• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

ألوان الفاجعة (قصة قصيرة)

د. أسعد بن أحمد السعود


تاريخ الإضافة: 12/5/2016 ميلادي - 5/8/1437 هجري

الزيارات: 4753

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ألوان الفاجعة


شارة الترصُّد:

وجد نفسه مقاتلًا لا يُشق له غبار، كان طالبًا بالمستوى الثالث في كلية الهندسة الزراعية، صار ذلك ماضيًا يدعو للسُّخرية، وليس ذلك فحسب، بل والاستهجان من حالٍ أصبحَت فيه القيَم - كل القيَم - تُهدر برصاصة رخيصة رعناء غادرة!

في ذلك الصَّباح المشؤوم، لم يجد أحدًا من أهله، أين أمه وأخواته البنات الثلاث؟ أين أخوه؟!

جاء ليطمئنَّ عليهم بعد طول غياب، لا أثَر لهم، ولا أحَد يعرف عنهم أيَّ ذِكر!

استنفر للبحث عنهم، وحتى رصيده وسُمْعته في (داعش) عجَزَا عن معرفة مكان اختفائهم!

اختلَط حزنه الشَّديد بأسفه بآلامِه، ولم يسعِفه أحد، كادت أن تخور قواه، لولا قَسوة التدريب الذي تلقَّاه وقوَّة الأعمال القتالية التي نفَّذها.

 

أصبح إنسانًا مغايرًا صلبًا، لا يهاب الموت، لكن فقد أمَّه وإخوته هكذا فجأة، وخاصة أخاه الأوحد الذي يَصغره بأربع سنين، أدخل اليأس في نفسه.

 

لم يكن ليعلم أو يتصوَّر أن تأتي ساعة لا يجد فيها أخاه أبدًا، وما كان ليعلم أن حبًّا بهذا الحجم يكنُّه في داخله، خاصَّة وقد تملَّكه إحساس هزَّ خلجات كيانه بأنه لن يراه ثانية.

 

جلس في زاويةٍ من جانب الجدار الخارجي للبيت الذي كان ملجأ مؤقتًا لأمِّه وإخوته، وأخذ يبكي بكاءً لم يعرفه منذ صغره، وكأنَّ الزمن عاد به إلى تلك الطفولة الهاربة والتي لم تَعد، كأنَّه سمع صوت أبيه يناديه:

• لِم تَبكِ يا (رامز)؟

 

انتفض بكلِّ عزيمته واقفًا، ونظر يَمنةً ويَسرة، لكنَّه عاد إلى صحوته ولم يجد أحدًا والظلام يخيم على كلِّ شيء؛ إذ عادت إلى ذهنه صورة أبيه حينما قضى بطلقة قنَّاص مترصد، فحلَّت الفجيعة، وهامَت العائلة على تضاريس وجه الوطن، شاردة هاربة من تدمير همجي طال كلَّ شيء، إلى مصير ظلاميٍّ عاتم.

 

استلبَته ظروف قاهرة، وقدره أنه كان أكبر إخوته، حلَّ (ضيفًا) في أولها ليخضع لدورةٍ (مزعومة)، راجع نفسَه كثيرًا، من أجل أن ينقِذ أخاه وأخواته الثلاث من (حكم مجهول) كادوا يقعون في براثنه.

 

توقَّف كلُّ شيء، وانقطع كلُّ شيء، ومفترق الطرق أصبح حكاية مثاليَّة، بل أصبح وهمًا، فكل الطُّرق بحياة الناس في سوريا، غدَت نُذرَ فاجعة، ونبوءة مأساة، ومسلكها نفوذ ضياع!

 

تذكَّر وعده لأمِّه ولإخوته حين هربوا من تدمير الطَّيران الوحشي، أن يكونوا كما تركهم أبوهم؛ أسرة متكاتفة، لكن أول النُّذر كانت حين وقعوا في فخِّ سيطرة داعش، ولمَّا لم يكمِلوا طريقهم بعد! وكان من حالهم ما يراه الآن!

حين تسلَّلت الأمُّ وابنها الشاب وبناتها الثلاث، متخفية إلى حيث سيطرة جيش النظام.

 

لم يمنحوها فرحة الأمان والاستِقرار، انتزعوا منها ابنَها عنوة، وجُنِّد جنديًّا مجهولَ الخدمة والمكان، فانتهَت هي وبناتها في أحد مخيمات اللاجئين على الحدود.

 

نتوءات الفاجعة:

لماذا سكتَ المدفع الرشاش فجأة، بعد أن أفرغ زخة عشوائيَّة مجنونة من مخزونه النَّاري المكبوت، لم تصِبه أي طلقة منها، بالرغم من أنها تفجَّرَت كالحمم، تصبُّ قذائفها الخارقة في كل الاتجاهات!

 

خمسون مترًا تبعد عنه بوابة بَهو البناء الضَّخم، الذي هو هدفه الآن، وبمقدمته ذلك المدفع الرشَّاش، ومن المفترض أن يصِل إليه بالسرعة المباغتة في أقل من نصف دقيقة، لم يحسب أنَّه قد أصبح وجهًا لوجه أمام الجندي قائد المدفع الرشاش، وأن المسافة بينهما غدَت لا تزيد عن مترين.

 

كان ملثمًا لا يُرى منه شيء، وأمَّا ذاك الجندي المتحصِّن خلف مدفعه، مكشوف الوجه تمامًا، فبُهت وأصابته صَدمة خلخلَت كيانه المتحجر، لقد عرفه بالسرعة نفسها؛ إنَّه (فائق) أخوه الأصغر!

 

لم يدَع المفاجأة أن تذهب به إلى غير ما يضمر في نفسه، وبسرعة أشد من الأولى التي تدرَّب عليها وأتقنها، رمى بكلِّ ثقله باتجاهه وصاح ملهوفًا:

• فائق، أنا أخوك!

• أنا (رامز)!

وفي ثوانٍ كانا كتلةً واحدة، يتدحرجان على الأرض بين أكياس الرَّمل، خلف المتراس.

لم تشفع لهما أخوَّة الدم؛ إذ كانا ضحيَّةَ لون ثالث سرعان ما قتَل فرحتهما في مهدها.

 

التقاسم:

كل الألوان قد تغيَّرَت من هول وشدَّة التفجير التالي، لقد أتى على كلِّ التفاصيل؛ لا صوت ولا حركة، وربَّما لا حياة بقيَت في هذا المكان!

 

هناك في ظلِّ خيمة بائسة صامِدة بين أشجار الزيتون، تتناوب الرياح الشديدة البارِدة بمحاولاتها الرعناء لاقتلاعها، تكوَّرَت الأمُّ مع بناتها الثلاث، يتبادلنَ الوجوم الكئيب، والمصيرَ الحزين، ولا أحد يبالي، ولا أحد يعلم أنَّ الأب والأمَّ وأبناءهم قد تقاسموا ألوان فاجعة الوطن!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- الفاجعة
فادي - السعودية 17-05-2016 04:41 AM

كم هي رائعة تشرح فاجعة الوطن فاجعة السوريين فاجعة كل عائلة في سوريا ببساطة دون الوقوف مع جانب سياسي دون الآخر فكلنا ضد الدم وكلنا أخوة في الدم ، رفع الله ذلك البلاء عن أمتي الإسلامية فنحن نؤكل الدولة تلو الأخرى ونحن مغفلون يستغلون نعراتنا العنصرية وبقايا الجاهلية المترسخة فينا ليحولوا أمتنا لأشلاء.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة