رمضان مدرسة الحياة (قصيدة)

أ.د. عبدالحكيم الأنيس

تاريخ الإضافة: 4/6/2016 ميلادي - 27/8/1437 هجري

الزيارات: 7665

رمضان مدرسة الحياة

(رمضانُ) جاءَ ولم أزلْ بمآسي

والقلبُ من ذنبي اللجوجِ يُقاسي

ما لي أصومُ عن الطعام المشتهى

وأطيلُ أكلًا من لحوم الناسِ؟!

ويطوفُ غيري في حدائقِ طاعةٍ

وأطوفُ بالوسواس والخنّاسِ!

ويقومُ أهلُ الليل في خلواتِهم

وأنامُ عن ذكرٍ وعن إيناسِ!

أُمضي النهارَ تأففًا وتضجّرًا

وأضيِّعُ النفحاتِ في الأغلاسِ!

ما لي أرى دفقَ الخواطرِ آسنًا

وأرى التبلّدَ ساكنًا إحساسي

أيجيء يومَ البعثِ قومٌ بالغنى

مِنْ سعيهم، وأجيءُ بالإفلاسِ؟

هل يرفعون رؤوسَهم مِنْ فخرهم

وأحطُّ مِنْ خجلٍ هنالكَ راسي؟

كانوا إذا رمضانُ حلّ بدارِهم

ضنُّوا -على التفريط - بالأنفاسِ

إنْ كان يحرسُ غيرُهم مالًا فما

كانوا لغير العُمْرِ بالحرّاسِ

صاموا وقاموا واستقاموا واغتنوا

وغدوْا من التقوى بخيرِ لباسِ

بُعدُ المشارقِ والمغاربِ بُعدُهم

عن ربقةِ الأدناس والأرجاسِ

بَلَغتْهمُ الأنباءُ عنْ قيعانهم

فتسابقوا طمعًا لها بغراسِ

وإذا مضى ذنبٌ فما ينسونهُ

مِنْ خوفهم وأنا الجهولُ الناسي

يتخيلون وقوفَهم وحسابَهم

وجميعُ ما عملوه في القرطاسِ

فإذا بهم من رقّةٍ عَبَراتُهُم

تهمي، ولا يبكي الغَفولُ القاسي

أوقاتُهم أبدًا بطاعةِ ربهم

أصباحُهم معمورةٌ وأماسي

جالِسْهُمُ وانظرْ فؤادَك عندهُمْ

فالمرءُ مقتبسٌ من الجلّاسِ

شهدٌ وسُمّ في كؤوسِ الناس إنْ

خالطتَهم فانظرْ مديرَ الكاسِ

أترى ستحسو الشهدَ مِنْ أخيارهم

أم أنتَ مِنْ سُمِّ المفاسدِ حاسي؟

ولكل صحبٍ في الحياة لباسُهم

أتراكَ قد فكرتَ في الإلباس؟

ستعودُ صحبَتُهم عليك بحالهم

فانظرْ وقايسهُم إذن بقياس

هل تشتري مَدَرًا بِدُرٍّ خالصٍ

أو تشتري مِنْ فحمهم بالماسِ؟

فاستيقظي يا نفسُ واقتربي من ال

أبرارِ وابتدري بناءَ أساسِ

وخذي من (الشهرِ الفضيل) وسيلةً

لله واقتبسي من المقباسِ

رمضانُ مدرسةُ الحياةِ فأقبلي

واستلهمي منه الدواءَ الآسي

أيامُهُ معدودةٌ فتزوّدي

لا تضربي الأخماسَ للأسداسِ

وتدارسي (القرآنَ) في ساعاته

ما اشتقتِ يا نفسي إلى المِدراسِ؟

كوني مع الأكياس في نهضاتِهم

فالدين والدنيا مع الأكياسِ

يا نفسُ هل من ساعةٍ تَقِفينها

(هل في وقوفك ساعةً من باسِ)؟

ما قلتُ ما أنا قلتُه متسلّيًا

لا تُقرَعُ الأجراسُ للأجراس

فثِبي وثوبي من شرودكِ وانتهي

لا تيأسي فالكفرُ صنو الياسِ

وتذكري يا نفسُ أولَ ليلةٍ

سَتَريْنها لا بدّ في الأرماسِ

والقبرُ إما روضةٌ أو حفرةٌ

والسعيُ عندَ اللهِ في قسطاسِ

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي