• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / فضاء للشعر / شعراء الألوكة


علامة باركود

آخر صورة لمدينة القدس

د. معتز علي القطب


تاريخ الإضافة: 4/2/2017 ميلادي - 7/5/1438 هجري

الزيارات: 3789

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آخر صورة لمدينة القدس [1]

 

ولدتُ في القُدسِ مِن جِيناتِ مَن فيها
وأرضعتني حليباً من مَبانِيها
المقدسيون آبائي بها خُلقوا
عَاشوا وماتوا وكانوا من أهاليها
نَشأتُ فيها وما زَالت تُدلِّلني
فكيف تُنكرُني فيها مَجاريها
مكثتُ أقرَأُ أحداثاً بدفترِهَا
فَلم أَجد خَبراً قد خُطَّ يُرضيها
وجئتُ أسألُ أهلي في شَوارعِها
عَن الوفودِ وقد صَاروا مَواليها
أضحى بها اليوم أحياءٌ وتُنكرُني
فيها غريبٌ ومنذُ الأمسِ وَاليها
ناديتُ يا أرض أجدادي وموطنها
أبدو غريبا وجدي لم يكن فيها
مشيتُ أبحَثُ عن شيء يُعرِّفُني
أَمشي وأَسأَلُ من رُوحي أُناديها
كأنَّ أحجارَها سوداءُ تَجهَلُني
أسماءُ حاراتِها ضَاعت معانيها
كانت بيوتٌ بهذا الحيِّ تَعرفُني
حتى أتاها بجنحِ الليلِ سَابيها
أسيرُ أنظُرُ ما يجري بِعالَمِها
أبكي المآذِنَ، والأمجادَ أرثيها
أرى وأشهَدُ تزويراً يشوهها
وصاحبُ الدارِ مشلولٌ ليفديها
حتى القبورُ لأجدادي وتُربَتهم
بَحثتُ عَنها فَتاهت في فَيافيها
فَجِئتُ أشجارَ زيتونٍ أُقبلُها
ذكرى مباركةٌ من غرسِ أيديها
يا حسرةً وأنا فيها أُشاهدها
قد ألبسوها ثيابا لا تُحلِّيها
وَجردوها من الديباجِ كسوتها
تلك العروسُ تُنادي من سيُكسيها
ظلَّ الرداءُ عليها لا يُفارقُها
من يومِ أن جَاءها الفاروقُ يَلفيها
وعادَ جاءَ صلاحُ الدينِ يُسبلها
مِن الحريرِ لباساً في حَواشيها
هذا النسيجُ الذي سَلُّوهُ دَلَّلها
فمن يُعيدُ وشاحاً أو يُواسيها
تبدَّلت وَأَنا ما زلتُ أشهدها
أهذه القدسُ أم ماذا نُسميها؟
تغيرَ الإسمُ والتاريخُ مختلفٌ
حتى اللغات التي كانت تُحاكيها
سطوا عليها فصارت من مدائنهم
وبدَّلوا ما أرادوا في نَواحيها
تبدو مُشوهةً من غيرِ زِينتها
ضَاعت جَواهِرُ كانَ الشَرقُ يُهديها
عاثوا فَسادا بآثارٍ مكرمةٍ
من عهدِ مَروان إرثٌ ظل يرويها
قد أخلصوا من تولوا أمرَ خِدمتها
حَتّى أتاها بِهذا العصر مؤذيها
تعاهدوها وكانوا كلُّهم خدماً
في كل شبرٍ أقاموا عِزَّ ماضيها
مضوا وما زال ذكراهم تُداعبنا
فهل يعودون كي ربي يُنجِّيها
كانت تُنيرُ بِلادِي قبلَ وَعكتها
مشارفَ الأرضِ تروي النّاس تسقيها
أين المدارسُ ذاتُ الصيتِ نفقدها
كانت تَكايا وكان الوقفُ يُزهيها
كانت وفودٌ من الحجاجِ تَعمرها
وفي المواسمِ تأتيها وتعليها
تبدو هنالك قد جفت منابِعُها
وفي الأزقةِ أطيافٌ تُنَاجِيها
استسلمت بعد أن نَادت أحبّتها
فلم يُجيبوا وعادَ الصوت يُوهيها
لحّت عليهِمُ أن يأتوا لنجدتها
والصوتُ يصدحُ آلاماً تُعانيها
لم يسمَعوها وإن نادت لِتُسمِعهم
آهاتُ أشرَفِ بنيان بواديها
مع أنها أسمَعت أثناء محنتها
وأشهَدت كلَّ حيٍّ عن مآسيها
نسوا وغابت مع الأيامِ بسملةً
تُباركُ القُدسَ والأكنافَ تُزكيها
الجهدُ يبدو عَليها في مَلامحها
والضعفُ يزدادُ حتى في ذراريها
والمرُّ تشربه من كلِّ ناحيةٍ
والطعمُ من حَلقِها حتى تراقيها
بنتُ المكارمِ كان الكلُّ يَطلُبها
فكيفَ لا أحدٌ اَلآن يأتيها
وهل سَتصبِرُ والأوساخُ تَملؤها
وليسَ يوجدُ ماءٌ كي يُنقيها
تبكي وتصرخُ والأوجاعُ تَقتلها
فكيفَ تُمسي بلادٌ ماتَ آسيها
وكيف تُصبِحُ والأغلالُ تعصرها
واليتمُ يقلقها والكلُّ ناسيها
سورٌ هنالك أمسى من معالمها
والأهلُ خلف جدارٍ كيفَ تأتيها
تَرى الحواجِزَ عند السور مؤذية
أكنافها حُجِبت كي لا تُوافيها
السورُ ليس "سليماني" يُجملها
لكنه عملٌ رجس لغازيها
إني لأبصرُ حبلاً حَولَ مِعصَمِها
يَجُرها في طريقٍ لا يُواتيها
ذاكَ السبيلُ أرادوها لتسلكه
من بعد أن عزلوا عنها غواديها
تلك الكوارِثُ باتت لا تفارقها
تأتي فتوجِعُ أو تبقى فتؤذيها
عمّت كذلِكَ أمراضٌ مُؤثّرة
منها العضالُ ولا شيءٌ يُداويها
هذا وباءٌ تفشى في خَواصِرها
في كل ثانيةٍ يزدادُ يُشقيها
أين الأطباءُ من وصفٍ يُعالجها
أَوكَّلوا أمرَها للهِ يَشفيها
القدسُ تفحَصُ صدقا في مُجيبيها
واللهُ يَفتتن العبّادَ يَجزيها
هل يترَكُ القولُ "آمَنَّا" بلا مِحَنٍ؟
اَلكلُّ ممتحَنٌ.. ربِّي يُصفيها
لهفي على المسجد الأقصى وقبّته
ما زال يمسَحُ شيئاً عن مَآقيها
هناكَ يُؤنِسُها في ظِلِّ غُربتها
يُخالُ يشكو لربِّ الخلقِ عاصيها
أراهُ منفعلاً للقدسِ منتفضاً
فهل ينالُ من الأحداثِ تشويها
لهفي عليه وأنفاقٌ بأسفله
حتى تُقوضُه مُذ غابَ حَاميها
في البابِ حاجبهُ لصٌ ويُبغضه
فلا زيوت لتهدى أو تُواسيها
في كل يوم تداعوا حول مسجدها
والبنتُ تبكي ولا شخصٌ يراعيها
أتيت أبكي على أرضٍ نُقدِسُها
أين الجميعُ أليسوا من مُحبيها
أهلي وقومي بها بضعٌ تؤازِرُها
لا حيلةٌ مرضُ ما انفكَ يُدميها
أبيتُ والدمعُ مِلءُ الخدِّ أذكُرها
أبكي البلاد وأبكي كلَّ ما فيها
كلُّ الفضائلِ بتنا اليوم نفقدها
فلا مُروءَةَ أو شيء يُعزيها
وليسَ يوجدُ بين النّاسِ مُعتصمٌ
ولا شبيهٌ سوى طيفٌ يُلهّيها
حتى المكارم في الجيناتِ قد نُزعت
ولم تُورَّث إلى نسلٍ فيأتيها
ضاعت كذلك أمجادٌ مُؤصلةٌ
كانت تغيثُ إذا الأوجاع تغشيها
يحكى ولا شيء في الأفاقِ يُؤنِسُها
إلا عويلٌ وأشباحٌ تناويها
ماتت محاسِنُ أخلاقٍ بأمتنا
وشيعوا دون أن ندري أهاليها
كانت بيوم من الأيام موعظةً
في أرض أندلسٍ ذكرى لنرويها
واليوم إنّا لنبكي القدس تُوحشنا
لم ندرك الدرس حتى جاء ناعيها
يا ربِّ مسجدها يبقى منارتها
وكفَّ بأساً عليها الآن أكفيها
إنّي أُريدُ لأرضي أن تُسامحني
فلستُ أملِك غير الدمعِ أعطيها
عسى جدودِي متى جاورت مدفنهم
لا يسألونِيَ عن وضعٍ فَأبكيها
خذوا ثرى بَلَدي خَبوا بهِ جَسَدي
لِعَلَهُ جَدَثي يبقى يُحَييها
ما زلت أرجو لأرض القدس مفترجاً
يأتي قريباً يعيد الدار يحيِيها
يعيدُ ما كان من أصل ومن حجرٍ
ويغسلُ القبة الصفراء يُجلِّيها



[1] د. معتز علي القطب: عميد البحث العلمي - جامعة القدس.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة