• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الجشع غواية

الجشع غواية
هارون محمد غزي


تاريخ الإضافة: 9/5/2017 ميلادي - 12/8/1438 هجري

الزيارات: 4447

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجشع غواية


أنيق طويل، وضاح، مغرم باللون البُنيِّ، فـ"بدلتُه المكويَّة" بنيَّة، حذاؤه بُني تنعكس عنه أشعة الشمس، ولها بريق لامع يزغلل العين.

كفُّه بيضاء لينة، تخنق في جسارةٍ رأسَ ثعبان كوبرا يزين عصاه الفاخرة، يتوكأ عليها ليس عن عجز؛ وإنما للزهو والتخايل.

تتلألأ فوق عينَيْه نظارة عالَمية بُنية اللون، للأسف أخفَتْ لون عينَيْه، وإن كنت أؤكد حالفًا غير حانثٍ أنهما صفراوان.

 

يسير في الشارع وابتسامة النصب بعرض شدقَيْه.

دائم التلفُّت يمينًا ليسلم على الحاج فلان، ويسارًا ليُحيِّي السيد علان.

يتوقَّف في ترفُّع ليحيِّيَه سائل في حرج عن موعد استلام بطاقة تطعيمات الحج أو شهادة ميلاد، أو وفاة.

 

إن شخصيته عنيفة، وقراراته سيفيَّةٌ قاطعة، وزَّع عمله المكلَّف به شخصيًّا على غيره، وإلا فكيف يكون باشكاتب؟

أعطى قَيد المواليد للآنسة، مع تعليماته الشرهة بجباية جنيه على الأقل مقابل قَيد المولود، في حين أن رسمه القانوني قرش صاغ واحد!

رتَّب لها كل أسبوع نصف كيلو لحمة مما تشتهيها.

يحمي الجزَّار مِن مفاجآت التفتيش الصحي، وكفى ذلك ثمنًا ثمينًا لِمَا يستنزفه منه.

 

أهل البلد جُلُّهم صيَّادون كرماء، لزوم الإنجاز يتقدَّمون تلقائيًّا بهدايا من الأسماك الطازجة والمملحة، والبطارخ، علاوة على المعلوم نقدًا وعدًّا، بمناسبة تطعيمات الحج والسفريات للخارج وسبوع المولود، خاصة إذا كان ذكرًا.

أحضرتُ من إدارة المخازنِ بيان بطاقات تطعيم راغبي الحج والسفر للخارج التي سلمت له، وبيانًا من إدارة الحسابات بقيمة وأنواع السلف النقدية التي بعهدته، والرسوم التي عليه تحصيلها، ومواعيد توريدها.

 

أفحص سجل البطاقات، وسجل تحصيل رسومها.

أصمم أن يُعطيَني إقرارًا بما في الخزينة عهدته من سلف ونقود لم تُورَّد.

أجد عجزًا في توريد رسم بطاقات التطعيم من سنوات!

لم يُورد أي رسم عن المواليد من سنين.

أطلب منه أن يورد مبالغ العجز، ويوافيني بإيصالات التوريد في موعد غايته ثلاثة أيام.

 

يقول:

• أنت تتكبر علينا؛ لأنك مؤهل عالٍ، ونحن "هفأ" ودُون؟

• حاشا لله، كلنا سواسية.

• إذًا لماذا لا تسهر معنا على المقهى؟

لا أتردد على المقاهي عمري.

أنصرف إلى مكتبي في الدور الأعلى من مكتبه.

تدخل عليَّ آنسة من مكتبه خلفي، ومعها شنطة منتفخة وضعتها على مكتبي.

• ما هذا؟

• هدية الباشكاتب.

 

أزيح الشنطة ناحيتها قائلًا:

• أرجعيها له.

 

عند صعودي لمكتبي في اليوم التالي قطع الباشكاتب طريقي، فحييته، ثم أردفت:

• هل أحضرت قسائم التوريد؟

 

فاحمرت أذناه غضبًا، وهو يقول لي:

• أنا أتفاهم مع المفتشين الغرباء، ولا أعرف أن أتفاهم معك؟!

أعرضت عنه.

 

فوجئت به بكبريائه وجبروته وعصاه الثعبانية، يقتحم مكتبي وقد تجمَّع من ورائه موظفو الإدارة ليطيروا بالحدث، شامتين أو مثرثرين، وهو يزعق بعنجهية:

• أنت يا ولد تكتب أنني اختلست الرسوم؟!

 

أذهلني كلامُه، وظننت لأول وهلة أنه يخاطب غيري، لكن المؤكد أنه لا أحد أمامه سواي، طفَّ الدم، وماج تحت جلدي، والسخونة ألهبت وجهي:

• أنا أعطيتك وقتًا للتوريد فلم تُورِّد.

• إن تمرَّ أمام مكتبي أكسر لك رِجلك.

 

ففزعت قائلًا للنظارة:

• أنتم شاهدون؟

• ..

أرفقت صورة من التقرير ببلاغي للنيابة العامة.

 

يوجه لي وكيل النيابة تهمة:

الخروج عن الواجب الوظيفي ومقتضياته:

• لأنك أهملت لسنوات دون أن تكتشف عدم توريد المبالغ الحكومية؟

• أنا أول مفتش يعين لهذه البلدة النائية منذ شهور، وقدمت أصلًا وصورة من القرار دليلًا.

كنت تقدمت بطلب لنقلي إلى مدينتي الأصلية لرعاية والدي، فأخلي طرفي، وعدت إلى مدينتي قبل صدور قرار النيابة.

بعد نقلي بعدة شهور يلقاني موظف كان يعمل بالقرية.

 

• أسأله عن الباشكاتب.

• ألستَ أنت مَن تسببت له في الشلل؟

• كيف وأنا نقلت وهو سليم؟!

أثناء جلوس الباشكاتب على المقهي مع شلته الحميمة، وأمام "لَمَّة" البلد أطبق عليه ضابط الشرطة ومعه قوة من الجند.

أخبره أمام أهله، وذويه، وأصدقائه أنه مقبوض عليه بتهمة الاختلاس.

فجحظت عيناه واهتزَّت رُكَبه و"تكربس" مكوَّمًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة