• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

أضابير من البواكير

أضابير من البواكير
أ.د. عبدالحكيم الأنيس


تاريخ الإضافة: 15/8/2019 ميلادي - 13/12/1440 هجري

الزيارات: 5243

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أضابير من البواكير

 

(هذه ثلاثُ كلماتٍ كنتُ قد كتبتُها عام 1982م، وأنا أطلبُ العلم في مدينة الفلوجة على شاطئ نهر الفرات، وهي مِن أوائل ما كتبتُ، ولم تُنشر مِنْ قبل، فأحببتُ أنْ أخرجها تحت هذا العنوان، سائلاً الله عز وجل أن تكون مفيدةً نافعةً).

 

مرارة المحرومين

قيل له: إنَّ ما أنت فيه كفيلٌ أنْ يَشغلك ويُنسيك. فقال: لا.


إنَّ كلَّ هذا لا يملأ نفسي، ولا يَشغلُ الفراغ الذي أجدُه في ضلوعي، ولا يُنسيني ولو لحظةً من اللحظات أنْ أتجرَّعَ مرارةَ الحرمان، ومرارةَ البُعد، ومرارةَ العذاب.


إني أشعرُ وأتألمُ، وإنَّ ممّا يزيدُني ألماً هو ما أُقابَل به مِن اللا شعور.


إني لأكاد أنْ يَنقطعَ بي الطريقُ كلما لاحتْ لمخيلتي تلك الذكرياتُ الماضيةُ المتراكمةُ، وأحلامُ الغد الجميلةُ الهاربةُ، والواقعُ الأليمُ الفاجعُ.


نحنُ من الصنفِ الذين لا يَطلبون، وإذا طَلبوا ومُنِعوا سَئموا الحياةَ حتى ولو سِيقتْ لهم بحذافيرها.


نحنُ من الصنفِ الذين قد ترتجُّ لهم الجبالُ إذا حزنوا، فما عذرُ القلوب وهي ليستْ أكثرَ من الصخر؟


واهاً واهاً لعيشةِ الأحرار، ما إنْ يرونَ عنكبوتَ الأمل قد مدَّ خيطَه حتى تتخطفه أيدي النائبات الأليمة، وما كانوا ليَغتروا أو ليتشبَّثوا به فإنَّ لهم في نفوسِهم خيرَ عزاء وأنجعَ دواء.


وما كنّا بِدْعاً من الحائرين في المسير فإنَّ دربَنا قد عرَفَ أهلَه.


نعم، عرَفَ أهلَه، فها هم أصحابُ القلوبِ المرفرفةِ في الآفاق، وأصحابُ العيونِ الشاردةِ، تجوبُ الأكوانَ، وتخترقُ السحابَ، وهاهم أصحابُ الضمائرِ المتقدةِ الضائعةِ، والنفوسِ العظيمةِ التائهةِ ينثرون أجملَ الكلمات.


لقد عرفَ الدربُ أهلَه فلا يُنكرهم ولا يُنكرونه.


آهاً آهاً لهم كم يُلاقون ويَصبرون! وكم يُعَذَّبون ويَصمدون! وكم ينظرون ضياعَ آمالهم ويصمتون!


وإنَّ زماناً تضيعُ في غماره هؤلاء الزُّمر أيُّ زمانٍ؟!


وإنَّ بشراً يسير ولا يدري أنَّ في قافلته مَنْ يسيرُ هو على آمالِهم المُحطَّمة، وأغنياتِهم الحالمة، وكلماتِهم الجبّارة المَسلوبة إنهُ لبَشرٌ يُنكِرُ المعروف، ولا يدري كيف يكون الوفاء.


لماذا، لماذا؟
أنا إلى الآن لم أستطعْ أنْ أعرفَ.


لماذا يُقابَلون على الحُبِّ بالإساءة؟ وعلى الوفاءِ بالغدر؟ وعلى الصدقِ بالمَين؟


ولكنْ إنَّ يوماً يعودُ فيه الحقُّ إلى نصابهِ لن يُقابِلوا بما قُوبِلوا به، ولعمري إنهم لأرفعُ مِنْ ذلك.


إنَّ مَنْ تعوَّد أنْ يَمسحَ رأسَ اليتيمِ لا يستطيع أنْ يصفع خدَّه، نعم يصفعُ مَنْ يريدُ صفعَه.


وإنَّ مَنْ تعوَّد على البِشْر يملأُ وجهَه، والابتسامةِ تُحيطُ بثغرهِ، والرضا يتألقُ في جنبيهِ، إنه ليأبى -وإنْ غُدِر به وأُسِيءَ إليه- أنْ يَغدر ويُسيء، لا لأنه عاجزٌ، لا، بل لأنَّ بين جنبيه نفساً عُوِّدتْ أنْ تتضاءل أمامَها الجبالُ أفلا يتضاءلُ جرمُ الإنسانِ؟ ولأنَّ النفسَ التي تَفيضُ حبّاً وحناناً على الأرض -فضلاً عن البشر- لتأبى أنْ يُحْرَمَ من هذا الفيضِ أحدٌ.

الفلوجة: الثلاثاء 16/11/1982م.

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

العِلْم

باسمه سبحانه وله الحمد
ما كان لي أنْ أحارَ في الكتابة حولَ موضوعنا اليومَ لا سيما وقد كان عن العلم، العلمُ ذلك المصباحُ الذي يتألقُ به الضياءُ، وتشعُّ فيه الأفكارُ، وتنطلقُ منه قوافلُ النجاح.


العلمُ الذي ما رقتْ للمعالي أمةٌ لم ترفعْه شعاراً، وتتخذْه سَنداً، وتنادِ به في محافلِ الأرض.


ولعمري ساءتْ بذرةٌ تُوضَعُ على غير علمٍ لأنها ستلدُ شجرةَ جهل.


وساءتْ أمةٌ لعبَ الجهلُ بعقول أبنائها لعِبَ الرياحِ الهوجاءِ بالرمال؛ لأنها ستدحرُ نفسَها بنفسِها، وتدفنُ أبناءَها بأنيابِها المخضبة بالدم الأسود، الذي ما أحاله عن حقيقته إلا الجهلُ، نعم الجهل...


وهل رأينا أزمةً من الأزماتِ لم يكن الجهلُ باباً لها؟
وهل رأينا مشكلةً من المشكلات لم يكن الجهلُ العقدةَ الغامضةَ فيها؟


فحذارِ فحذارِ الجهل، وحبًّا حبًّا بالعلم
إنه -ولا شك- أيُّ دربِ علمٍ، وأيُّ مسلكٍ منه يؤدّي في النهاية إلى أحسن الأحوال.


وقلت: النهاية، ولا أعني نهاية العلم، إنه لا نهاية للعلم والتعلّم، ولكن لا بد مِنْ نقطة قد تسمّى بهذا المصطلح، وما هي من التسمية في شيءٍ، سوى الاقتناع الذاتي والتنور العقلي بما حصَّلَ المرءُ منه.


والعكسُ بالعكس: إنَّ أيَّ دربِ جهلٍ، وأي مسلكٍ منه سيُؤدّي -سواء في النهاية أو قبلها بكثيرٍ أو قليلٍ- إلى وادٍ يتلاطمُ بالثعابين الضارية، والحيّاتِ الهادرة، والسمومِ القاتلة.


العلمُ وسامُ فخرٍ على الصدور.
وتاجُ عزٍّ على الرؤوس.
وما ضرَّ صدراً قد حوى العلمَ إنْ لم يَحمل الأوسمةَ البراقةَ الزائلةَ.


وما ضرَّ فرداً في الغمار -قد أثمرتْ العلومُ فيه فاكهةً وريحاناً وزنبقاً- إنْ لم يكن على رأسهِ ذلك التاجُ الذي لا يَرفعُ مِنْ مقدارِ الجاهلِ إلا كما يَرفع المخيطُ إذا أُدخل البحرَ.


العلمُ كدُرة في الصدَف، لا يَعرفها إلا مَنْ يملكُ مفتاحاً للصدَف.
وكفى بالعالم فخراً نسبتُه إلى العلمِ ذي العزّ والعلياء والمكرمات.
وكفى بالجاهل ذمّاً نسبتُه إلى الجهل والتردِّي إلى الحضيض.
الجاهلُ إنْ نسبتَه إلى الجهل غضبَ، وإذا نسبتَه إلى العلم تهلَّل وجهُه، وكفى بذلك تبياناً ومقالاً.


فما أردنا العلمَ فالدربُ معبدٌ آمنُ العثرات.
وما غرَّنا الجهلُ فالدربُ وعرٌ موحشُ المسالك.
العلمُ أنشودتُنا وقيثارتُنا ولحنُنا.
والعلمُ دجلتُنا وفراتُنا ونيلُنا.

الفلوجة: الثلاثاء 1982/12/7.

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

موضوع هارب

على مقربةٍ من البحر جلستُ أفكِّر بحثاً عن موضوع أقدِّمه غداً.


الشمسُ أوشكتْ أنْ تغيبَ، والليل وافتْ خيوطُه وأنا ما زلتُ أفكّرُ فيما أكتبُ وما إنْ تخطر لي فكرةٌ حتى تعقبها فكرةٌ أخرى، كما إذا ما الموجةُ ضربت الشاطئ ثم عادتْ أدراجها لتعقبها أخرى، حسب ما تشاءُ الرياح.


أيها البحرُ والليلُ سجا... إني لأراكَ تاريخاً عريقاً أفلا حدَّثتني عما في جوفك مِنْ أسرار وعبر؟
أفلا قصصتَ عليَ حديثَك مع الزمان؟


أنقذْني أيها البحرُ الجميلُ مِنْ حيرتي، ولا تجعلني فريسةً لليأس والألم، لقد طال ما رجعتُ من أفكاري بخُفيّ حُنين.
هات أيها البحرُ إني لكَ لمن الراجين.


وزمجرتِ الرياحُ، وضجَّ صخبُ الأمواج، وتلاطمتْ مع الشاطئ، حتى غدتْ تدمدمُ وتهمهمُ غضبى مني، كأني جاسوسٌ أريدُ سرقةَ أخبارِها، وسرعان ما وليتُه ظهري، ومشيتُ أفكرُ في الذي أكتبه.


أيها الليلُ الحنون...
يا أغنيةَ القلوب الحالمة، وأفق الأعين الساهرة...
أنت كتابُ الحياة، ومجمعُ الآمالِ والأحلامِ...
لقد طال بحثي عن موضوعٍ أكتبه أفلا أخذتَ بيدي، وأرشدتَني إلى طريقٍ أصل به إلى هدفي الضائع؟
أفلا رويتَ لي طرَفاً مِنْ رواياتِك المثيرةِ المشوّقة؟
أفلستَ صاحبَ العظماءِ، وأنسَ العاشقين الوالعين، وأمينَ سرّ الآملين؟
قل لي -ويحك- فما لي غيرك مِنْ مأمول.


واحلولك الدُّجى، وغمغمَ بالحديث، حتى أشفقتُ على نفسي من الهلعِ والخشيةِ منه، وفررتُ ولكن إلى أين أفرُّ وهو معي وأمامي وخلفي؟
آه يا ليلُ حسبتُك صديقاً...


وسرتُ وسار معي اليأسُ والشجنُ حتى ضاقتْ علي الدنيا، وهوى مِنْ فكري صرحُ الأمال، ووقفتُ أناجي الدنيا:
آه أيتُها الدنيا
لماذا نحنُ هكذا؟
بل لماذا أنتِ هكذا؟
آه أيتُها المسرح...
كم شهدتِ مِنْ فصولٍ وأحداث؟
وكم رأيتِ مِنْ أحرارٍ وعبيد؟
أضننتِ عليّ بفصلٍ واحدٍ أكتبه؟
نعم ضننتِ، وهكذا كان.
سلامٌ عليك أيتُها الدُّنيا
أنتِ هي الحيرة، وما الحيرةُ سواك، وسأظلُّ حائراً، وسأظلُّ ماضياً بغربتي.
سأتألمُ وأبعثُ الآهات، وأبذلُ العبرات، وأشكو،
سأظلُّ على هذا الدربِ الطويلِ، كما أردتُ وكما تريدين.
طال بحثي ولم أجدْ موضوعاً.
آه يا دُنيا
واعذريني واعذروني فإنني لا أملكُ إلا هذا الآه.

الفلوجة: 13/12/1982م.

♦♦ ♦♦ ♦♦





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة