• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

رحلة بين شفقين

رحلة بين شفقين
عبدالقادر بن محمد بنعمان


تاريخ الإضافة: 15/11/2017 ميلادي - 26/2/1439 هجري

الزيارات: 4484

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رحلة بين شفقين

 

ارتمى البصر في أحضان الأفق متأمِّلًا متململًا ارتماءَ المتضجِّر الذي اعتاد الاستلقاء على رمل الساحل؛ ليرمُقَ بحر السماء الأزرق، وأمواجَ الغيم برغوتها البيضاء في أجوائه، لكنَّ هذه المرَّةَ لَفَتَ انتباهَه ضوءٌ أحمر باهت مشعٌّ تناثر في أقصى الغرب على صفحة السماء، تأمَّلَته العين ناظرةً إليه في فضولٍ وتشوُّف، فإذا هو الشفق الأحمر الذي لا يظهر إلا منذرًا بنهاية اليوم وانقضائه، ولا يرتسم إلا مخبِرًا عن قرب حلول الليل بظلمائه؛ لذلك اهتزَّ القلب عندما رَمَقَت العين هذا الشفق، وحار الفؤاد في سرعةِ انقضاء هذا اليوم وانصرام ساعاته؛ كحبَّات السُّبحة التي إذا انصَرَمَت إحدى حبَّاتها، توالَت خلفَها الباقياتُ متتابعاتٍ متسارعات؛ فقد دخل وقت المغرب معلنًا وقت الرحيل دون أن تُحِسَّ الجوارح بحركة خطوات هذا اليوم، ولا ببركته حتى آلَ إلى دركته، وظهر إعلان سكون حركته، وانقضى دون أن تلحظ النفس حقيقةَ سرعةِ مرور دقائقه، التي ولَّدت شدة مرورِها حرارةً أنتَجَت سرابًا متوهِّجًا يحسبه الرائي ظلًّا ثابتًا، وهو يجري جريَ السهم الهارب مِن كبد القوس.

 

• لم يكن ضياءُ الشفق الأحمر مذكِّرًا بانقضاء اليوم فقط، ولكنَّ رؤيته تستثير الجَنانَ والكيان؛ ليتذكَّر حَدَثًا قريبًا ومشابهًا له، كأن رؤيته كانت قبيل لحظاتٍ معدودات، فهو يُشبه في تناثر ضيائه، واتصالِه بحلقتَي البداية والنهاية - ضياءَ الشفق الأبيض الذي انتشر ضياؤه أول اليوم معلنًا بداية نهار وليد، ومبشِّرًا بانبثاق يومٍ جديد، وتناثُرُ أشعةِ ضيائه في الأفق شرق صفحة السماء يُشبه تناثُر أشعة الشفق الأحمر في أقصى الغرب عشيةً، حتى كأنَّ شفق النهاية ليس إلا طيفًا منعكسًا لشفق البداية في مرآة الحياة، بعد أن صقَلَته أحداث اليوم وشؤونه فاصطبغ بشيءٍ من الحُمْرة، وحتى كأنَّ تناثُر تلك الأشعة في أقصى جهات الأفق ما هو إلا تناثر شؤون وأشجان، وتنوُّعُ ألوان وأفنان، وتشعُّب أغصان هذا اليوم، وكأن الزمن الذي بينهما هو الوقت الخاطف الذي يقطعه البصرُ ما بين رؤية جسمٍ وصورته على المرآة.

 

هكذا هي الحياة كلُّها، وتلك هي الدنيا بأَسْرها، مِن خُطًى على جسرها، بيُسرِها وعُسرها، وربحها وخُسرها، ومن تقلُّبات سريعة في أحوالها بتسارُع نبضات ساعاتها، حيث تسطِّر تلك الأوقاتُ بداياتٍ تعقُبها نهاياتٌ، تضع لكلِّ اجتماعٍ تفرقًا، ولكل لقاء وداعًا، ولكل مودَّة فراقًا، ولكل شروق غروبًا، ولكل عملٍ انقطاعًا، ولكل حركة سكونًا، واللبيب مَن عَرَف حقيقةَ الدنيا الفانية؛ فجَعَلها مطيةً لنيل الفوز بالدار الباقية، وجعل أعماله في الحياة مرآةً مزوَّقة منمَّقة بما يسرُّه أن يراه بعد الممات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- رصد لشعوري وأنا أقرأ
محمد رزق - فلسطين 18-11-2017 09:28 AM

عندما بدأت في القراءة كنت أشعر بشعور التائه، وقلت في نفسي لعل الكاتب يعيش حالة من التوهان أو السرحان في بحر لجي يخوض عبابه ولا يجد مرسى، وبعد هنيهة وصلت في القراءة إلى شاطئ، وحينها أدركت أنني كنت واهما، وعلمت أنني كنت أيضا على شاطئ، وما بين الشاطئين يحاول الكاتب أن يضع وصفا لما نحن عليه في الحياة، ثم تأملت وقلت: هل وصفي بلفظ شاطئ صحيح، إذ إنه لا يدل إلا على هدايتي من توهان فهم هذا الكتاب؛ لأنني وإن سلمت بولادتي على الشاطئ، فهل ستكون نهايتي على شاطئ؟؟ أم أن الذي يحدد ذلك عملي في خضم الحياة.
أشكرك سيدي الكاتب على هذا الوصف الرائع كروعتك والذي أيقظ فيّ أشياء كنت أغفل أو لعلي أتغافل عنها.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة