• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

إلى أبي (مسرحية تعليمية)

إلى أبي (مسرحية تعليمية)
أ. محمد أحمد سليمان


تاريخ الإضافة: 16/11/2017 ميلادي - 26/2/1439 هجري

الزيارات: 28875

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إلى أبي (مسرحية تعليمية)


المشهد الأول:

(حجرةٌ كبيرة، بها تلفاز ويصدُرُ منه صوتٌ عالٍ.

سعد جالسٌ يشاهد التلفاز.

ساعة كبيرة في أحد الأركان، تدقُّ النصفَ بعد الثانيةَ عشْرةَ، فيُفتح باب يظهر منه رجلٌ مُسِنٌّ وقور).

الأب: ظننتك نائمًا يا ولدي! الليل انتصف، وهذه أيام دراسة، وقد اتفقنا أن تنام بعد العاشرة وتستيقظ مع الفجر، ألا تذكر؟!

سعد (وهو يشاهد التلفاز): فعَلْنا ذلك أمسِ!

 

الأب: يجب أن تنفِّذ ما اتفقنا عليه.

سعد (وهو مستمر في المشاهدة): لا عليك، سأذهب إلى المدرسة في ميعادي وأنام هناك.

 

الأب: المدرسة دارٌ للعلم والتحصيل، ألا تحب العلم؟

سعد: أحب العلم، ولكن التلفاز أحبُّه أكثر!

 

الأب: التلفاز تشاهِدُه في أوقات مناسبة، ولكن الآن مرفوض.

سعد: واللهِ وقتي طويل وأشغله بالمشاهدة.

 

الأب: قلتَ لي ستذاكر هذا العام، وستقرأ بجديَّةٍ، وقد قضينا شهرًا كاملًا نبحث عن أفضل المدارس لتلتحق بها ليستقيم أمرُك، وهأنت التحقتَ بمدرسةٍ عظيمة، حصل أم لم يحصل؟!

سعد: أعرِفُ لماذا كلُّ هذا الكلام!

 

الأب: لماذا؟

سعد: لا أجد سببًا لغضبك، لماذا لا ترى الأمور كما أراها؟

 

الأب: إنك لا ترى إلا ما تريده أنتَ، وكل ما حولك في اتجاهٍ وأنت في اتجاه آخر.

سعد: إني أرى الواقع، ولكنك لا تحب أن تسمع لي.

 

الأب: لا أحب أن أسمع وهذه مهنتي ومَهَمَّتي كأبٍ، أخبرني ما عندك.

سعد: هل تريدني مثلَك قاضيًا، من أجل أن يقال: إنك ربَّيتَ؟ هل تريدني أن أُلْغِي وجودي؟

 

الأب: مَن شابه أباه فما ظلم، ما الضَّيْرُ في ذلك؟

سعد: إذًا لا تطلُبْ مني أن أنجح لنفسي؛ بل أن أنجح لك، أيُعجِبُك هذا؟

 

الأب: دائمًا تقول هذا الكلام، قلتُ لك: لا أقصد أن تُشبِهَني بأن تمحو شخصيتك، واجبُك أن تفهمني يا ولدي، أعترِفُ أني انشغلت عنك كثيرًا من قبل، ولكني...

سعد: ولكنك تُؤدِّي مَهمَّتك! دور الأب، فهمتُ الآن!

 

الأب: إني أتمنَّى لو أغمض عيني ثم أفتحها فأراك في أحسن حال وفي أفضل حياة.

سعد: دَعْك مِن هذا، واللهِ في النوم راحةٌ، سأذهب إلى فراشي.

 

المشهد الثاني:

(في ساحة المدرسة، سعد جالس مع صديقه صالح).

صالح: حقًّا أبوك دائم الحديث عن حياة أفضل، وكذلك أبي، دَعْك منهما؛ فهؤلاءِ الشيبان يعيشون في عالَمِهم، أتعرف ماذا كنت أصنع منذ الصباح؟

سعد: كنت نائمًا!

صالح: لا، بل صاحبت مَن عيَّشني في حياتي الفاضلة.

 

سعد: من تعني؟

صالح: النشوق الذي فيه ارتقاء ونشوء.

 

سعد: تُرى لو جاءك مَلَكُ الموت الليلة، ماذا تقول له؟

صالح: ما بك؟ قُمْ واحبِس نَفَسك بين صفحات الكتب.

 

سعد: أخشى الموت.

صالح: ما لنا وللموت الآن، خذ هذه وانسَ العالم وعِشْ هناك.

 

المشهد الثالث:

(سعد في حجرته يقرأ في كتاب الفزع الأكبر للقرطبي، واستغرق في القراءة، ويأخذ نورُ المصباح في التناقص شيئًا فشيئًا دون أن يشعر، وفجأة يبدو شبح قرب الباب، هو نفسُه الطيِّبة).

سعد (دون أن يرفع رأسه عن الكتاب، وقد أحسَّ بوجود أحد في الحجرة ظنَّه أباه): أبي؟

النَّفْسُ: أبوك في عمله.

 

سعد (يلتفت مذعورًا): مَن هذا؟!

النفس: هذا أنا!

 

سعد: مَن أنت؟

النفس: أنا الذي تقرأُ عنه الآن في كتابِك.

 

سعد: النفس المطمئنة.

النفس: نعَم، النفس المطمئنة، قائدتك إلى الحياة الفاضلة.

 

سعد (في فزع): إني.. إني...

النفس: لا داعيَ لإضاعة الوقت في الفزع، لقد جئتُ لأقومَ بخدمة.

 

سعد: أهذا مِن تأثير ما أخذته من صالح؟

النفس: هل انتهيت من تخميناتك؟ هل ندخل في الجِدِّ؟

 

سعد: تفضَّلي!

النفس: عرَفتَ أن النفس أنواع، شرُّها النفس الأمَّارة بالسوء، وخيرها أنا النفس المطمئنة.

 

سعد: وما دخلي؟

النفس: أَلَم تُفكِّر فيَّ؟ وتحدَّثت عن الموت والخوف منه؟

 

سعد: بلى، على سبيل الضجر مما أنا فيه، ولكن عند الجِدِّ..

النفس: هذا أدعى إلى التفكير فيَّ؛ فأنا محل تفكير المتضجر والجاد، ضَعْ يدك في يدي لتصلَ إلى الحياة الفاضلة المنشودة.

 

سعد: ماذا تريدين مني؟

النفس: امنحني نفسَك وعقلَك.

 

سعد: تستطيعين حقًّا أن تُعاوِنيني في الوصول إلى حياة فاضلة؟

النَّفْس: إن شاء الله، ولكن بشرط.

 

سعد: ما هو؟ تكلَّمي.

النفس: أن تكون رجلًا صادقًا.

 

سعد: لا شيء غير ذلك؟

النفس: هذا هو الشرط، الصدق في كل أحوالك وأوقاتك، لا تكذب أبدًا.

 

سعد: أنا دائمًا صادق، أتعطينني درسًا في الأخلاق! إليكِ عنِّي.

النفس: تذكَّر: بِمَ تردُّ على أبيك عندما يسألك عن سبب رائحةِ فمِك؟ أو بم تردُّ عليه عندما يسألك عن مدرستك ومستواك فيها؟

 

سعد: تريدين إذًا أن تبدئي بإصلاحي؟

النفس: وما الحياة الفاضلة إلا مبدؤها من هذا الشأن الجليل، إصلاح النفس... النفس.

 

(ينصرف الشبح، ويبقى سعدٌ مُكِبًّا على كتابه، فيدخل عليه والده ويُوقِظه برِفْق).

الأب: سعد، سعد، قُمِ الآن ونَمْ في فراشك.

سعد (يهتف ملتفتًا): هل انصرف؟

الأب: مَن هو؟

 

سعد: أبي، أكنتُ نائمًا؟

الأب: نعم، نومًا عميقًا فوق كتابِك.

 

سعد (كالمخاطب نفسه): الصدق.. النفس المطمئنة.

الأب: عمَّن تتكلم؟

 

سعد: سامحني يا أبي، (يُقبِّل يدَيْه ورأسه).

الأب (دمعت عيناه): الحمد لله، هذا من بركة الدعاء.

 

انتهت المسرحية ولله الحمد





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- رائع
هداية القمري - المغرب 01-06-2024 12:30 AM

مسرحية مذهلة...

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة