• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / فضاء للشعر / مع الشعراء


علامة باركود

مِنْ جَنَى الشِّعرِ وَحِكَمِ الشُّعَرِاء

د. أسامة عثمان


تاريخ الإضافة: 21/8/2007 ميلادي - 8/8/1428 هجري

الزيارات: 8424

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
لا يمكن أن نتحدث عن حكمة الشعراء دون أن يقفز المتنبي إلى مطلع الحديث، كما تقفز أبياته الحِكْميّةُ إلى ذَوّاقة الشعر العربي، ومواطن الاستدلال، على مرّ الأيام، وتجدد المواقف.
ونقف مع قوله الذي ما زال يتردد صداه مذ صاغه وأطلقه، ولم تسقط قيمته بالتقادم:
وَوَضْعُ النَّدَى فِي مَوْضِعِ السَّيْفِ بِالعُلا        مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ في مَوْضِعِ النَّدَى
وهو من قصيدته المشهورة التي يمدح فيها سيفَ الدولة الحمْداني، وهي من أعذب قصائده، وأغناها بالحكمة، ومطلعها:
لِكُلِّ  امْرِىءٍ  مِنْ  دَهْرِهِ  مَا   تَعَوَّدَا        وَعَاداتُ سَيْفِ الدَوْلَةِ الطَّعْنُ فِي العِدَا
يخبر البيتُ عن معنى دقيق، خلاصتُه أنّ الأفعال لا تُمدح أو تُذم مجردةً عن ظروفها وملابساتها؛ فلِلشدة مواطنُها التي لا ينفع فيها الرفقُ واللين، والعكس صحيحٌ أيضاً.

وهو معنى قد قالته الحكماءُ مِنْ قبل؛ فليس أبو الطيب أبا عُذره؛ إذ قالوا: إنّ مَنْ جعل الفكرَ في موضع البديهة فقد أضَرَّ بخاطره، وكذلك من جعل البديهةََ في موضع الفكر..

والبيتُ يحمل معنى كلياً؛ يتمثل بضرورة وضع كل شيء في موضعه المناسب؛ وهذا يستدعي -بالضد- معنى الظلم؛ إذ هو وضع الشيءِ في غير موضعه.

قد يتساءل المرءُ عن سرِّ اقتران الحكمة الشعرية بالمتنبي أكثر من غيره مِن الشعراء! وقد يأتي في معرض الإجابة أنّ من أسباب ذلك إكثارَه منها، ومَنْ أكثر من شيء عُرف به..

غير أنّ المدقق يلحظ سبباً أعمق، ولعله قدرتُه اللغوية الفائقة، والخبرة بمتطلبات الصياغة التي جعلت أبياته تتردد على الألسنة؛ فتكتسب سيرورتها واسستمرارها، وهي لغة صقيلة حاسمة واضحة؛ تقنع المتلقي وتدهشه معاً.

فهو في هذا البيت قد سكب هذه الحكمة المستمرةَ الثابتة في قالب الجملة الاسمية الدالة على الثبوت والرسوخ والدوام، واللافتُ أنه لم يستخدم في البيت فعلاً قطُّ! وهذا الاختيار -أعني الاقتصار على الأسماء في أبيات الحكمة- هو اختيار واعٍ من الشاعر للغته، ويكاد يكون مَلمحاً أسلوبياً في شعر الحكمة؛ إذ له نظائر كثيرة، منها قولُه:
الرَّأْيُ قَبْلَ  شَجَاعِةِ  الشُّجْعَانِ        هُوَ أَوَّلٌ، وَهِيَ فِي المَحَلِّ الثَّانِي
وقوله:
فَطَعْمُ المَوْتِ فِي أَمْرٍ  صَغِيرٍ        كَطَعْمِ المَوْتِ فِي أَمْرٍ عَظِيمِ
ومثله كذلك -في أسلوبه- بيتُ شوقي المشهور:
دَقّاتُ قَلْبِ المَرْءِ قَائِلَةٌ لَهُ:        إِنَّ الحَياةَ دَقَائِقٌ  وَثَوانِي!
وثمةَ أسلوبٌ لغويٌ آخر أَكثرَ منه المتنبي لغرض الحكمة، وهو أسلوب الشرط، ولنأخذ مثالاً عليه من القصيدة نفسها، وهو قوله:
إِذَا أَنْتَ أَكْرَمْتَ الكَرِيمَ مَلَكْتَهُ        وَإِنْ أَنْتَ أَكْرَمْتَ الَلَّئِيمَ تَمَرَدا
الذي لا يبعد كثيراً عن معنى بيتنا السابق؛ غير أنه -هنا- قد آثر أسلوبَ الشرط الذي يربط جملةَ الشرط بجملة الجواب ربطاً منطقياً؛ ويُحدِث تلازماً بينهما؛ فيجعل الأول سبباً، والثاني نتيجةً، أو مُسبَّباً؛ وبهذا يكون هذا الأسلوبُ من أنسب الأساليب لأداء معاني الحكمة؛ التي تستهدف -في المقام الأول- الإقناعَ، ولا أدل على ذلك من تلك الأبيات المشهورة في الحكمة، التي خَتم بها الشاعرُ الجاهليُّ زهير بن أبي سُلمى معلقته، ومنها:
وَمَنْ هَابَ أَسْبابَ المَنَايَا  يَنَلْنَهُ        وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءَ بِسُلَمِ!
وكلُّّها التزمت أسلوبَ الشرط؛ لِما يتمتع به من خصائص لغوية تناسب المعنى.

ولابد في الخاتمة من كلمة تتصل بشعر المتنبي؛ فبالرغم من اللغة العالية الرصينة، والأسلوب المفعم بالبلاغة والتأثير؛ غير أن العذوبة الشعرية والغنائية في شعر غيره -أمثال البحتري- أكثر منها في شعره؛ ففي لغة البحتري عفوية، وسلاسة، ورقَّة، وماويَّة، وطَلاوة؛ ليست في شعر أبي الطيب، وقد اعترف المتنبي نفسُه بذلك حين قال: "أنا وأبو تمام حكيمان، والشاعرُ البحتريُّ!".




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- رجاء المتابعة
منيب ربيع عبد الله - مصر 09-09-2007 11:19 PM
شكر الله للدكتور أسامة مقالته عن (الحكمة في الشعر العربي) ، ونرجو أن يواصل ما يجنيه لنا من بستان الشعر ودرر الشعراء
1- متعة
أبوربيع - السعودية 06-09-2007 12:54 AM
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده الذي قال :(إن من البيان لسحرا)
لم أملك بعد أن اطلعت على المقال إلا أن أكملته وتمنيت أن يطول فهو حقا متعة ،قطوف دانية ووجبة شهية وفكر عال . لاحرم الله سعادة الدكتور أسامة الأجر .
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة