• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

نيابة الفاء عن (ثم)

نيابة الفاء عن (ثم)
د. حجاج أنور عبدالكريم


تاريخ الإضافة: 7/2/2015 ميلادي - 17/4/1436 هجري

الزيارات: 9467

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نيابة الفاء عن ( ثم )


ذهب جماعة من النحاة - منهم ابن مالك [1] - إلى أن الفاء قد تقع موقع (ثم) فتكون للمهلة، لا الاتصال والتعقيب، واستدلوا على ذلك بعدد من الشواهد، منها قول الشاعر:

1 إذا  مِسْمَعٌ   أعطتك   يوماً   iiيمينه        فعدت ضداً عادت عليك شمالها[2]

فالفاء في هذا البيت لا تفيد الاتصال والتعقيب، وإنما تدل على المهلة والتراخي بين المعطوف والمعطوف عليه.


وفي القرآن الكريم آيات عدة قد حملت فيها الفاء على أنها بمعنى (ثم) في الدلالة على المهلة والتراخي عند كثير من النحاة والمفسرين، ومن هذه الآيات قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ ﴾ [المؤمنون: 14]، فالفاءات الثلاث في (فخلقنا العلقة) وفي (فخلقنا المضغة) وفي (فكسونا) - في رأي كثير من النحاة والمفسرين[3] - بمعنى (ثم) في الدلالة على المهلة والتراخي؛ وذلك لتراخي معطوفاتها؛ والدليل على ذلك العطف بـ (ثم) في جميع مراحل خلق الإنسان في قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ﴾ [الحج: 5]، وكذلك في قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ﴾ [غافر: 67].


ومن المواضع الأخرى كذلك التي قيل فيها بمجيء الفاء بمعنى (ثم) قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحج: 63]؛ إذ يرى ابن مالك أن الفاء في (فتصبح) بمعنى (ثم) في الدلالة على المهلة[4]؛ وذلك لأن اخضرار الأرض لا يتصل مباشرة بإنزال الماء ولا يعقبه، وإنما يحتاج ذلك أو يستلزم فترة طويلة من الزمن. وقد حاول الرافضون لهذا المسلك في الفاء تأويل الآية بما لا يخرج الفاء فيها عن بابها من الدلالة على الترتيب والتعقيب، فأجابوا عنها بعدد من الوجوه: منها أن (فتصبح) معطوف على جملة محذوفة، والتقدير: أنبتنا به، فطال النبت، فتصبح. ومنها أن الفاء في الآية للسببية، وفاء السببية لا تستلزم التعقيب، أو أنها على بابها من التعقيب، بيد أن التعقيب إنما يكون في كل شيء بحسبه.


ونظير هذه الآية السابقة قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الأعلى: 4 - 5]؛ حيث يرى بعض النحاة أن الفاء في (فجعله) بمعنى (ثم) ونائبة عنها[5]؛ وذلك من جهة أن جعْلَ المرعى غثاء أحوى - أي: أسود من شدة اليبس - لا يعقب الإخراج مباشرة، وإنما يستلزم ذلك مدة زمنية طويلة. وإذا كان بعضهم يحمل هذه الآية أيضاً على العطف على جملة محذوفة، تقديرها: فمضت مدة فجعله غثاء، فإن التوجيه الأول في رأيي هو الأرجح؛ بدليل قوله تعالى: - في موضع آخر -: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ﴾ [الزمر: 21]؛ إذ جاء العطف بالفاء أولاً في (فسلكه)؛ لما كان جريان الماء في الينابيع متصلا بإنزال الماء ومعاقباً له مباشرة بلا مهلة، ثم عدل النص القرآني عن ذلك فعطف بـ(ثم) فيما تلا ذلك من مراحل خلق النبات وتطوره؛ لما كانت هذه المراحل تفصل بينها فترات زمنية متباعدة.


وقد يكون الداعي إلى استعمال الفاء بدلاً من (ثم) في الآية السابقة - كما ذكر ابن عاشور[6] - هو الإشارة إلى أن مدة نضارة الحياة للأشياء إنما تشبه المدة القصيرة، فاستعير لعطف جملة (فجعله غثاء) الحرفُ الموضوع لعطف ما يحصل فيه حكم المعطوف بعدَ زمن قريب من زمن حصول المعطوف عليه، ويكون ذلك من قبيل قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾ [يونس: 24].



[1] انظر: جامع البيان في تأويل القرآن، لمحمد بن جرير الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط 1 - 2000م، 15/ 390 - 392، والكشاف للزمخشري 2/ 388، والجامع لأحكام القرآن 9/ 66، والبحر المحيط 5/ 243.

[2] انظر: معاني القرآن للفراء 2/ 22، والجامع لأحكام القرآن 9/ 67.

[3] انظر: شرح التسهيل 3/ 354، والجنى الداني ص 62، والمغني ص 168، والهمع 3/ 195 - 196.

[4] البيت للفرزدق، انظر: ديوانه، بشرح وضبط الأستاذ: علي فاغور، دار الكتب العلمية - بيروت، ط 1 - 1987، ص 471.

[5] انظر: شرح التسهيل 3/ 354، والمغني ص 168، والبرهان في علوم القرآن 4/ 295، وهمع الهوامع 3/ 195 - 196.

[6] انظر: شرح التسهيل 3/ 354، والجنى الداني ص 62، والبرهان في علوم القرآن 4/ 295 - 296.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة