• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

سحابة لسان عابرة (قصة)

محمد رحو أبو رفيف


تاريخ الإضافة: 2/6/2016 ميلادي - 25/8/1437 هجري

الزيارات: 3962

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سحابة لسان عابرة


مرَّت أيام الأسبوع كلُّها سعادة وحُبور، أيام صيفيَّة يغمرها السرور من كلِّ جانب، لم يكن فيها ما يكدِّر صفوَ الحياة، ولا ينغِّصُ لذَّة العيش، سوى ما بدا من تصرُّفات من أحمد، فقد بدا هذه الأيام عصبيَّ المِزاج، إذا تحدَّث نبا، وإذا سكت أوجمَ، فظهر على شِدقَيْه زبدٌ أبيض، تحسبُه موجًا هادرًا، حين تتفرَّس مُحيَّاه تجده مكشِّرًا عن أنياب الغضبِ، وهو المعروف بقهقهاته العجيبة التي تجلب أنظار زبائن المقهى، والمشهود له بالاتِّزان في الحديث، والتورُّع عن السبِّ والشتم ونَهْشِ الأعراض، لقد ساءني في الحقيقة حالُه، فحتى قهوة المساء لم يَعُدْ يستلذُّها، ولا يحس بنشوتِها كما كان، فقد كانت جودة مذاقها تدفعُه إلى التقاطِ صورة لها يتقاسمُها مع أصدقائه على شبكة التواصل الاجتماعي بعد أن يحيِّيَهم بتحيته المعهودة: "مساؤكم بُن!"، التي أصبحت مألوفةً بين أصدقائه لا يتداولون اسمَه إلا مقرونًا بهذه العبارة التي كادت أن تصبحَ لقبًا له، فحين يكثرُ "الأحمدون" يميَّز هو بصاحب الفنجان.

 

لم أكن أبلغُ من الشجاعة ما يجعلُني أفاتحُه في الموضوع، وأستفسره عن هذا التحوُّل السلوكي الرهيب، لقد وَجِلْتُ من انتفاضتِه وغضبه، أو أن يكون الوقتُ غيرَ مناسب للمطارحة، أخشى ما أخشاه أن يزيدَه السؤال عنادًا؛ فيَزْوَرَّ عني، ويهجر المقهى الذي يجمع أجزاءنا، خمَّنت أن أشرك فريدًا في الموضوع؛ وهو أقرب المقربين إليه، وحافظُ أسراره؛ لعلِّي أحصل منه على ما يُبدِّد حيرتي، ويضعُ حدًّا لأسئلتي، لكن كيف أعثر على فريد؟ وأين سأجدُه؟ وهو الذي زوى وجهَه عن المقهى وأصدقائه بسبب قِيمِهم المُهتزَّة، ومواقفهم غير الثابتة، أتراه يكون قد جالسَ أحمد هذا الأسبوع؟ وراعَتْه حالتُه كما راعتني؟

 

حَصَلتُ على هاتفه، وفي أول اتصال أخبرني أنه لم يسبقْ له أن اتَّصل به، أو جالسه منذ زمانٍ، لكن رآه بدايةَ هذا الأسبوع وبالضبط خلال يوم الثلاثاء، حين قيام السوق الأسبوعي بالمدينة، رمَقَه في السوق منحنيًا في زحمة من الناس، يُنقِّب في كومة تضم آلافًا من طقوم الأسنان المستعملةِ، يجرِّبون مقاساتها على أفواههم، ويشترون ما تلاءم منها بأثمنة مناسبة.

 

أعادني هذا الخبر إلى أيَّام خلَتْ، أيام كان يشتكي فيها أحمدُ كلما جالستُه بتحطُّمِ أسنانه، ورغبته الملحَّة في استبدالها كلِّيَّةً، لكن قلَّةَ ذات اليد كانت تحولُ دون تحقيقِ رغبته، فكَّرت مليًّا، فحَمِدْتُ اللهَ أنني كتمْتُ السؤال في نفسي، وكَظَمْتُ حيرتي، قرَّرت بعد ذلك ألا أدخل في لعبة سين وجيم، وأنتظر حتى يستأنسَ طقم الأسنان الغريب بشخصيَّة أحمد المتَّزنة وأخلاقه الرفيعة، فتلك سحابةُ لسانٍ عابرةٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة