• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

غوث المكدود في جواز تذكير العدد وتأنيثه إذا حذف المعدود

أحمد بن إسحاق


تاريخ الإضافة: 9/12/2013 ميلادي - 5/2/1435 هجري

الزيارات: 59225

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غوث المكدود في

جواز تذكير العدد وتأنيثه إذا حذف المعدود

 

فلقد تتبعت المسألة في كتب أئمة اللغة والنحو؛ لأقف على آرائهم في المسألة، وهذه أقوالهم بنصها:

1- قال الصبان في الحاشية:

قوله: "(هذا إذا ذكر المعدود)؛ أي بعد اسم العدد، فلوتقدم وجُعِل اسم العدد صفة جاز إجراء القاعدة وتركها كما لو حذف، تقول: "مسائل تسع"، و"رجالتسعة" وبالعكس، كما نقله الإمام النووي عن النحاة، فاحفظها فإنها عزيزة، شرح الكافيةللسيد الصفوي، قوله: (فإن قصد ولم يذكر إلخ) أطلقه تبعًا لجماعة، وقيده السبكي بماإذا كان المعدود المحذوف لفظ أيام، وجعل حذف التاء هو الموافق لكلام العرب"[1].


• والذي وقفت عليه من كلام النووي - رحمه الله - إنما هو في حالة حذف المعدود.


2- قال الإمام النووي:

"وإنما حذفت الهاء من ستة؛ لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكَّر الذي هو دون الأحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر؛ كقوله تعالى: ﴿ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ﴾ [الحاقة: 7]، فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها، فتقول: صمنا ستًّا، ولبثنا عشرًا، ونريد الأيام، ومنه قوله تعالى: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾[البقرة: 234]؛ أي: عشرة أيام، ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا ﴾ [طه: 103]، ونقله الفرَّاء، وابن السِّكِّيت، وغيرهما عن العرب، ولا يتوقف فيه إلا جاهل وغبي"[2].


وقال النووي أيضًا:

"(ستًّا من شوال) صحيح، ولو قال: ستةً بالهاء جاز أيضًا، قال أهل اللغة: يقال: صمنا خمسًا وستًّا) وخمسة وستة، وإنما يلتزمون الهاء في المذكر، إذا ذكروه بلفظه صريحًا، فيقولون: صمنا ستة أيام ولا يجوز ستَّ أيام، فإذا حذفوا الأيام، جاز الوجهان، ومما جاء حذف الهاء فيه من المذكر، إذا لم يذكر بلفظه قوله تعالى: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]؛ أي: عشرة أيام، وقد بسطت إيضاح هذه المسألة في تهذيب الأسماء واللغات، وفي شرح المهذَّب، والله أعلم"[3].


وقال أيضًا:

وقوله صلى الله عليه وسلم: (( بست من شوال، أو ستًّا من شوال)) من غير هاء التأنيث في آخره: هذه لغة العرب الفصيحة المعروفة، يقولون: صمنا خمسًا، وصمنا ستًّا، وصمنا عشرًا، وثلاثًا، وشبه ذلك بحذف الهاء، وإن كان المراد مذكرًا - وهو الأيام - فما لم يصرحوا بذكر الأيام، يحذفون الهاء، فإن ذَكَرُوا المذكر، أثبتوا الهاء فقالوا: صُمنا ستة أيام، وعشرة أيام، وشبه ذلك، وهذا مما لا خلاف بينهم في جوازه، وممن نقله عن العرب من أهل اللغة المشهورين وفضلائهم المتقنين، ومعتمديهم المحققين: الفرَّاء، ثم ابن السِّكِّيت، وغيرهما من المتقدمين والمتأخرين، قال أبو إسحاق الزجاج في تفسير قول الله تعالى: ﴿ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234] إجماع أهل اللغة: سرنا خمسًا بين يوم وليلة، وأنشد الجعدي:

* فطُفْتُ ثَلَاثًا بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ *


ومما جاء مثله في القرآن العظيم قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا)[4].


مذهبنا ومذهب الجمهور: أن المراد عشرة أيام بلياليها، ولا تنقضي العدة، حتى تغرب الشمس من اليوم العاشر، وتدخل الليلة الحادية عشرة، ومثله قوله سبحانه وتعالى: ﴿ يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا ﴾ [طه: 103]؛ أي: عشرة أيام، بدليل قوله تعالى: ﴿ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا ﴾ [طه: 104]، قال أهل اللغة في تعليل هذا الباب: وإنما كان كذلك لتغليب الليالي على الأيام، وذلك لأن أولَ الشهر الليل، فلما كانت الليالي هي الأوائل غلبت؛ لأن الأوائل أقوى، ومن هذا قول العرب: خرجنا ليالي الفتنة، وخفنا ليالي إمارة الحَجَّاج، والمراد: الأيام بلياليها، والله أعلم[5].


2- وقال الشيخ خالد الأزهري والمرادي:

وإذا قصد بها معدود، ولم يذكر في اللفظ "فالفصيح" أن يكون بالتاء للمذكر، وبِعَدَمِها في المؤنث كما لو ذُكر المعدود، فتقول: "صمت خمسة" تريد أيامًا، و"سهرت خمسًا" تريد ليالي، ويجوز أن تحذف التاء في المذكر[6]، وحكى الكسائي عن أبي الجراح "صمنا من الشهر خمسًا"، وحكى الفراء "أفطرنا خمسًا، وصمنا خمسًا، وصمنا عشرًا من رمضان"، وتضافرت الروايات على حذف التاء من قوله صلى الله عليه وسلم: ((ثم أتبعه بست من شوال))، وبهذا يظهر ضعف قول بعضهم: ما حكاه الكسائي لا يصح عن فصيح ولا يُلتفت إليه، وقيل: لما استمر في التاريخ الاستغناء بالليالي عن الأيام، التزم في غيره بشرط أمن اللبس؛ كقوله تعالى: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]، ومنه: ((وأتبعه بست من شوال))، وقال الزمخشري: تقول: "صمت عشرًا" ولو ذكَّرْتَ لخرجت عن كلامهم، ورُدَّ بأن التذكير الأكثر الفصيح[7].


3- وقال السيوطي:

(يؤنث بالتاء ثلاثة) فما فوقها (إلى العشرة)؛ أي معها (إن كان المعدود مذكرًا مذكورًا) نحو أربعة أيامٍ، وعشرة رجال (وكذا) إن كان المعدود المذكر (محذوفًا على الأفصح)، نحو: صمت خمسة؛ أي خمسة أيام، ويجوز فصيحًا تركُ التاء وعليه: ﴿ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]، و((من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال))، وحكى الكسائي: "صمت من الشهر خمسًا"[8].


4- وقال السمين الحلبي:

المعدود المذكر متى ذُكر وجب لحاق التاء في عدده، وإذا حُذِف لفظًا، جاز في العدد الوجهان: ذِكْرُ التاء وعدمها، حكى الكسائي: "صمنا من الشهر خمسًا"، ومنه الحديث: و((أتبعه بست من شوال))، وقال آخر:

وإلا فسيرى مثلَ ما سار راكبٌ
تيمَّمَ خمسًا ليس في سَيره أَمَمْ

 

نص النحويون على ذلك، قال الشيخ[9]: فلا يحتاج إلى تأويلها بالليالي، ولا بالمدد، كما قدره الزمخشري والمبَرِّد على هذا، قال: وإذا تقرر هذا فجاء قوله: "وعشرًا" على أحد الجائزَيْن، وإنما حسُن حذف التاء هنا؛ لأنه مقطع كلام فهو شبيه بالفواصل، كما حسن قوله: ﴿ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا ﴾ [طه: 103] كونه فاصلةً، فقوله: "ولو ذكَّرْتَ لخرجت من كلامهم" ليس كما ذكر، بل هو الأفصح، وفائدة ذكره {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} [طه: 104] بعد قوله: ﴿ إِلَّا عَشْرًا ﴾ [طه: 103] أنه على زعمه أراد الليالي، والأيام داخلةٌ معها، فقوله ﴿ إِلَّا يَوْمًا ﴾ [طه: 104] دليل على إرادة الأيام، قال الشيخ: وهذا عندنا يدل على أن المراد بالعشر الأيامُ؛ لأنهم اختلفوا في مدة اللُّبث، فقال بعضهم: "عشرًا" وقال بعضهم: "يومًا" فدل على أن المقابل باليوم إنما هو أيام؛ إذ لا يحسن في المقابلة أن يقول بعضهم: عشر ليال، فيقول البعض: يوم[10].

 

وقال في موطن آخر عند قوله تعالى: {﴿ يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا ﴾ [طه: 103].

 

وقوله: ﴿ إِلَّا عَشْرًا ﴾ [طه: 103] يجوز أن يراد الليالي، فحذْفُ التاء من العدد قياس، وأن يراد الأيام فيسأل: لم حذفت التاء؟ فقيل: إن لم يذكر المميز في عدد المذكر جازت التاء وعدمها، سُمِع من كلامهم: "صمنا من الشهر خمسًا" والْمَصُوم إنما هو الأيام دون الليالي، وفي الحديث: ((من صام رمضان وأتبعه بست من شوال)) وحسن الحذف هنا لكونه رأس آية وفاصلة[11].


5- وقال السبكي:

حذف التاء إنما جاء عند حذف المعدود المذكر، إذا كان المعدود هو الأيام خاصة دون ما سواها من المذكر؛ كقوله تعالى: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]، وكقوله تعالى: ﴿ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا ﴾ [طه: 104]، فليس المراد في الاثنين عشْرَ ليالٍ بل عشرة أيام، أو عشر ليال بأيامها، وغُلِّب المؤنث على المذكر، وكقوله صلى الله عليه وسلم: ((بست من شوال))، ومثله ما حكاه الكسائي: "صمنا من الشهر خمسًا"، والصوم إنما يكون في الأيام دون الليالي.


وقال الزمخشري في قوله تعالى: ﴿ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]: وقيل: عشرًا؛ ذهابًا إلى الليالي، والأيام داخلة معها، ولا تراهم قد يستعملون التذكير فيه، ذاهبين إلى الأيام، تقول: صمت عشرًا، ولو ذكَّرْتَ خرجت من كلامهم.


وهذا الذي قاله الزمخشري يوافقه ما قاله سيبويه؛ فإنه قال: "وتقول: سار خمس عشرة مِنْ بين يوم وليلة؛ لأنك ألقيت الاسم على الليالي، ثم بيَّنت فقلت: من بين يوم وليلة، ألا ترى أنك تقول: لخمس بَقِينَ أو خَلَوْن، ويعلم المخاطب أن الأيام قد دخلت في الليالي، فإذا ألقي الاسم على الليالي اكتُفِي بذلك عن ذكر الأيام، كما تقول: أتيته ضحوة وبكرة، فيعلم المخاطب أنه ضحوة يومك وبكرة يومك، وأشباه هذا في الكلام كثير، فإنما قوله: من بين يوم وليلة، توكيد؛ لأنه قد علم أن الأيام فاضلة على الليالي".


ثم قال سيبويه: "وقد يجوز في القياس خمسة عشر من بين يوم وليلة، وليس بِحَدِّ كلام العرب".


هذا كلام سيبويه، وإنما قلت: إنه يوافق كلام الزمخشري؛ لأن من ثلاث عشرة إلى تسع عشرة مثل من الثلاث إلى العشر في حذف التاء من عدد المؤنث، وإثباتها في عدد المذكر، وحذف المعدود من أحدهما كحذفه من الآخر، والمراد من الحذف ألا يضاف إليه لفظًا، وهو حاصل في مثال سيبويه، وقد نص على حذف التاء، وقال: إن إثباتها قد يجوز في القياس، وليس بحد كلام العرب، فخرج من كلامه وجهان: الفصيح: حذف التاء، وهو الذي قاله الزمخشري، وغير الفصيح: إثباتها، وهو الذي قال الزمخشري: إنه خارج من كلامهم - أي المسموع - وهو موافق لكلام سيبويه أيضًا.


وقال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم: ((بست من شوال)): إنما حذفت الهاء من ستة؛ لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر؛ كقول الله تعالى: ﴿ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ﴾ [الحاقة: 7]، فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر، فيجوز إثبات الهاء وحذفها، فتقول: صمنا ستًّا، ولبثنا عشرًا، وتريد الأيام، ونقله الفرَّاء، وابن السِّكِّيت، وغيرهما عن العرب.


*هذا كله في الأيام والليالي، أما إذا كان المعدود مذكرًا أو مؤنثًا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر، وحذفها في المؤنث، ذَكَرْتَ المعدود أو حذفته، قال تعالى: ﴿ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 15]، وقال تعالى: ﴿ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ [الكهف: 22]، وقال تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ ﴾ [المجادلة: 7]، وقال تعالى: ﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَر ﴾ [المدثر: 30]، وقال تعالى: ﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ﴾ [الواقعة: 7]، فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكَّر، وقد حُذِف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة، وأتي به موصوفًا في الخامسة، وثبتت التاء في جميع ذلك، وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 17]، والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل، ولا يكاد يُقْدَرُ عليه.


وبالجملة تلخص أن في غير الأيام نُثْبِتُ التاء في المذكر، حذفْتَ المعدود أو أثبتَّه، والقول بحذف التاء فيه إذا حذف المعدود لم يتحققه من العرب، ولا صرح به أحدٌ من العلماء غير إطلاق ابن عصفور، وليس بصريح تُبنى عليه قاعدة[12].


6- وقال الفيومي:

[فصل العدد]

(فصل) تقول: رجل واحد وثان وثالث إلى عاشر، وامرأة واحدة وثانية وثالثة إلى عاشرة، فتأتي باسم الفاعل على قياس التذكير والتأنيث، فإن لم يكن اسم فاعل وقد ميزت العدد أو وصفت به أتيت بالهاء مع المذكر، وحذفتها مع المؤنث على العكس، فتقول ثلاثة رجال، ورجال ثلاثة، وثلاث نسوة، ونسوة ثلاث، إلى العشرة[13].


8- وقال الكفوي:

إذا كان المعدود مذكرًا وحذفته فلك وجهان: أحدهما وهو الأصل: أن تُبْقِيَ العدد على ما كان عليه لو لم تحذف المعدود، تقول: "صمت خمسة" تريد خمسة أيام، والثاني: أن تحذف منه كلمة التأنيث[14].


9- وقال الشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد في حاشيته على الإنصاف في قول الشاعر:

وقائعُ في مضرَ تسعةٌ
وفي وائل كانت العاشرة

 

محل الاستشهاد من البيت قوله: "تسعة" فإنه أنث اسم العدد، والمعدود به مؤنث، ومن حق العربية عليه أن يأتي باسم العدد مذكرًا فيقول: "وقائع في مضر تسع" إلا أن العرب تطلق على الموقعة "اليوم" ويقولون: "أيام العرب" وهم يريدون مواقعها؛ فلذلك أنث اسم العدد؛ لأنه أراد بالوقائع الأيام، والأيام مذكَّرة، هذا بيان كلام المؤلف وإيضاحه، ولي في هذا الموضوع رأي يصير به كلام الشاعر صحيحًا من غير حاجة إلى تأويل، ولا حملٍ على المعنى، وملخص هذا الرأي أنك في ذكر العدد ومعدوده إما أن تذكرهما على طريقة العدد، فتضيف اسم العدد إلى معدوده فتقول: عندي عشرة رجال أولي بأس، وعندي عشر نساء ذوات خفر، وفي هذه الحال يجب مراعاة ما قاله النحاة في باب العدد، فتذكر اسم العدد مع المعدود المؤنث، وتؤنث اسم العدد مع المعدود المذكر، كما سمعت في المثالين، وإما أن تأتي بالعدد ومعدوده على طريق الوصف، فتقول: هؤلاء رجال عشر، وأولئك نساء عشرة، وفي هذه الحال يتنازعك أصلان: أحدهما أصل العدد ومعدوده الذي بينَّاه، وثانيهما النعت ومنعوته، وهذا يستلزم تأنيث النعت إذا كان منعوته مؤنثًا، وتذكير النعت إذا كان منعوته مذكَّرًا، وأنت بالخيار بين أن تستجيب لأيِّ الأصلين، نعني أنه يجوز لك أن تراعي قاعدة العدد والمعدود، فتذكر اسم العدد مع المعدود المؤنث فتقول: النساء العشر، وتؤنث العدد مع المعدود المذكر، فتقول: الرجال العشرة، ويجوز لك أن تراعي قاعدة النعت مع منعوته، فتُذَكِّر اسم العدد مع المنعوت المذكر فتقول: الرجال العشر، وتؤنِّث مع المؤنث فتقول: النساء العشرة، وعلى هذا يكون قول الشاعر: "وقائع في مضر تسعة" قد جاء على أحد الطريقين الجائزين له، وهو طريق النعت مع منعوته[15].


10- وقال أحمد مختار عمر:

اشتريت أقلامًا عشرة [فصيحة]- اشتريت أقلامًا عشرًا [صحيحة].


أجاز مجمع اللغة المصري - عند تقديم المعدود وتأخير العدد- المخالفة في التذكير والتأنيث إعمالاً لقاعدة العدد، والمطابقة إعمالاً لقاعدة النعت[16]،[17].


11- وقال عباس حسن:

وأن ثلاثة، وعشرة وما بينهما - وكذلك كلمة: بضع وبضعة- تلحقها تاء التأنيث إن كان المعدود "التمييز" مذكرًا، وتتجرد من تاء التأنيث إن كان المعدود "التمييز" مؤنثًا، فالعدد في هذا القسم مخالف للمعدود تذكيرًا وتأنيثًا، ويشترط لتحقق هذه المخالفة شرطان:

• أن يكون المعدود مذكورًا في الكلام.


• وأن يكون متأخرًا عن لفظ العدد، نحو: ثلاث عيون، أربعة قلوب، خمس أصابع، ستة رؤوس، سبع رقاب، ثمانية جلود، تسع أقدام، عشرة ظهور، فإن لم يتحقق الشرطان معًا بأن كان المعدود متقدمًا، أو كان غير مذكور في الكلام، ولكنه ملحوظ في المعنى يتجه الغرض إليه، جاز في لفظ العدد التذكير والتأنيث؛ نحو: كتبت صحفًا ثلاثًا، أو ثلاثة، صافحت أربعةً أو أربعًا[18].


النتيجة:

1- جواز التذكير والتأنيث في العدد إنماهوفيحالةحذفالمعدود:

وهذا كلام الأئمة المتقدمين خلافًا للصبان؛ حيث قاس على حذف المعدود تقدُّمَ المعدود وتأخرَ العدد، وعزا ذلك للنووي، والذي وقفتُ عليه من كلام النووي - رحمه الله - إنما هو في حالة حذف المعدود، ذكره عند شرح حديث "بِسِتٍّ من شوال" وقد نقلنا نصوصه.


وخلافًا للشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد، وقد قدمنا نص كلامه في حاشيته على الإنصاف وقال أيضًا في حاشية أوضح المسالك:

الصورة الثانية: أن تذكر المعدود ثم تصفه باسم العدد، وهذه الصورة تتجاذبها قاعدتان: الأولى: قاعدة العدد مع المعدود، وهي تقتضي تأنيث العدد مع المعدود المذكر وعكسه، فتقول تطبيقًا لها:  عندي رجال ثلاثة، وعندي فتيات ثلاث، والقاعدة الثانية قاعدة الصفة مع الموصوف وهي تقتضي موافقة الصفة للموصوف في التذكير والتأنيث، فتقول تطبيقًا لها: عندي رجال ثلاث، وعندي فتيات ثلاثة، فلما تجاذبت هذه الصورة قاعدة العدد مع المعدود وقاعدة النعت مع المنعوت جاز لك أن تراعي الأولى فتؤنثَ العدد مع المعدود المذكَّر، وتذكِّر العدد مع المعدود المؤنث، وجاز لك مراعاة الثانية فتذَكِّر العدد مع المعدود المذكر، وتؤنث العدد مع المعدود المؤنث؛ اهـ.


2- ليس من مستند لهذا القول من كلام العرب - فيما أعلم - إلا الاستدلال بالشاهد الشعري، وهو قول الشاعر:

وقائع في مُضرَ تسعة
وفي وائل كانت العاشرة


فـ: "وقائع" و"تسعة" كلاهما مؤنث، مراعاة لقاعدة النعت مع المنعوت، وهذا شاهد وحيد على الجواز، مع ما يرِدُ عليه من احتمال الضرورة.


كما أن كثيرًا من العلماء حمله على المعنى لتأويله بمذكر فقال "تسعة" ولم يقل "تسع"؛ لأنه حمل الوقائع على الأيام، فيقال: هو عالم بأيام العرب، يريد وقائعها.

 

3- مراعاة المخالفة - وفقًا لقاعدة العدد مع المعدود - هي اللغة الفصحى التي لا خلاف في صحتها، وهي كثيرة في شواهد اللغة، ومنها في حالة تقدم المعدود، وتأخر العدد قوله تعالى:

• ﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ﴾ [الزمر: 6].

• ﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ﴾ [الواقعة: 7] أزواجًا بمعنى: أنواعًا وضروبًا[19].

• ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ﴾ [الإسراء: 44].

• ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [المؤمنون: 86].

• ﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 2].


4- أما وجه الموافقة مراعاةً لقاعدة النعت مع المنعوت فليس له سوى شاهد واحد مع ما فيه من الاحتمال، ومعلوم أن "الدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال"، فغايته أن يكون جائزًا، لكن الوجه الآخر أصحُّ منه وأفصح، والله أعلم.


5- الكثير الأغلب في حالة حذف المعدود، مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر، وحذفها في المؤنث، كحالته عند ذكر المعدود، ومن شواهد ذلك قوله تعالى:

• ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ [الكهف: 25]؛ أي: تسع سنين.


• ﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ﴾ [البقرة: 196].


• ﴿ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ [الكهف: 22].


• ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ ﴾ [النور: 45]؛ أي: "أرجل"، والرِّجْلُ مؤنثة.


• ﴿ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 15].


• ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ [التوبة: 36].


• ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ﴾ [يوسف: 43].


• ﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ﴾ [يوسف: 46].


• ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ ﴾ [يوسف: 48].


• ﴿ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ﴾ [النبأ: 12].


• ﴿ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 17].


• ﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ [المدثر: 30].


• ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام: 160]؛ أي: فله عشرُ حسناتٍ أمثالها.


• ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ﴾ [القصص: 27].


• ﴿ وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ﴾ [الأعراف: 142].


6- ولك أيضًا المطابقة بين العدد والمعدود المحذوف تذكيرًا وتأنيثًا على أحد الجائِزَيْن عند حذف المعدود، وهو أقل من الحالة الأولى.


ومن شواهد ذلك قوله تعالى:

• ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]؛ أي: عشرة أيام، فأتى بالعدد مذكرًا مع أن معدوده المحذوف مذكر.


• ﴿ يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا ﴾ [طه: 103].


• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان، ثم أتبعه بستٍّ من شوال، كان كصوم الدهر)).


والله الموفِّق للصواب، وإليه المرجع والمآب، واللهَ - سبحانه وتعالى - أسأل أن يجعلنا ممن إذا دُعِي أجاب، وإذا كتَب أو تحدث أصاب، وأن يرزقنا فهم الحكمة وفصل الخطاب، وأن يصليَ على سيدنا وقدوتنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله والأصحاب، وتابعيهم إلى يوم المآب، وآخر دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين، آمين.



[1] - حاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك (4/87).

[2] - تحرير ألفاظ التنبيه (1/128) - أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي - ت/ عبدالغني الدقر، دار القلم - دمشق - ط/ الأولى.

[3] - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (8/57) - النووي - ت: 676هـ - ط/الثانية.

[4] هكذا في الأصل، والصواب: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234].

[5] - الكتاب: المجموع شرح المهذب (6/378)- النووي - دار الفكر.

[6] - شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو (2/448) - الشيخ خالد الأزهري، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - ط/ الأولى.

[7] - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك (3/1318)- ابن قاسم المرادي - ط/ الأولى.

[8] - همع الهوامع في شرح جمع الجوامع (3/253) - جلال الدين السيوطي.

[9] - يقصد أبا حيان.

[10] - الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (2/480) - السمين الحلبي - دار القلم، دمشق.

[11] - المصدر السابق (8/104)

[12] - إبراز الحكم من حديث رُفِع القلم (1/32 وما بعدها) - السبكي (المتوفى: 756هـ)، دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، ط/ الأولى.

[13] - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/704)- الفيومي (المتوفى: نحو 770هـ)- المكتبة العلمية - بيروت.

[14] - الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية (1/1016) - الكفوي (المتوفى: 1094هـ)، مؤسسة الرسالة - بيروت.

[15] - الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين والكوفيين (2/هامش صـ634) - كمال الدين الأنباري (المتوفى: 577هـ)، ت: محمد محيي الدين عبدالحميد - المكتبة العصرية، ط/ الأولى.

[16] - معجم الصواب اللغوي دليل المثقف العربي (1/65) - أحمد مختار عمر، عالم الكتب، ط/ الأولى.

[17]- أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب والإذاعيين ص: 123- أحمد مختار عمر- عالم الكتب - ط/1.

[18] - النحو الوافي (4/537) - عباس حسن ، دار المعارف

[19] - انظر تفسير الطبري.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة