• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

أثر أبي علي الفارسي في أصول النحو (تأثر ابن جني به في كتابه الخصائص)

تأثر ابن جني بأبي علي الفارسي في كتاب الخصائص
د. رضا جمال عبدالمجيد


تاريخ الإضافة: 25/2/2016 ميلادي - 16/5/1437 هجري

الزيارات: 21093

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أثر أبي علي الفارسي في أصول النحو

(تأثر ابن جني به في كتابه الخصائص) [*]

 

يحتفل ابن جني في كتابه "الخصائص" بأبي علي، ويظهر هذا في ثنائه عليه، ودلالته على مواطن البراعة عنده، فتراه يقول عنه: "فما كان أقوى قياسه، وأشهد بهذا العلم اللطيف الشريف أنسه، فكأنه كان مخلوقًا له..."[1].

 

وتراه يقرأ تفسيره"[2] ويصوبه[3]، ويعجب بما يعقد مِن معان[4]، ويجريه على أحكام الصناعة[5]، ويثني على نزْعة الشيخ في القياس، حتى إنَّه قال: "إنَّ مسألة واحدة في القياس أنبلُ وأنبه من كتاب لغة عندَ عيون الناس"[6].

 

وقد كان هناك تفاعل بين ابن جني والشيخ، يقوى هذا التفاعل عند أحدهما حين يضعف عند الآخر، وقد يكون منهما في طبقة واحدة.

 

أ- فابن جني يتلقَّى عن الشيخ، وذلك في الغالب الأعم.

ب- وأحيانًا يتبادل معه البحث، ويخوضان معًا فيه.

جـ- وقليلاً ما كان الشيخ يتلقَّى من ابن جني، فيتأثر بتلميذه تأثرًا إيجابيًّا، حتى يسجل الشيخ قول التلميذ.

 

وسأضرب المثل لكلِّ حال مِن أحوال التفاعل فيما يأتي من حديث:

ففي (أ) نرى ابن جني يقول مثلاً: سألت أبا علي (رحمه الله[7])، أو أنشدنا أبو علي[8]، أو حدثني[9]، أو كذا عهد إليَّ أبو علي (رحمه الله[10])، أو يقول: وهو رأي أبي علي (رحمه الله)، وعنه أخذته لفظًا ومراجعة وبحثًا[11].

 

وفي كتاب "الخصائص" ما يدلُّ دلالة واضحة على تأثر ابن جني بأبي علي في أصول اللغة والنحو، وجاء ذلك التأثير مظهرًا لتلقي ابن جني عن شيخه، فابن جني ينقل رأي أبي علي في أصول اللغة: أإلْهام هي أم إصلاح؟ ويناقش هذا الرأي[12] ثم يعود إليه في باب أفي وقت واحد وضعت أم تلاحق تابع منها بفارط[13].

 

وهناك أصول كررها أبو علي في مختلف كتبه، فبنى ابن جني عليها، وأفاض الحديث عنها، وشقَّق المقال فيها، مِن ذلك مثلاً.

 

أولاً: جاء في "الإغفال" لأبي علي ما نصه: "ولزوم الظاهر أحب إلينا[14]، فما كان من ابن جني إلاَّ أن عقد بابًا "في الحَمْل على الظاهر، وإن أمكن أن يكون المراد غيره[15]، وأورد في هذا الباب ما نصه.

 

وذكر محمد بن الحسن (أروى) في باب (ع ر و) فقلت لأبي علي: من أين له أن اللام واو؟ وما يؤمنه أن تكون ياء فتكون من باب التقوى، والرعوى، فجنح إلى ما نحن عليه من الأخْذ بالظاهر، وهو القول، فاعرف بما ذكرته قوَّة اعتقاد العرب في الحمل على الظاهر ما لم يمنعْ منه مانع[16]".

 

(ب) يتبادل معه البحث، ويخوضان معًا فيه: وذلك يقول ابن جني: "دخلت يومًا على أبي علي (رحمه الله) خاليًا في آخر النهار فحين رآني قال لي: "أين أنت؟ أنا أطلبك! قلت: "وما ذلك؟، قال: ما تقول فيما جاء عنهم من "حوريت"؟ فخضنا معًا فيه، فلم نحل بطائل منه، فقال: هو مِن لغة اليمن، ومخالف للغة ابني نزار، فلا ينكر أن يجيء مخالفًا لأمثلتهم[17]".

 

ومن دلائل الحال الثالثة وهي قليلة حيث يتلقَّى الشيخ من ابن جني، ويتقبَّل ما يراه، ما يطمئن إليه ويرضاه[18] حتى ليسجلَه في تعاليقه - ما جاء في "الخصائص": قلت مرة لأبي علي (رحمه الله): قد حضرني شيء في علة الاتباع في (نقيد) وإن عرى، وأن تكون عينة حلقية، وهو قرب القاف مِنَ الخاء والغين، فكما جاء عنهم التجير والرغيف، كذلك جاء عنهم "النقيذ"، فجاز أن يشبه القاف لقربها من الحَلْق بها، كما شبه من أخفى النون عند الخاء والغين أيهما بحروف الفم، فالنقيذ في الاتباع كالمُنْخُل والمنغل فيمَن أخْفى النون، فرضيه وتقبَّله، ثم رأيته وقد أثبته فيما بعدُ بخطه في تذكرته[19].

 

وابن جني كأستاذه يحتجُّ بالحديث الشريف في المعنى اللغوي، وتقرير الأصول، وشرح مذاهب العرب في كلامها: استشهد في باب القول على اللغة وما هي: يقول الرسول: ((مَن قال في الجُمُعة: صه، فقد لغَا))، وفسَّر "لغا" بتكلم[20].

 

ربما يتَّفق ابن جني ويتأثَّر بشيخه في: اصطناعه أساليب أبي علي عندَ البرهان والتدليل: فهو يورد الاعتراض ويرده[21]، ويفترض الأسئلة ويجيبها[22]، ويبدأ بما أمسيته عند أبي علي - بالتدليس المؤسس، ثم يتبعه الدليل المؤكد المقوى[23]، ويقول بالأولى والأجدر[24]، ويسلك سبيل المناطقة - كما يسلك أستاذه سبيلهم - في اتخاذ أساليبهم فيظهر عنده القياس الاستثنائي[25] ويذكر العموم والخصوص الوجهي[26]؛ ويقسم التقسيم المنطقي[27]: ويناظر ويقايس[28]؛ ويغرم غرامًا شديدًا بذلك، حتى إنه يقول: "إنَّ مسألة واحدة من القياس أنبل وأنبه من كتاب لغة عند عيون الناس"[29]، ويهدم القياس بما بيْن المقيس والمقيس عليه من فارق[30]، وأوضح البراهين عنده ما كان ملحقًا بالبراهين الهندسية[31]: يذكر المقدمات التي تنتهي به إلى نتيجة يصدرها بقوله: فقد ثبت كذا وكذا[32]، وما أشبه ذلك بالاستنتاج الذي يعقب خطوات البرهان على النظريات الهندسية.

 

كذلك مما يقفو فيه ابن جني قفو شيخه استغلال مسائل العروض والقوافي في التدليل والاحتجاج، ولا أطيل القول بالتمثيل بل حسبي أن أشير إلى بعض الصفحات التي ورد فيها هذا الاتجاه[33].

 

وابن جني معتد - كشيخه - بأبي الحسن الأخفش، وإنك لترى مظهر هذا الاعتداد في قوله حيث يدفع عنه: على أن أبا الحسن قد كان صنف في شيء من المقاييس كتيبًا إذا أنت قرنته بكتابنا هذا علمت بذاك أنا أنبنا عنه فيه، وكفيناه كلفة التعب به، وكافأناه على لطيف ما أولاناه من علومه المسوقة إلينا المفيضة ماء البر والبشاشة علينا، حتى دعا ذلك أقوامًا نزرت من معرفة حقائق هذا العلم حظوظهم، وتأخرت عن إدراكه أقدامهم إلى الطعن عليه، والقدح في احتجاجاته وعلله[34]، وأبو الحسن هنا سعيد بن مسعدة الأخفش؛ لأنه هو الذي صنف المقاييس[35].

 

ونرى في ابن جني الأمانة العلمية، وكانت لها مظاهر في "الخصائص"[36]، وقد لحظ ذلك ابن جني من أستاذه، ونص عليها، ودعا الباحثين إليها[37].

 

وثمة سمة تظهر في تأثر ابن جني بأستاذه أبي علي، تلك هي إيثاره الانصباب في إيراد الشواهد، فلا يكتفي بالشاهد أو الشاهدين، وتلك النزعة الظاهرة عند الإمام سيبويه[38] فسلك كلٌّ من الرجلين سبيل الإمام فيها[39].

 

وغير خاف ما يظهر عند ابن جني من الاستطراد في بحوثه، ولكنَّه يفترق عن الشيخ فيه، فاستطراد ابن جني يضم موضوعات مترابطة، لا كما يظهر عند الشيخ من الاستطراد لأدنى ملابسة تنسيك الموضوع الأصيل الذي يتحدث فيه، وتطغى عليه.

 

وابن جني يستكثر من التعليل النفسي، والرجوع إلى الحسِّ في التدليل، وكان عن أبي علي شيء من هذا في بعض كتبه[40] لكن ابن جني توسَّع فيه، حتى صار ذلك من سماته التي يتسم بها، ويتميز عن شيخه فيها، وإليك ما يختصر الدلالة على هذا الاتجاه قال:

"الحذاق المتفننون من النحاة يحيلون - في عِللهم - على الحس، ويحتجون بثقل الحال أو خفتها على النفس[41]".

 

وتظهر الصناعة الصرفية في اختيار ابن جني للألفاظ كما كان الشأن عندَ الشيخ، انظر مثلاً قوله: "لا تعدم هناك مذهبًا نسلكه، ومأمًّا تتورده[42]".

 

وقوله: "جعلوه كالمنبهة على فرط عنايتهم[43]".

 

كما تظهر الصناعة اللغوية وذلك في قوله - مثلاً - وإنها - أي اللغة - لم تقتعث اقتعاثًا، ولا هيلت هيلاً[44].

 

الخلاصة:

وبعد: فذلك مدى ما تأثَّر ابن جني بأبي علي، ومدى ما افترق بمقدار عنه - في "الخصائص" الذي يمثل أصولَ النحو واللغة:

فتأثر ابن جني واضح بأستاذه في الأصول النحوية واللغوية، واحتجاجه بالحديث الشريف، وفي طريقة التدليل بالتزامه مسائل المنطق وقضاياه، وبالتعصُّب لسيبويه، وبالردِّ على مَن هاجمه وعاداه، والدفاع عن أبي الحسن الأخفش، والاعتداد به، وبالانصباب في سرد الشواهد، واستغلال العروض والقوافي في التعليل، وظهور نزعة الاستطراد عنده بطابع خاص وبمقدار.

 

وابن جني يعد ذلك بكثير في بعض ما أقلَّ منه الشيخ: يكثر من الاستشهاد بشعر المولدين في المعاني، ومن تقدير المتنبي، كما يكثر من التعليل النفسي، والاحتكام إلى طبيعة الحس في الاحتجاج.

 

ونرى ذلك التأثر متميزًا بطابعه الذي يستقل به كتاب "الخصائص"، ويجري في أصوله على سنن من هدي الشيخ، حينًا يقفي منه الآثار، وحينًا عنه بمقدار على النحو الذي سلف به البيان.



[*] استفدت في هذا المبحث من رسالة الدكتور عبدالفتاح إسماعيل شلبي "أبو علي الفارسي - حياته - ومكانته بين أئمة التفسير والعربية - وآثاره في القراءات والنحو"، المبحث السابع، حيث نقلت كلامه ببعض الاختصار والتصرف، وتبعته في ذكر المراجع والمصادر التي نقل منها من غير رجوع إليها.

[1] "الخصائص" 1/ 284.

[2] المصدر السابق 1/ 347.

[3] نفس المصدر 1/ 318.

[4] 1/ 360.

[5] نفس المصدر 1/ 459.

[6] "الخصائص" 1/ 482.

[7] 1/ 390، 394، 417، 501.

[8] 1/ 434، 563.

[9] 1/ 7.

[10] 1/ 420.

[11] 1/ 126.

[12] انظر "الخصائص" 1/ 39.

[13] انظر: 1/ 429.

[14] انظر "الإغفال" 52 يتمور تفسير: 398.

[15] "الخصائص" 1/ 261.

[16] 1/ 264.

[17] "الخصائص" 1/ 392.

[18] المصدر السابق 1/ 129.

[19] نفس المصدر 1/ 321.

[20]"الخصائص" 1/ 32، وانظر: ص9، 13.

[21] نفس المصدر 1/ 24.

[22] "الخصائص" 1/ 109، 209.

[23] انظر: "الخصائص" 1/ 25.

[24] انظر: 1/ 117، 127، 279.

[25] انظر: 1/ 336.

[26] انظر: 1/ 15.

[27] انظر: 1/ 329.

[28] انظر: 1/ 112، 113.

[29] 1/ 482.

[30] انظر "الخصائص" 1/ 155.

[31] 1/ 61.

[32] انظر 1/ 30.

[33] انظر: 1/ 73، 85، 242، 338، 464.

[34] "الخصائص" 1/ 3.

[35] انظر "الفهرست" ص78.

[36] انظر: 1/ 276.

[37] انظر: "الخصائص" 1/ 608 وما بعدها.

[38] انظر: "سيبويه إمام النحاة" لأستاذنا ص142 وما حواليها.

[39] انظر في هذه الظاهرة من كتاب "الخصائص" 1/ 21، 81، 348 وما بعدها.

[40] انظر مثلا "الشيرازيات" ص44، 52، و"الحلبيات" ص44، 45.

[41] "الخصائص" 1/ 46.

[42] "الخصائص" 1/ 80.

[43] "الخصائص" 1/ 89.

[44] نفس المصدر 1/ 317.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة