• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / فن الكتابة


علامة باركود

نجوى

أ. د. محمد حسان الطيان


تاريخ الإضافة: 5/7/2010 ميلادي - 24/7/1431 هجري

الزيارات: 6086

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
قَالُوا تُحِبُّ الشَّامَ قُلْتُ جَوَانِحِي
مَقْصُوصَةٌ فِيهَا وَقُلْتُ فُؤَادِي

كلما تناءت بي السنون، وتجافت بي المسافات، ازدادَ شَوقي وحَنيني إليكِ يا شَامَ الحُب، ويا خَدِينة القلب.

أَشْتَاقُ فِيكِ طُفُولَتِي

أَشْتَاقُ فِيكِ بَرَاءَتِي

أَشْتَاقُ فِيكِ شَقَاوَتِي

أَشْتَاقُ فِيكِ سَعَادَتِي

وأحِنُّ فيك إلى إنسانيتي وهُويَّتي وعافيتي.

كل ما فيك يُشْجِيني، ينهض بي ويُحييني، بل يدعوني يُغرينِي.

 

هواؤك الساحر وجوُّك العامر، نهارُك الصاخب وليلُكِ الساهر، صيفُكِ المُلهبُ وشِتاؤُك القارس، ربيعك الفتَّان وخريفك الولهان، مساجدك العامرة ومآذنك الشامخة، أُصَيحاب القلب وشقائق الروح، مجالس الأنس وحلقات العلم، أيَّامي وأحلامي، ذكرياتي ومَرَابع هواي، في طفولتي وفتُوَّتي، وشبابي وهَرَمِي، بسماتي وضحكاتي، آهاتي وواهاتي.

آهًا لِأَيَّامِنَا بِالْخَيْفِ لَوْ بَقِيَتْ
عَشْرًا وَوَاهًا عَلَيْهَا كَيْفَ لَمْ تَدُمِ

أحِنُّ إلى شقاوة أترابي، وعيش أَحبابي، إلى جلْسةٍ تضمُّني مع صَحْب طالَما أحببتهم وأحبُّوني، وألِفْتُهم وأَلِفُوني، معهم أخلع عن عاتِقي وَقار الحشمة وتصنُّعَ الحياء، أنطلق على سجِيَّتي، فتارةً أغرِّد وتارةً أغني، وتارةً أحدِّث وتارةً أُصغي، أتقلَّب بين نِعْمتي المحبة والألفة، لا أحتشم ولا ألتزم، بل أطلق العِنان لنفسي، أُسمعهم ويُسمعونني، أحملهم ويحملونني، أسعى بهم ويسعَون بي.

أَبَتْ يَا شَامُ نَفْسِي أَنْ تَطِيبَا
تَذَكَّرَتِ الْمنَازِلَ وَالْحَبِيبَا
أَلاَ يَا شَامُ قَدْ عَذَّبْتِ قَلْبِي
فَأَصْبَحَ مِنْ تَذَكُّرِكُمْ كَئِيبَا
وَرَقَّقَنِي هَوَاكِ وَكُنْتُ جَلْدًا
وَأَبْدَى فِي مَفَارِقِيَ الْمَشِيبَا

أتدرين أيتها العشيقة المستبِدَّة بحبِّي، المتسلِّطة أبدًا على قلبي ولُبِّي - أتدرين أنَّ استبدادَك هذا أحبُّ إلَيَّ مِن كنوز الدنيا؟ وأنَّ تسلُّطَك وسلطانك وطغيانك أشهى على قلبي من كل نعيم ذُقتُه في عَوالِم الناس؟!

 

وكثيرًا ما أفكِّر في هؤلاء الذين كُتب عليهم أن يَهجروك إلى غير رَجْعة، أو كَتبوا على أنفسهم ألاَّ يَعتادوك بالزيارة، على أيِّ أمل يعيشون؟ وفي أيِّ بَلاءٍ يتقلَّبون؟!

 

وأعود إلى نفسي أسألها ذاك السؤال الأزلي: يا شامُ، ماذا وَجَد مَن فقَدك؟ وماذا فقَد مَن وجدك؟

أتدرين أنَّ ذِكراك هي التي تُصبِّرني؟ وأن طَيْفك هو الذي يُحْييني ويُحيِّيني؟


أتدرين أنِّي أَصحو وأنام على هذا الطَّيف؛ أَعُدُّ الأيام والساعات بانتظار هذا اللقاء؟ أقلِّب أيام دهري مترقِّبًا ساعة العودة، وكأني بهذه العودة قد غَدَت أملاً، بل هدفًا وغايةً لوجودي، وكثيرًا ما تتَأرَّقُ مني العين، ويَهرب مني النوم، وأتقلب على مثل جمر الغضا، فلا أجد سلْوَتي إلاَّ بترديد قول الزِّركلي:

الْعَيْنُ بَعْدَ فِرَاقِهَا الْوَطَنَا
لاَ سَاكِنًا أَلِفَتْ وَلاَ سَكَنَا
رَيَّانَةٌ بِالدَّمْعِ أَقْلَقَهَا
أَلاَّ تُحِسَّ كَرًى وَلاَ وَسَنَا
كَمْ ذَا أُغَالِبُهُ وَيَغْلِبُنِي
دَمْعٌ إِذَا كَفْكَفْتُهُ هَتَنَا
لِي ذِكْرَيَاتٌ فِي رُبُوعِهِمُ
هُنَّ الْحَيَاةُ تَأَلُّقًا وَسَنَا

وكأني بهذه الغربة المتطاوِلة ليلٌ جاثِم على صدري وقلبي، طال فيه تقلُّبي وسُهادي، وحار فيه فِكري وجودي، وضاقت به نفسي، وعافَت طولَه رُوحي، يلوح من ورائه فجرُ شامي وصباح أيامي، وسعادة عمري ونعيمُ دهري، فيك أنت يا شام.

آهِ يَا شَامُ كَيْفَ أَشْرَحُ مَا بِي
وَأَنَا فِيكِ دَائِمًا مَسْكُونُ

إي وربِّي، مسكون بحاراتك، بأزِقَّتك وعماراتك، وشوارعك ومساراتك، بقاسيونك وبرداك ورَبْوتك، بمآذنك وقبابك ومساجدك، بالأموي والسادات، والتوبة والعادل والأبرار، بأمطارك وعواصفها، وأزهارك وطيبها، وبلابِلِك وتغريدها، بصنابيرك تسيل بالماء القراح، وأطايبك وفيها كل ما يُشتَهى ويُستَباح، بفواكهك نتخَيَّر منها ما لذَّ وطاب، بحلوياتك تَلَذُّ لآكلها وتُسْتَطاب، بالمدلوقة تعلوها القشطة والفُسْتق، والستاتي والعصافيري وبقية أسراب الحمائم والطيور.

 

برياض الجنة نرتع فيها بين المحاريب والمنابر، وبين حلَق العلم وحلَق الذكر، بصوت مؤذِّن عذْبٍ يَصْدح بالأذان، وصوتِ منشِدٍ رخيم يصلِّي على النبي العدنان، وصوت خطيب مجلجِل يَهُزُّ منا القلب قبل الآذان، وصوتِ إمام خَشُوع يَرقى بنا إلى سِدرة الكريم الديَّان.

 

مسكون بأسواقك، بحوانيتك وشبابيككِ وشُرُفاتك.

بِالْخُصِّ يُخْفِي خَلْفَهُ أَحْلَى الْحِسَانْ

بِالْفَجْرِ بَدَّدَ نُورُهُ حَلِكَ الظَّلاَمْ

بِأَرِيجِ عِطْرِ الْيَاسَمِينِ وَبِالْحَمَامْ

وَصَرِيرِ بَابٍ دُونَهُ أَحْنَى الأَنَامْ

بِسَرِيرَةٍ أَرْجُو لَهَا مِسْكَ الْخِتَامْ

مَسكون بأسمائك، بأرضك ونجومك وسمائك، برضوان وهشام وحسام، وتوفيق وتحسين وياسين، واعتدال وعائشة، وغادة وسهام، وفائزة وحسناء، ودعاء بالطيان والمسوتي، والعطار والشريف، والبواب والصمادي، والحكواتي والفرفور والشلاح، وبقية الحِرَف الشريفة والألقاب المنيفة.

 

مسكون ببيت أهلي وبيت جدي، وبيت صَحْبي وبيت حِبِّي، بل أنا مسكون بكل بيت فيك.

بِرَوَائِحِ النَّانَرْجِ تَعْ
بَقُ فِي الْبُيُوتَاتِ الْعَتِيقَهْ
وَأَزَاهِرِ الرُّمَّانِ تَبْ
دُو كَالْجُمَانِ أَوِ الْعَقِيقَهْ
وَوُجُوهِ أَرْحَامٍ وَأَصْ
حَابٍ وَجِيرَانٍ صَدِيقَهْ

أجَل، أنا مسكون بمعاهِدِك ومدارسك، وجوامعك وجامعاتك.

بِدَهْشَةِ طَالِبٍ نَهِمٍ
يَهِيمُ بِذِكْرِ مَعْلُومَهْ
وَبَارِقَةٍ لآخَرَ قَدْ
أَثَارَ الدَّرْسُ مَخْزُونَهْ
وَنَبْرَةِ حَازِمٍ ذَرِبٍ
يَقُودُ الصَّفَّ وَعْيُونَهْ

مسكون بدفئك وبردك، بظلك وشمسك، بصحوك ومطرك، بزهرك ووردك، بسهلك وجبلك، بنهرك وجدولك، بناسك وأعراسك.

مسكون بكل ما فيك من عَذْب وعَذاب، وعمَار وخراب، وسعادة وشقاء، وراحة وتعب، ونعيم ونَصَب.

مسكون: بدمعةٍ حَـرَّى، أذرِفها حزنًا أو فرَحًا.

مسكون: بزفرة مرَّة أُطلقها أسًى أو حسرة.

مسكون: بلوعة عاشق لا تعرف سكونًا أو فتْرة.

مسكون: بجناح طيرٍ خافقٍ، يَرفُّ كلما عنَّتَ له أثارةٌ من ذِكرى.

قَلْبٌ تَقَطَّعَ فَاسْتَحَالَ نَجِيعَا
فَجَرَى فَصَارَ مَعَ الدُّمُوعِ دُمُوعَا




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة