا بخطوات متعثرة، وأصوات الباعة تنأى عني، وطوال طريقي إلى البيت كنت أحاول كالغريق أن أستعيد ملامح أستاذي التي ألفتُها وأحببتُها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة